فجّرت الخارجية الإسرائيلية بالونا في المجتمع العراقي محاولة منها لمعرفة ردود أفعال العراقيين من خلال الإعلان المفبرك حول زيارة بعض السياسيين العراقيين إلى الأراضي المحتلة، وذلك من أجل ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.
فبالرغم من نفي بعض القادة العراقيين الوطنيين الخبر جملة وتفصيلا، إعتقد قادة (الكيان الصهيوني) أن نظرة العراقيين قد تغيّرت لكيانهم الغاصب بعد التغيير في العام ٢٠٠٣ وهذا ما جعل الخارجية الإسرائيلية تطلق تصريحا غير مسؤول وغير معقول بأن مجموعة من السياسيين العراقيين زارت الأراضي المحتلة وقد أبدى الوفد الزائر رغبته في تطبيع العلاقات العراقية الإسرائيلية وأن حكومة العدو قد رفعت اسم العراق من على قائمة الدول المعادية لها بعد زيارة الوفد المزعومة. وهذه التصريحات لها أهداف وغايات سنقف على ذكر بعض منها لئلا يطول المقام بنا، فقد كانت الخارجية الإسرائيلية راغبة في معرفة ردود أفعال المجتمع العراقي الحقيقية تجاه إسرائيل اذا ما علمنا أن العراق البلد العربي الوحيد الذي لا تربطه أي علاقة مع (الكيان الصهيوني) لا في السر ولا في العلن!
كما أن تصرف الخارجية الإسرائيلية هذا يذكرنا بتصرف ذاك الحكيم الذي مرّ على شخص مغمىً عليه، فسأل احد الواقفين عن سبب الإغماء فقال له أن شخصا شتمه بكلمة (قواد) ولم يحتمل سماعها فأغمي عليه، فحينها جلس الحكيم عند رأسه ولما أفاق خاطبه بذات الكلمة فأغمي عليه مرة أخرى فقيل له لِمَ فعلت هذا؟ قال سوف لن يغمى عليه ثانية إذا ما تتكررت ذات الكلمة على مسامعه وفعلا استمع لها الرجل بالمرات القادمة ولن يغمى عليه، وهكذا أرادت إسرائيل من هذه التصريحات لغرض ترويض العراقيين نفسيا لتقبل الأمر ويصبح طبيعيا على مسامعهم. ولقد فات إسرائيل أن تعرف بأن العراقيين لم يتفقوا على شيء بقدر اتفاقهم على العداء الحقيقي للكيان الصهيوني، ما عدا بعض القوميات العميلة التي لا تخفي عمالتها بل تفتخر بعلاقتها مع العدو، وأن من يوادَّه ويغازله فهو (قواد) ولا صفة أخرى سوى (القيادة)، ولا يذهبنّ بخلدهم – أي الإسرائيليين – أن يلعبوا على الوتر الطائفي فلا بد من أن نرد عليهم بأن السنّة يبغضونكم ويبغضون من يتوود اليكم، ويعدّون كل من يدعو إلى التطبيع مع الكيان المحتل عميلا وساقطا خلقيا وسياسيا واجتماعيا، وهذا الأمر منذ زمن بعيد وحتى أن صداما – برغم المؤاخذات عليه – كان يعلن ذلك علنا وجهارا، وأن أحد أسباب النهاية المأساوية التي رسمت له وللقذافي هو موقفيهما العلني من الكيان الصهيوني الغاصب. واما الشيعة فيبغضون اليهود بغضا لا حد له ، فبالإضافة إلى وطنيتهم، فهم يبغضونهم طبقا لعقيدتهم ويعتبرون أن مَثَل من يوادد إسرائيل كمثل من هو خارج عن ملتهم، والدليل ان إيران تنصب العداء لإسرائيل على الرغم من أنها ليست دولة عربية، لكن عقيدتهم تنص على العداء الحقيقي للكيان الصهيوني ولا مفر من ذلك.
إذن فقد خاب فألكم وخسئت نواياكم وفشل مخططكم وأن ما تحلمون به من تطبيع العلاقات مع العراق والعراقيين هو حلم بعيد المنال وأن نجوم السماء أقرب اليكم من ترويض العراقيين على مودتكم وأن تعالت أصوات الجهلة والعملاء والساذجين. وهذه رسالة أيضا لحكام العرب الخونة والمتكالبين على إقامة العلاقات مع (الكيان الصهيوني) وفتح سفاراته في بلدانهم، فسوف يبقى الذل والهوان يلاحقكم ويبقى الرعب والذلة والعمالة حليفكم ولن ينفعكم رضا أمريكا عنكم فستسقط الرؤوس قبل الأقنعة وأن ذلك ليس ببعيد.