ليس من الصحيح التعليق على الصراع الدائرهذه الأيام بين تيار الحكمة وعصائب أهل الحق بالقول:” بأسهم بينهم”، كما كتب البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإذا ما اشتدّ البأس ووقعت الواقعة واستُخدم السلاح الحيّ بين الطرفين، سيكون معظم الضحايا والمتضرّرين من الناس العاديين الذين ليست لهم ناقة ولا جمل في الصراع وتداعياته.
العجيب أن الجماعتين المُسجلتين حزبين سياسيين ولهما ممثلون في البرلمان والحكومة، تعييهما الحيلة في اكتشاف طريق آخر للصراع عبر الحوار السلمي داخل مبنى البرلمان أو خارجه ليُجنّبا نفسيهما السقوط في مهاوي السباب والشتائم التي أطلقت على هامش الصراع، بما لا يليق إلّا بأبناء الشوارع.
إذا ما ركب كلاهما رأسه وقرّر خوض معركة “كسر عظم” ضد الآخر، فمعنى هذا أنّ كلّاً منهما سيخسر من رصيده لدى الناس.. الناس انتخبوا نواب الحكمة والعصائب من أجل أن يحققوا لهم ما يطمحون إليه من حياة آمنة مستقرة وكريمة وليس في سبيل أن يشمّر كلٌّ منهما عن ساعديه وسلاحه ليخوض حرباً داخل المدن المتطلعة الى توفير الخدمات والى مشاريع الإعمار.
التهديد بالمواجهة داخل المدن ليس شطارة. إذا كان لدى الجماعتين فيض في الطاقة يحتاجان الى تصريفه، فليفعلا ذلك بعيداً جداً عن المدن والقرى…. صحارى العراق كثيرة وكبيرة، فليذهبا الى واحدة منها ويرينا شطارتهما.
سيكون منتهى عدم المسؤولية تصعيد الصراع الى مستوى المواجهة المسلحة.. فبأي ذنب سيموت مَنْ يموت ويُجرح مَنْ يُجرح، حتى لو كان شخصاً واحداً في هذا الصراع؟.. الدستور يحرِّم استخدام السلاح خارج مؤسسات الدولة، وقانون الأحزاب كذلك، وأي استعمال للسلاح سيكون انتهاكاً سافراً لأحكام الدستور وقانون الأحزاب، ومن المفترض أن يترتّب على ذلك سحب الترخيص من الحزب مستخدم السلاح.
وبما أن الفريقين المتصارعين كلاهما يلوذان براية الحشد الشعبي لتبرير موقفيهما، فإن المرجعية العليا في النجف، صاحبة مشروع الحشد، يُنتظر منها أن تكون لها كلمة تساهم في نزع الفتيل.
لابد أنّ بين الفريقين شخصيات عاقلة ومسؤولة تُدرك خطورة الانخراط في صراع مسلح بين القوى السياسية في بلد يسعى شعبه إلى التعافي من حقبتي الدكتاتورية والإرهاب الطويلتين .. هذه الشخصيات مُطالبة بأن تتصدّر الواجهة وترفع الكارت الأحمر في وجه قياداتها في سبيل الجنوح الى السلم.
المثقفون في المجتمع العراقي يُمكنهم، بل من واجبهم، فعل الشيء نفسه بالتصدي لمحاولات إشعال نيران الفتنة التي لن ينتفع منها أحد، بل إنّ وبالها وسوء عاقبتها سيطولان الجميع.
العراق ليس ملكاً لحزب بعينه أو مجموعة أحزاب وشعب العراق ليس مشروع وقود لصراعات حزبية .. هذا ما يتعيّن أن يُدركه الجميع ويتصرفوا على وفقه.