الشرعية الدولية او السيادة ظهرت منذ بروز الدولة الحديثة في التاريخ الحديث و ظهور المجتمعات البشرية وكياناتها السياسية الأولى وتعني الالتزام بمجموعة المبادئ والقوانين التي تحكم وتوجّه العلاقات الدولية من خلال هيئة الأمم المتحدة وبما تصدره هيئاتها المكلفة بحفظ السلم والأمن العالميين وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي من مهمة وهي صفة او نظام مؤسس على مرتكزات قانونية أو أخلاقية أو قيمية ينعقد حولها إجماع مجموعةٍ معينة أو أغلب أفرادها نظرا لما يجمع بينهم من تلك الأسس وما توفره من إنصاف وعدالة في تنظيم المعاملات بينهم وحماية حدودٍ دنيا من الحقوق لكل واحدٍ منهم ، أساسها في الطابع التوافقي التعاقدي للقوانين الدولية والمعبر عنه في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تَعتمدها الدول وتوافق عليها وتلتزم بتطبيقها بحكم أنّ الدولة هي المخاطب الرئيسي بالقانون الدولي العام .
مصطلح (الشرعية الدولية ) يقصد بها وجوب تطبيق قواعد القانون الدولي العام على سائر التصرفات التي تصدر عن الأشخاص المخاطبين بهذا القانون وهم أساسا الدول والمنظمات الدولية. ومصادر الشرعية الدولية هي مصادر القانــون الدولي نفسها التي حددتها المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وهي: 1 – الاتفاقيات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من جانب الدول المتنازعة. 2 – العرف الدولي المقبول بمثابة قانون كما دل عليه تواتر الاستعمال. 3 – مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة. 4 – أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم كمصدر احتياطي لقواعد القانون, وذلك مع مراعاة المادة (59) التي تنص على أنه لا يكون للحكم قوة الالتزام إلا بالنسبة لمن صدر بينهم وفي خصوص النزاع الذي فصل فيه. ولا يترتب على نص المادة (38) سالفة الذكر أي إخلال بما لمحكمة العدل الدولية من سلطة الفصل في القضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف .
أن عدم تنفيذ وضمان تنفيذ قرارات الشرعية الدولية . ما يترتب عليها من جرائم تفرض على المجتمع الدولي وفي مقدمته مجلس الأمن الدولي والمنظمات الأممية المختصة، الخروج من حالة التقاعس واللامبالاة إن لم تكن هناك تواطؤ في تنفيذ القرارات الأممية كما ان تعطيل الشرعية الدولية بالفيتوهذا النمط من الاحتيال الذي لا يليق بدولة تحترم نفسها. وهذا الخروج على الشرعية الدولية الذي يخضع تطبيق قرارٍ أصدرته لموافقة الجهة التي صدر ضدها تسبب في ضرب مصداقية المواقف الدولية والدول التي تدعي الحرص على مبادئ حقوق الإنسان وتحقيق السلام في العالم وما نشاهده نحن اليوم أنّ الشرعية الدولية اصبحت تخدم الأجندات السياسية للقوى المهيمنة، وهو ما لا غرابة فيه إذا ما أخذنا في الحسبان أنّ هذه القوى أنشأت النظام الدولي لخدمة مصالحها وتكريس هيمنتها على العالم مع تدبير سلمي لخلافاتها وطموحاتها المتباينة .
لاشك ان امتلاك خمسة أعضاء في المنظمة الدولية لحق النقض ( الفيتو ) مثل امريكا وروسيا والصين اضافة لبريطانيا وفرنسا تعطل مؤسساتها عبر إعطاءها هذه الحق المغبن لبقية الدول و ينفي أية سلطة فعلية للأعضاء غير الدائمين فيه ، ويجعل من مجلس الأمن محفلا لإبراز توافق الأعضاء الدائمين أو خلافهم ، أي لا ينفع على الإطلاق، إلا من حيث الرمز الهلامي ومنها الولايات المتحدة الامريكية وثقافتها بمجملها تقلل من شأن الشرعية الدولية، وأصبحت القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية الحاكمة الاولى، تآكل مفهوم الشرعية الدولية، وعادت الأمم المتحدة لتكرر تجربة عصبة الأمم، وتتحول الى ساحة لصراع الكبار وتفقد أي دور جدي لها كشرعية دولية تحترم أساس ميثاقها والقانون الدولي رغم أنها هي أحد الأطراف المقررة لهذه الشرعية ، بل الطرف الأول في غطرسة الأقوياء ومحاولاتهم لاحكام سيطرتهم على العالم ، ولو اخذنا النموذج في العراق فمنذعام 2003 حين نفذت الولايات المتحدة الأمريكية جريمة دخولها لهذا البلد خارج نطاق الشرعية الدولية ورغم المعارضة الأممية الواسعة لهذه الجريمة ، فإن الهدف الرئيسي والاستراتيجي لهذه السياسة المتهورة تجاه هذا البلد هو إعادته عشرات السنين إلى الوراء وتدمير كل مقومات النهضة التعليمية والصحية والعلمية التي بناها على مدى عدة عقود بدعم من دولة عدوانية الطبع ورجعية المفاهيم للسيطرة على خيراته وهذا ما تحقق بالفعل حيث نجد العراق يرفل إلى يومنا هذا بالكم الهائل من الأزمات الاقتصادية والسياسية والمعيشية والاجتماعية بل والدينية ليتشبث بالدول الاخرى لبناء من تم تخريبه من بنيته التحتية والحضارية والتي خلفتها المجموعات الارهابية مثل القاعدة وداعش وغيرها وادت الى خلخلة نظامه القومي والمذهبي والاجتماعي والسياسي واختراق سيادته .و نرى في نفس الوقت أن بعض الثقافات السياسية المتحجرة لبعض الدول اعطت لها هذه الشرعية ، وإن لم تجن منها قط ما يبرر هذا التثمين و رغم انها تطير في هواء هامشي وعلى جناح موهوم .