23 نوفمبر، 2024 4:42 ص
Search
Close this search box.

لسنا السبب يا ” حكماء ” !

لسنا السبب يا ” حكماء ” !

بعد أن أستهلكت شماعة الإمبريالية العالمية والصهيونية والمؤامرة على الإسلام والعرب ، التي إستخدمها ليس فقط سياسيونا في مواقع القرار ، بل حتى أنظمة بكامل ” هيبتها ” وأجهزتها ، لتبرير الهزائم المخزية لها ولتجاربها السياسية المتخمة بتغييب صوت الناس وغياب الدولة العادلة وتثبيت أنظمة دكتاتورية ثبت لنا فيما بعد إنها نمور من ورق !
بعد هذ الإستهلاك منذ عصر تأسيس الدول العربية برعاية سايكس- بيكو وحتى الإنتفاضات العشوائية للشعوب العربية تحت يافطة ماسميّ بالربيع العربي ، الذي سرقته قوى الإسلام الراديكالية لتحوله إلى الجحيم العربي ، فتساقطت دول ودمّرت مدن وساح دم كثير ،والحصيلة المزيد من الخراب وضياع المستقبل ، نقول بعد هذا الاستهلاك، نقف اليوم على إستهلاك من نوع آخر !
الكثير من متنفذي العملية السياسية في هذي البلاد المتخمة بغبائهم ، يروجون اليوم بكل صلافة ،بأن المواطن هو من يتحمل وزر مايجري في البلاد ، والسبب ، حسب تنظيراتهم ، إن هذا المسكين هو من ذهب ويذهب إلى صناديق الإقتراع ليأتي ” بنا ” مجدداً أو بأمثالنا بإختلاف الأسماء وصمود التوجهات نفسها !
تهمة جاهزة وسهلة الإستخدام لكنها عصيّة على المرور مرور الكرام كما يقال!
جردة بسيطة وغير متعمقة لموقف الشارع من هذه الطبقة الرثّة والفاسدة ، ودون الكثير من التفاصيل ، تذهب بعكس مايدّعون تماماً ، بإستثناء سنوات الفوران الأولى لما بعد التغيير في التاسع من نيسان 2003 التي ساقوا فيها الجماهير وراء الولاءات الطائفية المقيتة ، والتي علينا الإعتراف الشجاع بأن غالبية الجمهور إنساق لها لأسباب معروفة لامجال لذكرها هنا ، ليس أقلها تأثيراً خطابات المظلومية التأريخية بالنسبة للشيعة والخوف من المسقبل بالنسبة للسنّة !
في إنتخابات 2010 سقطت نصف المعادلة بفوز القائمة العراقية التي يرأسها شيعي هو أياد علاوي وبرائحة سنيّة على علمانية متنوعة ، لكن الثروة والسلاح والسلطة أعادت المعادلة إلى نقطة الصفر ، وبقينا في هذه النقطة حتى اللحظة !
الجمهور الذي يشتكي منه السياسيون بإعادة تدوير النفايات ، أجلى عن موقفه من سياقات المشهد السياسي بعد 2010 فتحرك الشارع في محافظات الوسط والجنوب والغرب ليعلن رفضه لتكوينات المشهد وإتجاهاته، فكانت إنتفاضة ساحة التحرير في بغداد 2011 التي واجهها المالكي بالرصاص الحي وخرافة المندسين ، وشهدت المحافظات الغربية إنتفاضة المطالب المشروعة 2013 قبل أن تسرقها أيضاً قوى الإرهاب مستغلة سوء التعامل معها من بغداد السلطة ، وإستمرت الجمع والأسابيع في ساحات المحافظات محتجة على الطبقة السياسية برمتها وتقدمت مطالبيها من الخدمية إلى إستهداف السلطة نفسها وليس الدولة على ضعفها وهزالها ، والشعارات كانت واضحة وجلّية ومفهومة..
ونفس الجماهير واصلت إحتجاجاتها المتنوعة ضد هذه الطبقة السياسية الفاسدة والتي أغرقت البلاد بحروب داخلية كانت فاتورتها غالية الثمن..
حراك جماهيري رافض ومزاج مغاير لسنوات الفوران ، بعيداً عن الطائفية والولاءات الحزبية ، وليس أدل على ذلك من إنتفاضة البصرة 2018 التي أحرقت مقرات الأحزاب الشيعية التي تدّعي تمثيلها له والتي أغرقته بالفقر والمرض والجهل والأمية وقوافل الشهداء !
في إنتخابات 2018 قالت هذه الجماهير قولتها فقاطع الإنتخابات نحو 20 مليوناً من العراقيين الذين يحق لهم الإنتخاب من مجموع 24 مليوناً !!
فيما تم تزوير إرادة الأربعة ملايين التي “إنتخبت “، وقصة التزوير واحدة من فضائحيات هذه الطبقة السياسية والأخلاقية معاً ، التي إشترت وأحرقت وزوّرت وأفسدت، لتنتج لنا أيضاً نسخة مكررة من النعجة دولي المتخمة بأمراض الإستنساخ المعروفة !
يعني إن 75% ممن يحق لهم الإنتخاب غير موافقين على الجالسين على مقاعد البرلمان والعاجزين عن تشكيل حكومة قادرة على الإستجابة للنزر اليسير من الشعارات التي رفعتها هذه الحثالات قبل الإنتخابات !
فكيف يكون المواطن هو المسؤول عن وجودهم في هرم السلطتين ، التشريعية النائمة والتنفيذية المشلولة !
وكيف لايكون التزوير مسؤولا عن هذا الهجين الذي أصر على بقاء المحاصصة والتكالب على الكراسي ؟
التزوير الذي قامت به الأحزاب المتنفذه التي طالما إشتكت من التزوير نفسه !
ولكن من قام به ؟
هذه الخدعة الساذجة تشبه خدعة السّحرة بإدخال الفيل من خرم الأبرة !
والسؤال :
ما الحل ؟
والجواب من شقّين :
إما بسيناريو أميركي جديد مشابه لما حصل عام 2003 وليس مطابقاً له فالتأريخ لايعيد نفسه إلا كمهزلة ، أو أن تتخلى الجماهير عن حراكها المحدود وتعلن القطيعة التامة مع هذه الطبقة الفاسدة والموبوءة بالأمراض رافضة التعايش معها بالشروط الادنى !
قد يتهمنا البعض بالطوباوية السياسية أو الإرادوية ، لكننا نحيلهم الى تجارب الشعوب التي قالت كلمتها في لحظة التقاطع النهائي ، بين طبقة لم تعد قادرة على العيش بنفس الطريقة السابقة وجمهور لم يعد قادراً هو الآخر على البقاء تحت حكم ” الحكماء ” !!

أحدث المقالات

أحدث المقالات