تأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في ظروف حرجة يشهدها الواقع العراقي والمنطقة.
من بين تلك الظروف الزيارة المفاجأة للرئيس الأمريكي ترامب للعراق, والتي أعقبتها زيارة معلنة لوزير خارجيته بومبيو, وقراره بسحب قواته من سوريا, وكثرة الحديث عن انتقالها للعراق وتمركزها في عدة مناطق في غربه.
في الشأن الداخلي يشهد العراق تجاذبات بين أطرافه السياسية حول إكمال الكابينة الحكومية, والانسجام المفقود بين التحالفين الكبيرين اللذان يتصدران المشهد السياسي.
هذه الأحداث والتحولات تحظى بإهتمام كبير من الساسة في إيران, ويتم التعامل معها بشكل خاص, الأمر الذي يحتم عليهم البحث عن المفاوض النوعي والمؤثر الفاعل في الساحة العراقية.
بعد معرفة المزاج السياسي الإيراني في إدارة الأزمة, يزول الإبهام وتحضر الإجابة شافية وافية,عن الغاية التي لأجلها اختير مكتب الحكيم محطة أولى من محطات ظريف خلال الزيارة.
من يفهم العقلية الإيرانية يدرك جيدا ان صغريات الأمور لا محل لها من الاهتمام في نظر الكبار.
كثيرة هي الجزئيات التي شغلت الشارع العراقي وتعاطى معها الرأي العام سلبا وايجابا لكنها لم تكن بذاك القدر من الاهمية.. وهذا ما يفسر ترفع الحكيم عن السجال الذي حصل مع أحد الفصائل على خلفية خبر أعلن في إحدى الفضائيات, وجيشت الجيوش الإلكترونية لأجله, لخوض المعركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأعلن النفير العام من قبل قيادات محور الفتح الذين اعتبروا ذلك إساءة للحشد الشعبي رغم أن فصائل عدة لا تنسجم مع تلك الرؤية بالرغم إنها تندرج ضمن هذا المسمى وتخضع للقانون الذي يحدد مساره, لكنها متباينة في فهمها وتعاطيها مع الواقع الذي أضحى محل تجاذب بين الصبغة العقائدية والصيغ الوطنية.
كشفت الأزمة الأخيرة بين فصيل العصائب وقناة الفرات الفضائية عن مدى الهوة بين الأطراف الشيعية المختلفة ايدلوجيا.
يتجسد الإختلاف الأيدلوجي بين معسكر الحشد والقوى السياسية الأخرى بتفسير كل منهما للحالة العراقية، حيث يرى قادة الفصائل المسلحة ضرورة ذوبان الوضع العراقي بالوضع العقائدي العام للشيعة في عموم العالم, وهذا ما نأت عنه قوى أخرى بحجة عدم التدخل في خصوصية الدول الأخرى, وخضوعا لحاكمية الدستور الذي ينص على ذلك .
في خضم التجاذبات الحاصلة في الشأن العام وإنعدام الثقة بين المواطن والسياسي جراء التردي الحاصل في المجال الخدمي والركود الاقتصادي, يصعب والحالة تلك تشخيص الموقف الصائب لأي من الفريقين لكن بالنتيجة يبقى الحسم والتشخيص من مسؤولية المواطن العراقي المثقل بالمعاناة, والتي لا تسمح له بعلاج وحلحلة مشاكل شعوب المنطقة وهو بهذا الوضع الذي لا مبالغة أن قيل عنه طبيب يداوي الناس وهو عليل .
خصوصا إذا ما بحثنا في تفاصيل الايدلوجية الوطنية لنجد أن البعد العقائدي حاضرا لدى أغلب دعاتها الأمر الذي يفند مزاعم الطرف الآخر بتقديم نفسه كممثل العقيدة والمدافع عنها وإلصاق صفة التبعية والعمالة بمن لا ينسجم مع تلك الرؤية.