يخضع الإنسان إلى الكثير من التناقضات الطبقية، وهو بطبيعة الحال ميالاً لحب الذات و الاستئثار بالملكية الفردية وقد تصل به إلى الحد الذي يقدمها على المصلحة العامة للمجتمع أو أبناء جلدته، و أمام تلك الحقائق التي لا يمكن التغاضي عنها، و عن نتائجها التي قد لا يُحمد عقباها فإن العديد من الأنظمة التي جاءت لتفسر حقيقة هذه التناقضات، و حب الذات و العلاقات القائمة بينها و بين المشاكل الاجتماعية التي يعيشها العالم أجمع، فكان النظام الماركسية إحدى تلك الأنظمة التي تطرقت في هذا المجال، و كشفت عن نظرتها لمقدمات هذه القضايا المصيرية الإنسانية، و وضعتها على طاولة البحث و التحقيق عن حيثيات الأسباب التي أدت إلى ظهور التناقضات و الشغف بغريزة حب الذات و تقديمها حتى على المصلحة العامة، فهذا النظام قدَّم نظرته حول طبيعة حب الذات و التناقضات الطبقية و علاقتهما بالمشاكل الاجتماعية التي يقبع في محيطها الإنسان وقد رجحت الماركسية ظهور هذه العلاقة المتباينة بينهم إلى جعل العمل الجماعي و النظرة الجماعية بدلاً من التناقضات و حب الغريزة الشخصية و الملكية الفردية كي تكتمل خارطة طريق سير الحياة بالشكل الأمثل و بما يحقق النظام الصحيح و الحياة الكريمة لكل أفراد المجتمع، لكن في الحقيقة هذا التفسير لحب الذات و النظرة لما خلفه من نتائج جاءت عكس ما تشتهيه السفن، فالماركسية بوصفها نظام جديد على المعمورة فإن نظرتها تلك لأصل المشكلة لم تعطِ الحلول الجذرية بغية الخلاص من أصل المعضلة التي تعاني منها البشرية جمعاء فهي أشبه بالتفسير المقلوب و إلا فكيف نستطيع أن نصدق بأنَّ حب الذات وليد الملكية الخاصة و التناقضات الطبقية ؟ و إذا كان الإنسان لا يملك سلفاً الدافع الذاتي و ميله للغريزة تلك لما وجدت أصلاً التناقضات و حب الذات، ثم لماذا يستأثر الفرد بمكاسب النظام و يعمل جاهداً على حفظها و حمايتها و يفكر كثيراً بكيفية زيادتها ولو كانت مصالحه تقوم على أنقاض مصالح الآخرين ؟ أليس هذا حباً للذات الخاصة و تقديمها على المصلحة العامة ؟ من هنا نستطيع القول بأن الماركسي يُفسر العلاقة بين التناقضات الطبقية و حب الذات و بين المشاكل الاجتماعية بالشكل المقلوب مما جعلها تدخل في دهاليز التفسيرات التي لا طائل منها وهذا ما كشف عنه الأستاذ المحقق الحسني في بحث ( فلسفتنا بأسلوب و بيان واضح ) ومما جاء في : (( أنَّ هذا المفهوم الماركسي لحبِّ الذات، يقدِّر العلاقة بين الواقع الذاتي (غريزة حبّ الذات) وبين الأوضاع الاجتماعيّة بشكل مقلوب، وإلّا فكيف نستطيع أنْ نؤمن بأنَّ الدافع الذاتي وليد الملكيّة الخاصّة والتناقضات الطبقيّة التي تنجم عنها؟!! فإنَّ الإنسان لو لم يكن يملك سلفًا الدافع الذاتي، لَمَا أوجد هذه التناقضات، ولا فكّر في الملكيّة الخاصّة والاستئثار الفردي!!! ولماذا يستأثر الإنسان بمكاسب النظام، ويضعها بالشكل الذي يحفظ مصالحه على حساب الآخرين ما دام لا يحسّ بالدافع الذاتي في أعماق نفسه … )) .