خاص : ترجمة – لميس السيد :
تنتهج “إيران” حملة جديدة من حملات القمع والتضييق على المعارضة؛ وحتى الأكاديميين الذين يطرحون قضايا للنقاش للنهوض بمستوى البلاد.
تعتقل “إيران” الديموغرافيين، مؤخرًا، بصورة مكثفة، وسط تصاعد الإجراءات الصارمة ضد الأكاديميين والناشطين.
ويعيش الأكاديميون، ذوو العلاقات الخارجية، الذين في “إيران”، في حالة تأهب عقب اعتقال أحد الديموغرافيين، (خبراء علم السكان)، الذين دفعتهم أبحاثهم إلى التشكيك في قرار البلاد بحث الناس على إنجاب المزيد من الأطفال.
التهمة تزوير واخفاء معلومات..
وقالت صحيفة (كيهان) الإيرانية المحافظة؛ أن “مليمانية حسيني شافوشي”، وهي مواطنة تحمل الجنسيتين الإيرانية والإسرائيلية، اعتقلت في تشرين ثان/نوفمبر 2018، وهي تحاول الرحيل وتتهم بأنها جاسوسة.
واعتقل زميلها، “محمد جلال عباسي شافازي”، وهو أستاذ في علم الديموغرافيا في “جامعة طهران” ومدير “المعهد الوطني للبحوث السكانية” في “إيران”، بعد وقت قصير، من “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني، واستجوب حول عمله بشأن النمو السكاني والخصوبة، وفقًا لما ذكرت وكالة أنباء (فارس) الإيرانية؛ شبه الرسمية.
وتزعم السلطات أن الشخصَين الديموغرافيين قاما بتزوير إحصائيات حول معدل الخصوبة في “إيران” لإخفاء “أزمة السكان” في البلاد، وتدعي الحكومة أن هناك نقصًا سكانيًا في عدد السكان وتضغط لزيادة معدل الخصوبة.
اعتبرت صحيفة (لوس أنغلوس تايمز) الأميركية إن توقيف أحد الباحثين الجامعيين لمجرد المشاركة في تحقيق أكاديمي أمر غير معتاد حتى في بلد له تاريخ طويل من نشطاء السجون، حيث جدد ذلك الخوف بين علماء آخرين وباحثين يعيشون ويعملون في “إيران”.
قال “سيافش راميش”، المحلل السياسي في إيران: “إنها إشارة إلى أن الناس في البلاد يجب أن يكونوا حذرين، وإلا فسوف ينتهي بك المطاف في السجن”.. “إذا سُجِنَ خبير ديموغرافي يقول أن السكان جيدون بما فيه الكفاية، فمن هو آمن الآن ؟”.
تصاعد الهجوم على المجتمع المدني !
بعد وقت قصير من ثورة 1979، خلال السنوات الأولى لـ”الجمهورية الإسلامية”، شرعت الحكومة في حملة صارمة على الأشخاص الذين تعتبرهم أعداء للديوقراطية المحافظة، وتبعتها بحملات القمع المتفرقة على مدى عقود.
إن الاعتقالات الأخيرة للنشطاء والمحامين وعلماء البيئة والناشطين في مجال حقوق المرأة والأكاديميين، حتى من الذين يحملون الجنسية المزدوجة، تشير إلى هجوم متصاعد على المجتمع المدني، وفقًا للصحيفة.
ويعكس اعتقال الديموغرافيين تحولاً في التكتيكات ضد من يُعتقد أنهم “عملاء أجانب” يعملون ضد سياسات، آية الله “علي خامنئي”، الزعيم الإيراني الأعلى.
قالت “سوزان مالوني”، المتخصصة في الشؤون الإيرانية في معهد “بروكينغز” الأميركي: “بدأت قوات الأمن الإيرانية غلق المساحة؛ حتى أمام الأنشطة البحثية التحليلية”.
بدأت موجة القمع الأخيرة، في 28 كانون أول/ديسمبر 2017، عندما تم اعتقال مئات الإيرانيين؛ وقتل 20 على الأقل، بعد أن خرج المتظاهرون إلى الشوارع مطالبين باستقالة كبار قادة “إيران.
بعد شهر؛ في شباط/فبراير 2018، بدأت السلطات باعتقال نشطاء حماية البيئة.
أكاديميون.. ما بين سجين وميت..
كان “كافوس سيد إمامي”، أستاذ علم الاجتماع، والذي يحمل الجنسية الكندية، أحد النشطاء البيئيين الثمانية الذين تم اعتقالهم واتهامهم بتمرير معلومات استخباراتية للأجانب. وقالت الحكومة إنه شنق نفسه في سجن “إيفين” بـ”طهران”، رغم أن عائلته طعنت في ذلك.
كما تم القبض على عدد قليل من الأكاديميين، بمن فيهم الإيرانيون الذين يحملون جنسية مزدوجة، في السنوات الأخيرة؛ ولا يزالون في السجن.
حُكم على “شيوي وانغ”، وهو طالب أكاديمي وأميركي من جامعة “برنستون”، كان يجري أبحاثًا حول سلالة “كاغار” في “إيران”، بالسجن لمدة 10 سنوات، في عام 2017، بتهمة التجسس. وحكم على العالم الإيراني السويدي، “أحمد رضا دجالي”، بالإعدام بعد عدة أشهر بتهمة التجسس.
عمل، “حسيني تشافوشي”، مع “الجامعة الوطنية الأسترالية” كباحث وشارك في تأليف كتاب (التطورات السكانية في إيران)، وهو كتاب يفصل الإتجاهات السكانية في “إيران” وتأثيرها على اقتصاد البلد. ويعتقد هو وخبراء آخرون أن “إيران” لا تستطيع تحقيق زيادة كبيرة في عدد السكان.
وتشير الإدعاءات ضدها إلى أن تفضيل “إيران” للعائلات الأصغر أصبح موضوعًا حساسًا من الناحية السياسية، وأثار مخاوف بعض المحافظين المتدينين بشأن مستقبل “الجمهورية الإسلامية”.
السياسة السكانية الإيرانية..
وبعد قيام “الثورة الإسلامية”، عام 1979، شجع المسؤولون الناس على تكوين عائلات كبيرة، حيث تضاعف عدد السكان في ما يقرب من عقد من الزمان إلى 55 مليون نسمة، وسجل تعداد السكان ارتفاعًا من 27 مليونًا في عام 1968، وفقًا لبيانات “الأمم المتحدة”.
لكن بعد الحرب “العراقية-الإيرانية”، عكس المسؤولون سياستهم. أصبحت وسائل منع الحمل متاحة على نطاق واسع وشجع الزعماء الدينيون النساء على الانتظار قبل الحمل. بحلول التسعينيات، كان لدى “إيران” واحدة من أكثر سياسات مراقبة السكان فعالية في العالم.
واليوم؛ وضعت هذه السياسة، “إيران”، في وضع محفوف بالمخاطر: مع استمرار تزايد أعداد الطبقة العاملة في “إيران”، يمكن أن تصبح برامج التقاعد العامة القديمة، والمصممة بشكل سيء في البلاد، متوترة.
ونتيجة لذلك؛ دعا “خامنئي”، الناس، إلى إنجاب المزيد من الأطفال، وقال إنه يريد أن ينمو السكان من 80 مليون إلى 150 مليون نسمة.
ويتهم المتشددون التابعون للمرشد الأعلى، النقاد، مثل “حسيني شافوشي”، بأنهم جزء من مؤامرة غربية لإبقاء “إيران” ضعيفة.
قال “نصرالله بيزمانفر”، وهو رجل دين وعضو في “اللجنة الثقافية الإيرانية” في البرلمان، إن تقليص عدد الأشخاص في “إيران” هو فعل حرب أطلقتها “أميركا” وحلفاؤها. وقال في التليفزيون الحكومي: “العدو يطبق خطة ثابتة لخفض معدل المواليد”.
ومع ذلك؛ فإن تفضيل الإيرانيين لوجود عدد أقل من الأطفال سيبقى على الأرجح.
والتقت الصحيفة، بـ”مهدي أكبري”، 32 سنة، متزوج منذ ثلاث سنوات، يعمل في إصلاح الهواتف المحمولة في متجر في “ساحة فاليسار” الإيرانية.
على الرغم من رغبته في إنجاب الأطفال، إلا أن “أكبري” قال إنه لا يستطيع تحمل تكاليفه وسط اقتصاد “إيران” المتقلب، فهو يكسب حوالي 250 دولارًا في الشهر، ويقول إنه بالكاد قادر على تلبية احتياجاته، ويوضح: “تستمر أمي في القول إنني يجب أن أبدأ في تكوين أسرة، لكني لست متأكد من أنني أستطيع حتى أن أحصل على تعليم لائق أو نوعية حياة مرفهة لطفلي”.