23 ديسمبر، 2024 9:59 م

الاستقرار المفقود

الاستقرار المفقود

عانى العراق منذ  تأسيس الدولة العراقية الحديثة من ظروف استثنائية لاسبيل لحصرها لأنها شملت جميع جوانب الحياة, واثرت على حياة المواطن,تارة بصورة مباشرة واخرى غير مباشرة, فأثرت اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً,بل انها امتدت لتشمل البعد الاخلاقي لمجموعة لايستهان بها من فئات المجتمع العراقي .
فضاع العراق بين الانقلابات العسكرية لطلاب السلطة,أوبين حروب لاتبفي ولاتذر مع دول الجوار.
وكان من الطبيعي ان تكون نتيجة تلك الاحداث التي صاحبتها الدماء هو عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي,وانهيار في جميع مرافق الدولة ككيان ووطن, خصوصاً وان العراق كان يُحكم من قبل الطواغيت الذين تعاقبوا عليه وهم يحكمون البلد بالنار والحديد,مما جعل العلاقة التي تربط المواطن بالوطن ضعيفة للغاية هذا ان وجدت,فأصبحت النتيجة محتومة لهذه المعادلة (حاكم مستبد+دولة لم تقدم شيئاً لمواطنيها=مواطن بلا وطن) او على الاقل هذا هو الشعور السائد بين ابناء هذا (الوطن) اذا صح التعبير!!! .
وبعد سقوط الصنم في 2003 ساد شعور الطمأنينة في معظم ارجاء الوطن واخذ العراقيون يتغنون(بلادي وإن جارت عليّ عزيزةٌ),ويركب السياسيون الجدد الموجة وهم يرددون في كل صباحٍ ومساء كلمات رنانة عن الوطن وكيف يكون الانسان وطني, وكأنما هؤلاء الساسة آتوا من السماء لتعليم الناس على حب الوطن وهم ينظرون الى العراقيين البسطاء على انهم اناس يسكنون في ادغال افريقيا.
انطلت الخدعة على الشعب المسكين الذي اغفل المثل المعروف(الوطنية فضيلة الفاسدين) حتى ذاق مرارة هؤلاء السياسيين الذين عاثوا في خيرات البلاد الفساد ولكن لات حين مناص.
ومع قرب الاستحقاقات الانتخابية المختلفة في العراق لايوجد اسهل من الشعارات لدى هؤلاء الساسة بما اننا في بلد الشعارات,فمرة يمثلون انفسهم بالامام الحسين(عليه السلام) لأنهم مظلومين ومرة اخرى بالمختار الثقفي الطالب بثارات كربلاء.
والاكيد ان هذه الشعارات تحرك المشاعر والقلوب خصوصاً بيننا نحن اتباع اهل البيت(عليهم السلام), لكننا يجب ان نتعلم من سيد الوصيين ويعسوب الدين(عليه السلام) حين فضح اعدائه عندما رفعوا القرأن على اسنة الرماح وبين غاياتهم الخبيثة.
وبغض النظر عن الشعارات التي ترفع هنا وهناك ايام الانتخابات لكننا نشاهد في اغلب الكتل السياسية الموجودة على الساحة العراقية تخبطاً واضحاً وانقلاب المواقف من النقيض الى النقيض, وهذة الحالة اشرت بوجود حالة من فقدان الاستقرار في الرؤى السياسية للكتل المعنية تجاه القضايا المصيرية للشعب العراقي .
لذا فان الاستقرار المفقود في هذا البلد على كافة المجالات والتي أشرنا اليها في بادئ الامر لايمكن ان يتم معالجته ووضع الحلول الممكنة له في كتل ليس لديها موقف مبدئي ثابت بل هي تتلون مثل الحرباء ولاتستقر على موقف, ولنضفي على الموضوع شاهداً ومثلاً, عندما تم الغاء البطاقة التموينية من قبل مجلس الوزراء لأسباب لايمكن وصفها الا بالتافهة ومن ثم التراجع عن ذلك في اليوم التالي لمساس القرار بحياة شريحة كبيرة من الناس!!!!.
والطامة الكبرى هو قرار تعديل قانون المسائلة والعدالة بحيث يُسمَح للبعثيين ومن هم اعضاء فرق في حزب البعث المقبور من تولي وظائف رفيعة في الدولة تصل الى درجة مدراء عامين في دوائر الدولة, ووبالتأكيد كان يجب اعطاء هذا اليوم صفة مميزة وخاصة, وهنا تُسكب العبرات, لانه تم اقرار رجوع البعثيين وفدائيي صدام في 7/4/2013 اي ذكرى تأسيس حزب البعث الفاشي, ولا اداري هل هي هدية عيد الحزب ام ان المالكي ووزرائه ومن دار في فلكه يعتزمون انصاف الجلاد ومكافئته بحجة استعادة الاستقرار للعراق ام سيتراجع كما يفعل كل مرة وبحجة انصاف المظلوم, ولكنه في جميع الاحوال يكون فاقداً للاستقرار.