خاص: حاورتها- سماح عادل
“شذى أسعد حمزة” شاعرة عراقية، من مواليد بغداد عام 1973، صدر لها المجموعة الشعرية الأولى (خاصرة الماء) بغداد 2016، و ديوان مشترك لمجموعة من الشعراء العراقيين والعرب بعنوان(حروف وهواجس) برعاية المنتدى العراقي للشعراء والمثقفين، و ديوان مشترك بعنوان (حروف في منتصف الضوء) برعاية مؤسسة بلا اقنة الثقافية، والمجموعة الشعرية الثانية (عزف بأنامل مبصرة) 2018، ومجموعة شعرية مشتركة (أرق جماعي) صادر عن الرابطة العربية للأدب والثقافة فرع بغداد 2017، ومجموعة شعرية مشتركة (رابسوديات) صادرة من الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.
إلى الحوار:
(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟
- بدات بوادر الكتابة لدي منذ وقت مبكر في عمر الرابعة عشر تقريبا، بالتأكيد كانت محاولات بسيطة، ولكن تطورها كانت تدعمه عدة مسببات أولها وجود مكتبة في دارنا كون والدي كانت له اهتمامات بالقراءة والكتابة، وكان المشجع الأول والداعم الكبير لي في بداية حياتي. ثانيا عند دخولي معهد الفنون الجميلة كان معي مجموعة من الأصدقاء يهتمون كثيرا بالاطلاع والبحث عن كل ما هو جديد فيما يخص الشعر والرواية، وكنا نتبادل الكتب ونجتمع لمناقشتها ونقرأ لبعضنا ما نكتب وننتقد ونوجه بعضنا البعض في حلقات ثقافية غاية في الروعة والألفة والاكتشاف. بعدها كانت مهمتي في تطوير الذات والموهبة بالاطلاع المباشر والتكثيف على قراءة كل شيء له علاقة بالأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع، وكذلك أبحرت كثيرا في الاطلاع على المفاهيم الفلسفية والإنسانية..
(كتابات) شعرك متحرر من الموسيقى هل يمكن اعتباره منتمي لقصيدة النثر؟
- مررت بمراحل متعددة في كتابة القصيدة كتبت التفعيلة مثل:
جلست
تختلس الوجد على وجل
تعانق الحروف
تقبل الجمل..
وتبتهل
ياااااااا صوته المنساب
عصف مهيب
هشم الجبل..
يا أول الغيث
إذا انهمل
وآخر البلل.
فيك يصلي القلب
جبولا على مهل
فتارة تسكنه الظنون
وتارة يضيع في الخجل .
جلست
تقايض الوقت على عجل
تسأله المكوث
في لجة الجلل.
وتصطفيه حانية
هذا سليل النبض
وأخر السلل
دعني أطيل عبادتي
وأشبع النظر
فهل تعي بأنه
صلاتي المبجلة
وهل تعي بأنه
نهاية الجدل..
ما كان للوقت سوى المضي
فإنه لا يفقه الحنين
ولا يعي قساوة الأفل..
مضى القمر
وتناثرت من بعده
سحابة المقل…
وكذلك القصيدة الحرة
سومريا
تجوب المنافي
تفتش في آخر معطف
ارتداه الشتاء
عن غيمة
توقظ أسرار الحكاية
وتنثرها بذارا للريح
حين يمر على راحتيك
سهولا تفترش الدفء
وتذيبك نبعا
شهي الارتواء ..
يااااااا
شهي الارتواء
كيف لمثلي
أن تقترف الصبر
وتعيدك
رقما طينيا
أو أسطورة
تتلعثم من سردها
إلهة الحب
أو ربما
إلهة الحرب
أو ربما
إله التوبة ..
لا لا لا
لا شيء
يشبه عمرك المخطوط
فوق أضرحة المعابد
وتيجان الصروح
وخبايا الأساطير .
لا شيء يشبهك
وأنت ترتدي
زمن الحكاية …
كذلك كتبت الومضة وتميزت بها بشهادة عدد من النقاد المهمين.
الأوراق المتساقطة
قرب باحة الدار
تصر على المضي
مع الريح
تاركة خلفها
ذكريات العصافير
المندسة تحتها
ذات ربيع …
والآن أبحر مع قصيدة النثر وأحاول الخروج بما هو ليس مألوفا ومتداول..
هكذا تعودت الجلوس عند بابه الهائلة كل مساء، افترش الأضاحي بأكفان ملونة، وأستبسل كثيراً في جمع بساطيل ضائعة من على يافطات الحروب، أرصفها بإتقان محارب فقد قدميه بإحدى حملات التبرع تلك..
كل مساء تبقى البوابة موصدة وأبقى بالقرب أعد عشاء فاخرا بصحبة كل هذا الموت..
(كتابات) في شعرك تتناولين تفاصيل حياتيه مما يجعله أقرب إلى السرد.. حدثينا عن ذلك؟
- هنا يكمن المغزى. هو أن تتناولي تفاصيل حياتية من واقع نشاهده يوميا ونخوض تفاصيله الحياتية بكل ما فيها من انفعالات وصراعات وسكون وخيبات وسعادة وحب لتحويله وتشكيله لنص نثري يستفز القارئ ويلمس روحه ووجدانه وهذا ما يسمى بالسهل الممتنع..
(كتابات) ما أبرز الموضوعات التي تتناوليها في قصائدك؟
- بالتأكيد لم تكن هناك مواضيع محددة يمكن أن يتناولها أي كاتب، فكل الأشياء الحياتية والوجدانية وحتى حركة الطبيعة وتنوعها وتقلباتها تستفزني، أي شيء يستفزني أكتب عنه ولكن بالتأكيد تسحبني أحيانا ودون أن اشعر هموم الوطن وأوجاعه وما يعانيه من تشظي ونزاعات سياسية واجتماعية عديدة..
ب حياة لاهثة
تتصبب قسوة وعنف.
ب ركام دارنا الهرم.
ب ملامح أمي
خريفية الجسد.
ب صناديق حبركم الرخيص.
ب بؤس ذاكرتي المعتقلة
داخل جدرانكم الكونكريتية .
ب وجوه تصطف مضغوطة
الروح والجسد
لتحتمي ولو بأوهام ظل ….
أكرهكم
أيها الحاكمون ارضي….
(كتابات) هل حاولت كتابة القصة القصيرة أو الرواية؟
- نعم لدي مجموعة محاولات لكتابة القصة القصيرة وباطلاع عدد من المهتمين والنقاد أشاروا بأنها محاولات ناجحة جدا للخوض في هذا الجنس الأدبي المهم.
(كتابات) في رأيك هل شعر المرأة يختلف عن شعر الرجل.. وما أبرز خصوصيات شعر المرأة؟
- كثيرا ما تطرقت الدراسات النقدية حول الفرق بين أدب المرأة وأدب الرجل ومنه بالتأكيد الشعر ومحاولة إيجاد خصائص مختلفة تميز كل واحد منهما.
لكن وجهة نظري الشخصية أن ليس هناك فرق بين شعر المرأة وشعر الرجل من الناحية الفكرية والإنسانية والعاطفية سواء على مستوى الوعي والتأمل والبحث كونهما يعيشان نفس الواقع والهموم والوجع الإنساني وكلاهما ينتجان ما يلامس الروح الإنسانية والفكرية..
(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في العراق؟
- الثقافة في العراق حالها حال أغلب ثقافات المنطقة والوطن العربي مع كل تفاصيل النزاع والتغيرات الأيدلوجية والاجتماعية وهيمنة المد الديني والعشائري في التحكم بحريات الفرد والمجتمع، وبالتالي فإنها تؤثر وبشكل مباشر على المشهد الثقافي وتجعله مشهدا ضبابية غير واضح المعالم والرؤى ويتعكز على مفاهيم دخيلة تعتلي منصة الثقافة والأدب وتفرض أحكامها عليها.
لكن لا ننسى أن هناك تجارب وأصوات مهمة تخرج من كل هذه الفوضى ويكون لها تأثيرها، ولها بصمتها الواضحة في المشهد الثقافي العراقي وكذلك الخروج إلى حيز أكبر لتحصل على الجوائز العربية والعالمية في كل مجالات الأدب من رواية وقصة وشعر..
(كتابات) في رأيك هل تراجعت مكانة الشعر مقابل طغيان السرد من القصة والرواية؟
- لا يمكن طغيان أي صنف أدبي على الآخر وخاصة الشعر كونه يبقى المغذي الرئيسي، والأدب المائز الذي يضج به المشهد الثقافي في كل زمان ومكان..
(كتابات) هل يأخذ الشعر نصيبه من النقد في العراق؟
- لا أعرف بالضبط إجابة وافية عن هذا السؤال، ولكن عن تجربتي الخاصة فقد حظيت مجموعتي الشعرية الأولى (خاصرة الماء) على متابعة ونقد ودراسات عديدة منها دراسة نقدية للشاعر والناقد الأستاذ عباس باني المالكي ( البعد الدلالي في نصوص متعددة الأصوات). وكذلك الأستاذ سعد ألمظ، وكذلك الأستاذ سعد المظفر دراسة نقدية عن قصيدتها (أمنية لزمن قادم).
والناقد الأستاذ أحمد فاضل ورقة نقدية عن مجموعة من قصائدها وكذلك كتب عن مجموعتي (خاصرة الماء) الأستاذ الناقد عبد الغفار العطوي (الاستدلال على العالم) وكان ضمن كتاب مطبوع له ( إرساء ملامح النسوية)..
(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتبة وما هو جديدك؟
- بالتأكيد هناك الكثير من الصعوبات والحواجز التي تتعرض لها كل امرأة تحاول الخروج عن الحيز الضيق الذي يفرضه المجتمع والسلطة الذكورية عليها من جهة واثبات ذاتها كشاعرة تريد التميز والعبور إلى ضفة ترتقي لما هو جديد ومغاير..
أما الجديد هي مجموعة نصوص قصيرة تذهب في توصيفها لقصيدة الومضة في طريقها إلى الطباعة ( للكلمات أجنحة) وهناك مجموعة نصوص نثرية ما زالت قيد الدراسة هذه المرحلة اعتبرها مرحلة انتقالية لكل ما مضى وسيكون لها أثرها الواضح في الوسط الأدبي والثقافي..
قصيدة لشذى أسعد..
حلم تائه
زاخر هو الطريق الطاعن بالصبية…
الصبية الذين ينحتون كثيرا
في وجوه المارة
ويصطادون الهواء باكرا
بشباك تعرف انها
لا تحفظ الصباحات ناصعة
ولا تمرغ الضوء بخطى ناعمة …
فكل أقداح الشاي
وسلال الورد
وأقراص الأغاني
والخرق التي يمسحون بها زجاج سيارة عابرة
غير كاف لحمل أعباء حلم
آفاق توه من زحام حادث مؤسف..