بعد ضبط شحنات أسلحة أزعجت البرلمان الليبي .. ماذا تريد “تركيا” من “ليبيا” ؟

بعد ضبط شحنات أسلحة أزعجت البرلمان الليبي .. ماذا تريد “تركيا” من “ليبيا” ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة ليبية تجاه التجاوزات والممارسات التركية، يستعد البرلمان الليببي لإتخاذ عدة إجراءات تجاه “تركيا” خلال الفترة المقبلة، بعد اتهامات لها بنشر الفوضى في البلاد.

وأكد “فتحي المريمي”، مستشار رئيس مجلس النواب، أن “ليبيا” بصدد إتخاذ عدة إجراءات تجاه “تركيا” خلال الفترة المقبلة، بعد ضبط شحنات أسلحة قادمة منها.

مشيرًا إلى عزم لجنتي الدفاع والأمن القومي والخارجية في مجلس النواب على إتخاذ بعض الخطوات بعد عقد جلسة نيابية، خلال الأيام المقبلة.

واتهم “المريمي”، تركيا، بالسعي لعرقلة أية خطوات ليبية نحو الاستقرار، والعمل على نشر الفوضى عن طريق انتشار الأسلحة والمواد التي من شأنها توجيه الشباب إلى الطريق الخاطيء.

ضبط شحنة أسلحة جديدة..

وبعد مرور أقل من شهر؛ على ضبط  شحنتين  ضخمتين من الأسلحة القادمة من “تركيا”، تمكن جهاز الجمارك الليبي بميناء “مصراتة” البحري من ضبط شحنة جديدة من الأسلحة كانت على متن باخرة قادمة من “تركيا”، داخل حاوية واحدة.

وأحتوت الحاوية المضبوطة على عشرين ألف مسدس تركي الصنع، تم وضعها في 556 صندوق سلاح.

وكانت الأجهزة الأمنية الليبية في ميناء “الخمس” البحري، قد ضبطت الشهر الماضي، حاويتين “قوام كل منهما 40 قدمًا محمّلتان بالأسلحة والذخائر، كانت على متن سفينة قادمة من ميناء مرسين في تركيا، في حمولة كانت تشير بياناتها، إلى أنّها مواد بناء”.

ضبط مخدرات..

ولم يتوقف الأمر عند السلاح فقط، وإنما تم ضبط كمية مخدرات كبيرة في ميناء “مصراتة” داخل حاوية بطول 40 قدمًا.

وفي التفاصيل؛ سلكت السفينة طريقًا طويلاً من “تركيا” إلى “الهند” ثم إلى “ليبيا”؛ لترسو بـ 8 ملايين قرص من مخدري “الترامادول” و”الأرتين”.

تحميل تركيا مسؤولية الفوضى..

من جانبه؛ حمل المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، العميد “أحمد المسماري”، تركيا، مسؤولية الفوضى التي تُغرق فيها البلاد، مؤكدًا على أن هناك خيارات عدة لمحاسبة “أنقرة” على تدخلها في الشأن الليبي.

وقال، في مقابلة خاصة مع قناة (سكاي نيوز عربية)، الخميس الماضي، تعليقًا على ضبط باخرة تركية محملة بالأسلحة في ميناء “مصراتة” غربي البلاد: “نُحمل تركيا مسؤولية تدمير قواعد الأمن والسلم في ليبيا، وعمليات الاغتيالات في صفوف الأمن والجيش والمحامين، هذا إلى جانب ضلوعها في العديد من العمليات الإرهابية”.

وشدد المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي على أن “أنقرة” تخرق قرارات “مجلس الأمن” التي تحظر تزويد الإرهابيين بالسلاح؛ فضلاً عن خرق القرار الخاص بحظر توريد السلاح إلى “ليبيا”.

مضيفًا أن: “تركيا هي القائد الرسمي للإرهاب في المنطقة؛ وليس في ليبيا فقط، ونحن نحارب الأتراك منذ إنطلاق عملية الكرامة، ووصل الأمر بها إلى حد نقل المسلحين الإرهابيين المصابين من ليبيا إلى أراضيها؛ فضلاً عن نقل مئات الليبيين للقتال في سوريا إلى جانب التنظيمات الإرهابية عبر تركيا”.

وأكد على أن “ليبيا” صارت “مسرحًا لعمليات الإرهاب التركي”، وذلك بسبب موقعها الجغرافي وساحلها الطويل وقُربها من “مصر”، التي يسعى الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، إلى محاصرتها.

وتابع؛ أنه من أجل هذا الهدف، ركزت “أنقرة” على دعم التنظيمات الإرهابية في “ليبيا” مثل “الإخوان المسلمين” و(داعش) وغيرهما.

مطالب لمجلس الأمن بمحاسبة سوريا..

وتطرق بالقول: “سنحاسب تركيا بكل الوسائل المتاحة، إذ لديها شركات عاملة ومصالح في ليبيا؛ وكنا نتمنى أن تكون أداة بناء لا هدم، وعليها أن تتحمل مسؤوليتها”.

وأضاف “المسماري”: “نحن نعرف معنى السيادة ولدينا من الخيارات ما يمكن أن نعاقب به تركيا، لكن نسعى إلى أن يكون هناك دور لمجلس الأمن”، وطالب “مجلس الأمن” بإتخاذ موقف إزاء التدخلات التركية التي تطيل أمد الأزمة الليبية.

مصالح تركيا الاقتصادية في ليبيا..

وعن الأهداف التركية في “ليبيا”؛ يرى الكاتب، “كرم سعيد”، في موقع (العين) الإخباري، أن “تركيا” تستهدف من إنخراطها في المشهد الليبي ودعم التنظيمات الإرهابية تحقيق مجموعة من الأهداف، أولها الرغبة في فتح أسواق جديدة للأسلحة التركية التي تنتجها “أنقرة”، فقد ارتفعت الصناعات العسكرية التركية، في عام 2017، لتصل إلى أكثر من 6 مليارات دولار، يذهب جانب معتبر منها للتصدير إلى مناطق الصراعات، وهو ما ينعكس على الاقتصاد التركي الذي يعاني تراجعًا غير مسبوق بشكل إيجابي، وتمثل الأوضاع في “ليبيا”، التي ما زالت سوقًا مهمة لتصدير واختبارات “السلاح التركي” في آن معًا، بالنظر إلى استمرار عسكرة الأزمة، ووجود عدد معتبر من الفصائل المسلحة المرتبطة إيديولوجيًا بـ”أنقرة”.

ويرتبط الهدف الثاني بسعي “تركيا” إلى تعظيم أرباحها الاقتصادية عبر التمكين للتيارات الموالية لها على الأرض، خاصة جماعات الإرهاب في الغرب الليبي، وتستهدف “تركيا” الإستحواذ على أكبر قدر ممكن من مشاريع إعادة الإعمار في “ليبيا”، من خلال الدفع بشركات المقاولات التركية للعمل في “ليبيا”، فضلاً عن تعويض الخسائر الاقتصادية التي تعرضت لها “تركيا” في “ليبيا”؛ بعد سقوط نظام “القذافي”.

يُذكر أن الاستثمارات التركية في “ليبيا”، بقطاع التشييد، خلال عهد “القذافي”؛ بلغت قيمتها 15 مليار دولار، وكانت أحد الأسباب الرئيسة لتأخر تأييد “تركيا” للثورة الليبية، كما أن قرار حكومة الشرق الليبي بإيقاف التعامل مع الشركات التركية بسبب دعم “تركيا” للإرهابيين في الغرب، في شباط/فبراير 2015، تسبب في إحداث خسائر ضخمة للجانب التركي.

تسعى لتفتيت الجيش الوطني الليبي..

وأضاف “سعيد” أنه؛ خلف ما سبق تسعى “تركيا” إلى تفتيت “الجيش الوطني الليبي” من خلال دعم فصائل الإرهاب، وخلق قاعدة لهذه التيارات من جديد بعد سقوطها في “مصر” وتعثرها في “تونس”، وبدا ذلك في تنسيق “تركيا” مع الميليشيات في مدينة “مصراتة”، وتمثل “مصراتة” أولوية خاصة لنشاط “تركيا” على الأرض في “ليبيا”، ففيها القنصلية التركية، وهي أكبر داعم للتيارات الإرهابية في “ليبيا”، وتحرص “أنقرة” على تطوير دفاعات ميليشيات “مصراتة”، وتعظيم بنيتها العسكرية، بما يعزز من قدرتها في مواجهة الجيش الليبي بقيادة، المشير “حفتر”، والذي يقف شوكة في مواجهة أطماع الدور التركي، ووصف قائد الجيش الوطني، “خليفة حفتر”، الفعل التركي، بإرسال أسلحة إلى الميليشيات التي تعمل خارج إطار القانون، بأنه: “جريمة حرب”.

تشكيل رؤية مضادة للرؤية المصرية..

ويوضح أنه في الوقت ذاته، تحاول “تركيا” عبر إرسال الأسلحة إلى التيارات المتشددة في “ليبيا”؛ التأثير على مقاربات دول الجوار لتشكيل رؤية مضادة للرؤية المصرية، الخاصة بضرورة إنهاء وجود التنظيمات المتطرفة والإرهابية في “ليبيا”، وتسعى “تركيا” إلى استخدام “ليبيا” كأداة وظيفية للضغط على “القاهرة”، وشمل هذا التحرك بناء تحالف سياسي إيديولوجي مع “قطر” و”السودان”، وهو ما تجلى في تعظيم الوجود العسكري التركي في “الدوحة”، والتوافق مع “الخرطوم” بشأن “جزيرة سواكن”.

ويرى أن المقصد من التوجهات التركية تجاه الأزمة في “ليبيا”، عبر دعم الجماعات الراديكالية، باعتبار أن طريق ترسيخ النفوذ التركي في “ليبيا”، والمنطقة يمر عبرها، هي ليست أكثر من مجرد وهم في ذهنية السلطة التركية، فالدور التركي المتناقض، والذي كان أحد معطيات تعقيدات الحل في “ليبيا” أدى إلى تشويه الصورة الذهنية لـ”تركيا” في الوعي الجمعي الليبي والدولي، ورغم كثافة الاستثمار الإيديولوجي والسياسي لـ”تركيا” في التيارات الإسلامية الليبية، وخرقها قرار حظر توريد السلاح إلى “ليبيا” فإنها في نهاية المطاف أصبحت لاعبًا منبوذًا في إدارة الأزمة، خصوصًا مع سعي الحكومة التركية إلى أدلجة الصراع الليبي لمصلحة جماعات الإرهاب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة