عند نهاية كل عام يتأمل البشر خيرا بقدوم العام الجديد,فيتسمّر ملايين المشاهدين أمام الفضائيات ليعرفوا من المبصرين والمبصرات ما يكون عليه حالنا مستقبلا وما يحمله من أحداث,شارف العام 2018 على نهايته,مرّ كسابقيه لم تخفت حدة الصراع بل ازدادت بفعل ممونيها من العرب والعجم على السواء,وبمساعدة أبناء الوطن الذين وضعوا أيديهم في أيادي المتربصين بالأمة,ليمعنوا في إذلالها ونهب خيراتها, فلم يسلم الموتى من أعمالهم الفظيعة, نبشوا القبور,عبثوا بمحتوياتها القوا بها في أماكن غير معروفة لئلا تكون للرب ندا وشريكا فتعبد من دونه, وتحل بالوطن الطامة الكبرى.
لقد صارت دولنا أكبر مصدر للعمالة الفنية الماهرة “الإرهابيون” الى دول الجوار ليتقلص عدد العاطلين عن العمل وليعم ” الشر” وأعمال “العنف” دول المنطقة انطلاقا من: البشر سواسية كأسنان المشط، حب لأخيك ما تحب لنفسك. لم يدر بخلدنا (زعمائنا الميامين) ان من ارسلناهم بالأمس ليقظوا مضاجع إخواننا في الدين انهم سيعودون الينا يوما ويسببون لنا عديد المشاكل.
لا يزال عديد الناس نازحين بداخل الوطن، يعيشون في مخيمات تفتقر الى أدنى الخدمات، لا تصلح لأن تكون حظائر حيوانات، اما حظائر الدواجن فمتوفر بها كافة السبل، ناهيك عن الذين اجبروا على الرحيل وتركوا اوطانهم ليعيشوا الغربة قسرا بفعل بعض أبناء الوطن الميامين.
تمكن ما يقرب من المليون عربي ممن ضاقت بهم السبل من التحول الى القارة العجوز، بفعل الخصوبة العالية لدى العرب,سيشكلون الغالبية السكانية في العقود القريبة القادمة (لوبي عربي) وبالتالي يمكننا التحكم في مصير المنطقة.
تمددت الحركات الإرهابية ,قامت الدولة الإسلامية التي يتوقع الكثير من صناع القرار بقاءها على المدى المتوسط، فرغم سقوط الديكتاتوريات إلا أن الساسة الجدد اثبتوا أنهم أكثر تمسكا بالكراسي من سابقيهم، فهؤلاء يعملون كل ما يمكّنهم من الاستمرار في السلطة، إنها ولا شك فرصة لن تعوض، فلا بأس من افتعال الأزمات، وكل يوم يقضونه في السلطة هو زيادة في الخير والبركة, الوعود الانتخابية صارت حبرا على ورق، لم ينفذ منها أي شيء، لقد ارتأى هؤلاء أن الأعمال المنوطة بهم جسام وان الوقت لم يعد يكفي لتحقيقها، لقد انتهت المدد المحددة، كيف لهم أن يتركوا أماكنهم ولمّا يملئون جيوبهم بعد؟ فلجئوا إلى التمديد لأنفسهم ومن لم يعجبه يشرب من ماء البحر أو الترعة لا يهم، منع التظاهر والاعتصام بحجة أنهم مخربون، ولتقفل الخدمات العامة، وحجتهم في ذلك أن أسلافهم نهبوا وتمتعوا بالسلطة أكثر منهم، إنها الديمقراطية التي سقط من اجلها آلاف القتلى ونتج عنها آلاف المعوقين وهدم البيوت ومراكز الخدمات العامة. العراق والشام لا تزالان مستباحتان وساحة صراع للقوى الإقليمية والدولية.
بالشأن الفلسطيني,فلسطين التي تعتبر قضية العرب المركزية الأولى على مدى اكثر من سبعة عقود,فان الانبطاحات المتتالية لـ(سلطة رام الله)أصبحت استراتيجية,لم تشفع لها لدى العدو لتبييض وجوهم امام الشعب الابي الذي انتخب بعضهم وتعشم فيهم الخير,العدو قام بالاستيلاء على آلاف الدونمات من الأراضي بالضفة لإقامة مستوطنات لمن يريدون المجيء الى ارض الميعاد,وإنشاء 2000 وحدة سكنية بالقدس,التي انتقلت اليها سفارة أمريكا والعرب بمجملهم لم يحركوا ساكنا,بعضهم على استحياء شجب واستنكر العمل,شعب الجبارين رغم قلة الإمكانيات إلا انه ابى الذل والهوان,استخدم السيارات لدهس الأعداء والمديّ والسكاكين,اردفها بإطلاق الطائرات الورقية الحارقة التي أتت على الأخضر واليابس بالأراضي المحاذية للقطاع,لا يزال مسلسل التفاوض العبثي مستمرا,صفقة القرن التي اعد طبختها أعداء الامة بتواطؤ مع من يدعون العروبة والإسلام وحرصهم على المقدسات تفوح رائحتها,تزكم الانوف ولن يسقطها إلا تكاثف أبناء فلسطين الاحرار الشرفاء الذين لم ينخرطوا في التسويات المذلة.
في ليبيا امضى المجلس الرئاسي(مجلس الوصاية)وحكومته الرشيدة عامه الثاني في الحكم (وفصاله في عامين),بدى معتمدا على قطّاع الطرق,قتلة الأبرياء ومبذري أموال الشعب, فالخزانة العامة شبه خاوية على عروشها رغم تحسن الإنتاج النفطي الذي فاق المليون برميل يوميا,انهم حرامية العصر,القطاعات الخدمية وباعتراف المنظمات الأممية شبه معطلة,تقوم بعض الدول بتقديم منح وهبات جد بسيطة لتلك القطاعات وبالأخص الصحية,لقد استطاعت الفئة الباغية التي تتصدر المشهد السياسي ان تعيد البلد الى زمن الاستعمار,متمثلا بإبقاء البلد تحت الفصل السابع وساحة صراع لكافة المخابرات الدولية,من كان يتصور ان دولا مثل السودان وتشاد والنيجر,تتوغل قواتها لمئات الكيلومترات بالأراضي الليبية وتتدخل في الشأن الداخلي وتقوم بعمليات القتل والتهجير والخطف طلب الفدية,التاريخ يعيد نفسه,عملاء اليوم ورثة عملاء الامس,مجرد اختلاف اسماء.
اما في بلاد الرافدين,رغم مرور 15 سنة على التغيير المزعوم,فإن الوضع يزداد سوءا عند مطلع كل شمس,محاصصات طائفية بأثواب سياسية ينفذون اجندات خارجية,حكومة ينال وزراءها الثقة بالتجزئة,والعم سام يلتقي جنوده بالعراق دون ان يُعلم سدنته,وصغار القوم يكتفون بالتنديد.اما في تونس وبعد ثامن سنوات من التغيير يتم حرق صحفي ليلتحق بالبوعزيزي…في انتظار الثورة (المضادة) لإزالة من هم في سدة الحكم بعد ان اصبحوا علامة مسجلة في الفساد المالي والأخلاقي,يستجدون البنك الدولي للارتهان للخارج.
السوريون وحدهم من يعبرون الى العام الجديد وكلهم امل في مستقبل افضل بعد ان نكّل بهم أبناء عمومتهم وجيرانهم حيث اذاقوهم سوء العذاب ذبحوا ابناءهم واستحيوا نساءهم,هدموا دور العبادة,حطموا الاثار التي تدل على تقدم الامة في كافة الميادين,اعتبروها تماثيل(اصنام),في حين جاءت المساعدة والعون من الأصدقاء الذين تربطهم بهم مصالح ورؤى مشتركة,الاشقاء في اليمن هناك بوادر حل لازمتهم المستفحلة.
ازدادت المحن,تراكمت الاضغان في القلوب,فترى القوم سكارى وما هم بسكارى,يندبون حظهم لما وصلت اليه الامور في بلداننا التي هبت عليها الرياح الاتية من الشمال المسماة زورا “الربيع العربي” لم تسقط الامطار ولم تتزين الأرض بالأخضر والأزهار المختلفة الألوان, بل تساقطت حجارة السجيل التي كنا نسمع عنها وفتكها بكل ما تقع عليه, سالت اودية من الدماء البشرية بأيدي محلية واعجمية بأدوات مختلفة منها ما هو مصنّع اصلا للفتك بالأفراد ومنها الخاص بالدروع ,تمزقت الاجساد البشرية وتناثرت اشلاءا في كل مكان, يصعب جمعها والتعرف على هوية صاحبها ,ليس بالضرورة ان تدفن وفي كل موقع ملطم ,ارتوت الأرض بالدماء, انبتت اشواكا لن تدمي من يلمسها, فالأحياء يعيشون بلا دم ولو كانوا غير ذلك لما ارتضوا ان يستمر هذا المسلسل الاجرامي المدبر.أ لا تعسا لأناس يرتضون حياة الذل والمهانة، لقد أصبحت بلداننا مجموعة من الفخاخ أن أخطأنا الوقوع بإحداها وقعنا في الأخريات.
كنا نتمنى ان تحل أيها العام الجديد ونحن في أحسن حال ولكننا نحن كما نحن ان لم نقل أسوأ، فالأمور ليست بأيدينا او ربما تم تغييبنا فالوسائل كثيرة.
المواطن بالدول المنكوبة(الربيع العربي) يحلم بأشياء جد بسيطة سهلة التحقيق ان تضافرت الجهود وحسنت النوايا,الاستقرار الأمني وتحسن الوضع المعيشي,واحترام ادمية الانسان.