هل هي صدفة أم حركة التاريخ ؟ .. عام 2018 شهد ثمار ما غُرس في 1979

هل هي صدفة أم حركة التاريخ ؟ .. عام 2018 شهد ثمار ما غُرس في 1979

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

الانسحاب الأميركي، أحادي الجانب، من “سوريا” و”أفغانستان”؛ وخروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، (بريكسيت)، والتوترات السياسية في “فرنسا” بسبب احتجاجات “السترات الصفراء”، والحرب الاقتصادية بين “الولايات المتحدة” و”الصين”، والعقوبات الاقتصادية على “إيران”، بالإضافة إلى قضية مقتل الصحافي السعودي، “جمال خاشقجي”.. كلها أحداث وقعت خلال العام الماضي، لكن في الواقع أن بذورها غُرست منذ عام 1979، وقد تشهد تطورات مختلفة خلال العام الجاري، بحسب صحيفة (الموندو) الإسبانية.

1979 نقطة التحول..

يرى مؤرخون أن هناك أحداث كثيرة وقعت، خلال الـ 40 عامًا الماضية، ولم تحل بعد، وذكر أستاذ التاريخ، “نيال فرغسون”، في كتابه (الحضارة: الغرب والعالم)؛ هذه النظرية.

وصرح “فرغسون”، للصحيفة الإسبانية، بأن نقطة التحول في العالم لم تكن الأحداث التي بدأت في عام 1989 كما يعتقد كثيرون، وإنما كانت 1979؛ وهو العام الذي قام فيه الزعيم الصيني، “دينغ شياو بينغ”، بزيارة “الولايات المتحدة” وبدأ بعدها الإصلاح الاقتصادي الجاد، وأوضح أنه خلال عام 1979؛ لم يشهد ظهور نظام جديد في العالم، وإنما على العكس فتح الباب أمام أزمات كثيرة لم تحل حتى الآن، رغم مرور 4 عقود عليها.

ونشر “فرغسون” تقريرًا، على موقعه الإلكتروني، بعنوان: (العام الذي تغير فيه العالم)؛ ذكر فيه أن: “عام 1979؛ شهد قيام الاتحاد السوفياتي بتدمير نفسه بقيامه بغزو أفغانستان، بينما بدأ البريطانيون إعادة تفعيل الاقتصاد المعتمد على السوق الحر في الخارج من خلال اختيار مارغريت تاتشر رئيسة للوزراء، كما وضع دينغ شياو الصين على أول طريق الاقتصاد بزيارته إلى الولايات المتحدة؛ ورأى هناك بنفسه ما الذي يمكن أن يحققه السوق الحر، على الجانب الآخر بدأ الإيرانيون عهدًا جديدًا من صراع الحضارات بالإطاحة بالشاه وإعلان الجمهورية الإسلامية”.

وأضاف: “واليوم تنعكس نتائج هذه الأحداث الأربعة على الولايات المتحدة والعالم”.

“بابلو برادو”..

في هذا الصدد؛ كتب مراسل صحيفة (الموندو)، “بابلو برادو”، أن: “عام 1979؛ شهد ظهور الجماعات الإسلامية المسلحة، والثورة الإسلامية الشيعية، بينما على الجانب الآخر برز، (التحالف المسيحي)، في الولايات المتحدة، وهو ما شكل نواة دعم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وفي بريطانيا العظمى غرست بذور الشعور بعدم الثقة فيما يمثله الاتحاد الأوروبي، كما نشأت النيوليبرالية، ومعها فكرة أن مصلحة الفرد أهم بكثير من مصلحة الجماعة؛ وبات الاستقرار المعتمد على الاقتصاد الكلي أولوية حتى ولو كان ثمنه ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الرواتب وانعدام الأمن الوظيفي، كما أصبحت الصين تمثل قوة سياسية وعسكرية بعدما تركت الشيوعية في سبيل تحقيق رأسمالية الدولية، التي تسمح للحكومة بتقرير من هو الرابح ومن الخاسر في نظام يطبق الاقتصاد الحر نظريًا”.

وذكر “برادو” أنه، خلال 1979، تمكن آية الله “الخميني” من الإطاحة بالملكية وإعلان “الجمهورية الإسلامية”، ودخلت “الولايات المتحدة” و”إيران” في مواجهات قوية، كما قام “الخميني” باختطاف 52 دبلوماسيًا أميركيًا في “طهران”، خلال 14 شهرًا، ويرى مؤرخون أن هذه الواقعة تحدد بداية “حرب طهران” ضد “إسرائيل” و”المملكة العربية السعودية”، ويعتقدون أن الحرب في “سوريا” و”اليمن” و”أفغانستان” ما هي إلا نتيجة لـ”الثورة الإيرانية”.

كريستيان كاريل”..

حول هذا الموضوع؛ نشر المراسل السابق لصحيفة (نيوز ويك) الأميركية، “كريستيان كاريل”، كتابه، (المتمردون الغريبون .. 1979 وميلاد القرن الـ 21)، ذكر فيه أن: “1979؛ يحدد بداية عهد المحافظين”، وأشار إلى أن هناك علاقة بين انتخاب “يوحنا بولس الثاني”، رئيسًا للكنيسة الكاثوليكية، والجهاد الأفغاني، والإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها “تاتشر” و”دينغ شياو”، وكلها أمور حدثت في 1979.

وأوضح “كاريل”: “لم تكن هناك أمور كثيرة مشتركة بين الخميني، الذي إعتاد لبس الرداء الأسمر، ودينغ شياو، وإنما تشابها في الحماس وغرس قيم بديلة عن الدين والاقتصاد الحر”، وتولى “الخميني” الحكم عام 1979 بعد الإطاحة بـ”الشاه”، وذكر الكاتب أن الأفكار التي نشأت ذلك العام حول “الرأسمالية والاقتصاد الحر والدين” لا تزال حاضرة وبقوة.

ماذا فعلت السعودية خلال 40 عامًا ؟

ذكر مراسل (نيويورك تايمز)، “توماس فريدمان”، أن “الرياض” أتفقت مع رجال الدين الإيرانيين، وقالت لهم إن المملكة لها القوة السياسية ولـ”إيران” السيطرة الروحية؛ وكل منهم يفعل ما يريد، لكن كان هناك اتفاقًا آخر عقدته “المملكة” مع “واشنطن”؛ وهو ما سمح لها بفعل ما تريد مقابل استمرارها في إنتاج “البترول” وتصديره وعدم إزعاج اليهود، ويؤكد موقف “واشنطن” من قضية مقتل الصحافي السعودي، “جمال خاشقجي”، أن الاتفاق لا يزال قائمًا أكثر من أي وقت مضى.

قام “الاتحاد السوفياتي”، منذ 40 عامًا، بغزو “أفغانستان” واندلعت حربًا عنيفة، فقامت “السعودية” بتجربة، من خلال تمويل “حركة طالبان”، التي تمكنت في النهاية من السيطرة على “كابول” ووصل “أسامة بن لادن”، زعيم وأسس تنظيم (القاعدة)، وحتى اليوم تحارب “الولايات المتحدة” وحلفاءها “حركة طالبان” و(القاعدة) وتنظيم (داعش).

بذور “بريكسيت”..

وفي “بريطانيا”، أسقطت رئيس الوزراء، “جيمس كالاهان”، وجيء بـ”مارغريت تاتشر”، التي استمرت 11 عامًا في الحكم، فرضت خلالها “الليبرالية الكلاسيكية”، ودعمت حكومتها القومية البريطانية في مواجهة السوق الأوروبية المشتركة، وغرست بذور (بريكسيت)، الذي سوف يصل إلى آخر فصل له بحلول آذار/مارس القادم.

“منظمة الأغلبية الأخلاقية”..

وفي “الولايات المتحدة” نشأت “منظمة الأغلبية الأخلاقية”، وهي منظمة تضم مجموعات من البروتستانت، ظهرت أساسًا للدفاع عن القيم التراثية ورفض الشذوذ الجنسي والإجهاض، ورغم أنها استمرت لمدة 9 أعوام فقط؛ إلا أنها لا تزال موجودة ولها نفوذ سياسي كبير للغاية؛ إذ كان على 5 من أصل 6 رؤساء أميركيين، (ما عدا أوباما)، أن يخضعوا لتصويت إنجيلي كي يستطيعوا الوصول إلى “البيت الأبيض”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة