إستقطاع دولار من كل برميل نفط، وتوزيعه على المواطنين؛ كلام جميل يصدر من مسؤولين وبرلمانيين، لم يفكروا بالتنازل عن دينار واحد من مخصصاتهم وإمتيازاتهم لصالح المواطن، بل لم يترددوا من دفع الأموال الطائلة لشراء المناصب، وعملوا طيلة فترة مسؤوليتهم من زيادة الفوارق الطبقية، وهم في قمة الإمتيازات والمواطن في وادي الحرمان.
صراع محموم على السلطة، وتنازل عن قيم ومباديء، ومزايدة في حقوق المواطن، ومتاجرة بإحتياجاته، وتدمير المصلحة العامة، بأدوات لثراء لم يتصورها حتى في الأحلام.
ماذا تتوقع من الذين يفكرون بالثراء والجهوية والأرث الفاحش، ويتميزون بكل ما يمكن، ومنها الحقوق الأساسية، فتذهب معظم الثروة بين الهدر والفساد ووأمتيازاته، حتى مخصصات الزوجية والنقل والأطفال والسكن يختلفون بها عن الموظف، فما بالك بمواطن دون وظيفة أو فرصة عمل، ولذا لا يمانع هؤلاء من المزايدة والمتاجرة بحق المواطن، وإطلاق الشعارات، التي جدواها، تخدير لتمرير مأرب أكبر.
الحديث الذي يتكلم به بعض النواب عن إستقطاع دولار من النفط لا يخلو من المزايدة، ومن العزف على هموم مواطن فقد الثقة بمعظم الطبقة السياسية المتاجرة، تلك التي تدور مشكلاتها بعواطف وإحتياج مواطن، أصبح يحلم بنيل جزء يسير من الحقوق.
المطالبة بتوزيع أموال النفط على الشعب، وجة نظر غير واقعية ولا مدروسة، بل عاجزة عن فهم إدارة الإقتصاد والتنمية وتوزيع الثروات، وهذه الأموال التي تأتي من النفط لا يمكن أن توزع ريعاً، ويتحول ما يخرج من الأرض الى ما يعود لها، بل يحتاج نظرة إقتصادية تعالج مشاكل جمة لا يمكن لدولار أن يخفف كم تراكمات وطبقية عن الشعب، ويمكن إستثمار هذا الدولار ليصبح عشرة نهاية العام، وتقدم به خدمة ومدارس وصحة وتعليم وحدائق ومعمل ومزرعة.
إن النفط والغاز ملك الشعب العراقي حسب الدستور، ولكن الدينار عند تاجر كبير أن إستخدمه بالشكل الصحيح، أفضل من دينار الفقير، فالأول يُفكر في وضعه موضع الإستثمار، وسيزداد بمرور الوقت، وربما سيكون باب لمشاريع تدر ملايين الدنانير، والثاني في موقع الإستهلاك، وفي اليوم الثاني سيبحث عن دينار جديد، وهكذا في نهاية العام أو في نهاية اليوم لا يملك دينار سوى بالبحث مجدداُ، والدولة تاجر كبير، بينما المواطن مهما كان فهو فقير قياساً لواردات وإمكانيات الدولة.
يشكو العراق من تشوه الإقتصاد، وعدم الإستفادة من الواردات سيما النفط منها، وكل ما يصل الخزينة يقسم بين موازنة تشغلية بشكل رواتب وإعانات تصل الى ما يقارب 65%، والمتبقي إستثمارية ولمشاريع غير منتجة، فيما لم يخصص منها للمشاريع الإنتاجية، والخدمات البنوية التي تؤدي الى الإنتاج، فالمجتمع المتعلم والصحيح، أكثر إنتاجاً من الجاهل المريض، لذا لو إستقطع دولاراً واحداً من كل برميل مقابل كل مواطن، وتحول الى مشروع إنتاجي وصحي وتعليمي، وبذلك سيكون عشرات المشاريع الإنتاجية سنوياً، وألاف الكفاءات، والمشاريع سنتج مشاريعاً، وتُشغل عشرات الآلاف من العاطلين، وكل دولار يستقطع للمواطن، سيتضاعف أضعاف.