12 يناير، 2025 12:21 م

ائتلاف الفرقاء .. “إسرائيل” لا يمكنها الاعتماد على الدول العربية السُنية في مواجهة “إيران” !

ائتلاف الفرقاء .. “إسرائيل” لا يمكنها الاعتماد على الدول العربية السُنية في مواجهة “إيران” !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

منذ أن تمدد النفوذ الشيعي الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وبعد سقوط “لبنان” و”العراق” و”سوريا”، ثم بعد ذلك “اليمن”، في قبضة “النظام الإيراني”، أصبحت الأنظمة العربية السُنية، وعلى رأسها “السعودية”، وباقي الدول الخليجية تواجه خطرًا شديدًا يهدد مستقبلها.

ومع تغير الإدارة الأميركية ومجيء الرئيس، “دونالد ترامب”، لاحت فكرة تشكيل تحالف إستراتيجي يجمع بين الدول السُنية و”إسرائيل” من أجل تحجيم “إيران”، وإنهاء نفوذها في المنطقة. وفي ظل ترحيب إسرائيلي كبير بتلك الفكرة, هناك أيضًا من يرى عدم جدواها..

التحالف ليس في صالح إسرائيل..

يقول المحلل الإسرائيلي، “أوفير هاعفري”، بمقاله الذي نشرته صحيفة (إسرائيل اليوم): كثيرًا ما نسمع خلال الأسابيع الأخيرة تصريحات من جانب مصادر إسرائيلية وأميركية وعربية، حول إمكانية قيام تحالف بين “إسرائيل” ودول عربية سُنية، بدعم وترحيب من “الولايات المتحدة الأميركية”.

ولكن؛ مثل هذا التحالف، وإن كان في ظاهره يُشكل قوة مضادة لوقف التمدد الشيعي الإيراني، إلا أنه في واقع الأمر يمثل خطورة حقيقية على أمن “إسرائيل”؛ لأن أضراره أشد كثيرًا من فوائده. رغم أن هناك تهديد إيراني متزايد لأمن “إسرائيل” جراء توسع نفوذ “طهران” في كل من “العراق” و”سوريا” و”لبنان”، إضافة إلى وجود قوات موالية لـ”إيران” في “قطاع غزة” و”اليمن”.

التوجه الإسلامي لـ”إردوغان” يحول دون إنضمامه للتحالف..

بحسب “هاعفري”؛ فإن التوجه الإسلامي للنظام التركي بقيادة الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، هو سبب استبعاد إمكانية ضم “تركيا” للتحالف المضاد لـ”إيران”. وكمحاولة لإيجاد بديل لـ”تركيا”، يسعى المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون لإقامة تحالف مع الدول العربية السُنية, وعلى رأسها “السعودية” و”مصر” و”الأردن”.

لكن؛ الأنظمة الحاكمة، في تلك الدول الثلاث، تعاني من الضعف وعدم الاستقرار، وهي تبذل قصارى جهدها لقمع المعارضة الداخلية لديها. وتحاول تلك الدول السُنية أن توهم “تل أبيب” بإمكانية التحالف معها لتشكيل جبهة مضادة لـ”إيران”، لكن فكرة إنضمام “إسرائيل” إلى الدول السُنية باطلة ومرفوضة، من حيث المبدأ، لأن ما بين الطرفين الآن من مصالح محدودة ومؤقته لا يستحق الثمن الذي سيكون على “إسرائيل” أن تدفعه للدول العربية السُنية.

الدول العربية ليس بوسعها ما تقدمه لإسرائيل..

في جميع الأحوال فإن الدول العربية السُنية ستكون عاجزة عن إنجاز الدور المنوط بها. وعلى الرغم من أن “إسرائيل” والدول السُنية على يقين بوجود الخطر الإيراني، إلا أن “إسرائيل” لا تربطها مصالح مشتركة أخرى بتلك الدول.

ومن الناحية الاقتصادية، أو العسكرية، ليس في وسع تلك الدول ما يمكن أن تقدمه لـ”إسرائيل”، ناهيك عن أن أي شكل من أشكال التعاون العلني مع “إسرائيل” يلقى معارضة شديدة من جانب شعوب الدول العربية.

التطبيع خطر على الأنظمة العربية..

يتساءل المحلل الإسرائيلي: هل ستحارب الدول السُنية جنبًا إلى جنب مع “إسرائيل”، في حال نشبت مواجهة “إسرائيلية-إيرانية” ؟.. وحتى على أقل تقدير، هل ستقدم تلك الدول أي شكل من أشكال الدعم العلني للدولة العبرية ؟..

ثم يجيب قائلاً: بالطبع لن يحدث شيء من هذا القبيل. بل ربما أن الضغوط التي ستمارسها شعوب تلك الأنظمة ستجعل حكامها يضطرون لمساندة أعداء “إسرائيل”؛ ولو حتى ظاهريًا. ذلك لأن أنظمة الحكم في الدول العربية السُنية التي يٌقال إنها “معتدلة”، لا تزال متمسكة بفكرة القومية العربية التي تعتبر “إسرائيل” كيانًا غريبًا في المنطقة.

وصحيح أن تلك الأنظمة تعترف بوجود “إسرائيل” وتتعاون معها في قضايا محددة، لكن تطبيع العلاقات مع “تل أبيب” بشكل تام وطبيعي، سيشكل خطرًا على مستقبل تلك الأنظمة.

يخشون الإشادة بإسرائيل..

يزعم المحلل الصهيوني أنه حتى لو كانت قيادات الأنظمة العربية السُنية تريد إقامة علاقات مع “إسرائيل” لتحقق استفادة حقيقية، فإنها تخشى الإشادة بـ”الكيان الصهيوني”.

وها هو ولي العهد السعودي يعتبر “إسرائيل” طوق النجاة الذي سينقذه من التهديد الإيراني، لكنه إذا أفصح عن ذلك أمام شعبه فستنهار هيمنته على “المملكة السعودية”. وها هو ملك الأردن – الذي تُعد “إسرائيل” الداعم الأكبر لنظامه الهش، وهي أيضًا التي تُنقذ شعبه من الموت ظمأ – يطلق تصريحات معادية لـ”إسرائيل” ويتخذ ضدها إجراءات دبلوماسية، كلما أشتد بأس المعارضة الأردنية.

العرب لن يكفوا أذاهم عن إسرائيل !

يتساءل المحلل الإسرائيلي من جديد: إذا كانت الأنظمة العربية لن تساعدنا، فهل ستكف عنا أذاها ؟.. ثم يجيب على نفسه بقوله: حتى ذلك لن يتحقق أيضًا. لأن تحالف “إسرائيل” مع الدول العربية السُنية، مهما  كان سريًا وهشًا، فسيتطلب من “إسرائيل” أن تدفع ثمنًا باهظًا من خلال تقديم تنازلات سياسية، كما أنه سيُكبل يد “الجيش الإسرائيلي”؛ حينما يريد شن عمليات عسكرية ضد أهداف في “سوريا” أو في “قطاع غزة”، مثلما حدث في الماضي.

حيث إمتنعت “إسرائيل” خلال “حرب الخليج الأولى”، عن شن هجمات عسكرية بعدما تعرضت للصواريخ العراقية التي أطلقها، “صدام حسين”. وما دفع “إسرائيل” على عدم الرد عسكريًا، هو الحفاظ على استمرار الدعم العربي لـ”الولايات المتحدة”. فكانت المكافأة التي حصلت عليها “إسرائيل” هي إنعقاد “مؤتمر مدريد”، الذي تعرضت خلاله لضغوط غير مسبوقة من أجل تقديم تنازلات سياسية.

والآن أيضًا هناك من يزعم أنه ينبغي على “إسرائيل” أن تقبل “المبادرة السعودية” الخطيرة، أو أن تقدم تنازلات أخرى، من أجل إقامة تحالف مع الدول العربية السُنية.

لا يمكن الاعتماد على الأنظمة العربية..

في الختام؛ يؤكد “هاعفري” أنه لا بد لـ”إسرائيل” أن تدرك ضرورة الاعتماد على نفسها فقط؛ في مواجهة التحديات والأخطار المحيطة بها، وأن تُوضح لأصدقائها في “واشنطن” أن التحالف مع الدول العربية السُنية  ليس فقط أنه لن يحقق أي فائدة، بل إنه سيكون تحالفًا هشًا ولا يمكن الاعتماد عليه.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة