كان شعار استعادة السيادة الكاملة تغطية للضغوط الأيرانية المطالبة برحيل القوات الأمريكية من العراق و بما ان حكومة ( حزب الدعوة ) الموالية لأيران و المنفذة لتعليمات طهران قد طلبت من الحكومة الأمريكية انسحاب القوات الأمريكية من العراق و قد رحبت الحكومة الأمريكية بالطلب العراقي و سحبت جيشها المتواجد على الأراضي العراقية و بسرعة كبيرة للتخلص من التكاليف الباهظة التي تكبدتها امريكا ثمنآ لوجودها العسكري المباشر في العراق اما حكومة ( حزب الدعوة ) فقد اقامت الأحتفالات و نظمت الأستعراضات العسكرية و اعتبر يوم رحيل القوات الأمريكية من العراق عيدآ وطنيآ سمي ( بيوم السيادة ) و كأن السيادة قد عادت في ذلك اليوم و لم تغادر بعده ابدآ .
كان النقص الهائل في الخبرة السياسية و الحنكة العسكرية لدى ( القيادة ) العراقية و اذا ما اضفنا اليه تنفيذ الأوامر الخارجية الصادرة من ايران دون نقاش او حتى تبادل للآراء كان وراء الطلب المستعجل من القوات الأمريكية بالمغادرة قبل اكتمال تسليح الجيش العراقي و صنوف القوات المسلحة الأخرى و عدم التمكن بعد من اتمام جاهزيتها القتالية و اكتمال عديدها و عدتها حتى هاجم بضعة مئات من عناصر المنظمة الأرهابية ( داعش ) الأراضي العراقية و احتلوا ثلث مساحة الدولة و استمكنوا من ثلاث محافظات كبرى حينها كانت الوصفة التبريرية و كما هي العادة جاهزة و حاضرة و لم يتطرق أحد من قيادات حزب الدعوة الى انتقاص السيادة حينها او يتحدث احدهم عن الأجتياح الداعشي المهين و ألأدهى من ذلك كله لم يسائل ( القائد العام للقوات المسلحة ) مجرد سؤال عن اسباب هذا الأنهيار المريع و لم يقدم احد من ( قادته ) العسكريين المهزومين للمثول امام المحاكمة على الأقل بتهمة الفرار من ساحة المعركة .
كانت هناك عدة اسباب وراء الطلب العراقي من الحكومة الأمريكية في سحب قواتها و الرحيل عن العراق اول تلك الأسباب و كما اسلفنا كان الرضوخ للمطالب الأيرانية لأن الهيمنة الأيرانية على الأوضاع في العراق لا تكتمل بوجود الجيش الأمريكي الذي سوف يبقى ينغص على الأيرانيين و يحد من تحركاتهم و يضع حدآ لطوحاتهم في تعبيد الطريق الذي يمر حتمآ بالعراق اضافة الى طموح رئيس الوزراء وقتها للظهور و كأنه البطل الوطني الذي اجبر قوات الأحتلال على الجلاء و استرجاع السيادة الكاملة على الأراضي العراقية و يبدو ان رئيس الوزراء السابق قد نسي او تظاهر بالنسيان دفعآ للأحراج في ان القوات الأمريكية هي من مكنته كي يصبح رئيس وزراء ( العراق ) و قائدآ عامآ لقواته المسلحة .
كان للوجود الأمريكي في سوريا تأثير واضح على سير المعارك التي تخوضها ( قوات سوريا الديمقراطية ) و كان الدعم الأمريكي لهذه القوات كبيرآ ان كان بالأمدادات و التجهيزات العسكرية او بالأسناد الحربي المباشر ما لم يعجب العديد من الدول ان انبرت ماكنة الأعلام الأيرانية و معها جوقة المرددين من العراقيين في تصوير الأمريكان و كأنهم الشياطين و الأشرار الوحيدين في العالم الذين لا حسنة لهم و لا فائدة ترجى منهم و ان وجودهم في سوريا هو لدعم المنظمات الأرهابية و القتال في صفوف ( داعش ) و كانت تلك الماكنة الأعلامية تختلق الأخبار و تفبرك الأفلام و المقاطع في كيفية انزال المساعدات و المؤن الأمريكية على المعسكرات الداعشية و عن انتقال الدواعش بالطائرات الأمريكية من مكان الى آخر من تلك الأفلام الهوليودية السخيفة و التي استهلكت كثيرآ حتى لم تعد تنطلي على أحد و لا حتى على اولئك الذين يريدون تصديقها و ان كانت كذبآ واضحآ و دجلآ بينآ .
كان قرار الأنسحاب الأمريكي من سوريا قد نزل كالصاعقة على رؤوس تلك القوى الدولية التي كانت تتهم الأمريكان بدعم ( داعش ) و اسناده و بدلآ عن الأرتياح و الأستبشار بالقرار الأمريكي بأعتباره نصرآ مظفرآ للحلف الروسي الأيراني و هزيمة نكراء للتحالف الأمريكي الدولي الا ان تلك القوى المعادية للوجود الأمريكي سرعان ما اصابها الذعر و الأرتباك تخوفآ من استعادة ( داعش ) زمام المبادرة الهجومية و التمكن من اختراق الحدود العراقية من جديد و الهجوم على القوات العراقية لذلك استجلبت هذه القولت تعزيزات اضافية لسد الثغرات و منع ( داعش ) من العبور الى داخل الأراضي العراقية و تكرار الحالة المأساوية التي مرت بالعراق حين اجتاح تنظيم ( داعش ) الأجرامي الدولة العراقية بعد ان عجزت حكومة حزب الدعوة السابقة برئاسة ( نوري المالكي ) عن حماية البلاد و المواطنيين العراقيين .
كل هذا الفزع و الهلع و الخوف و الأرتباك من مغادرة القوات الأمريكية للأراضي السورية و انسحابها منها يثبت امرآ واحدآ لا غير هو ان كل الأدعاآت و الأنباء التي تتحدث عن دعم الأمريكان و اسنادهم لتنظيم ( داعش ) هو مجرد هراء و لا يمت للحقيقة بصلة و انما هي مجرد افتراءآت و اكاذيب لا اكثر و ان القوات الأمريكية كانت جادة و مصرة على مجابهة ( داعش ) من خلال الدعم العسكري المقدم للفصائل المقاتلة المعادية لتنظيم داعش من خلال التدخل العسكري المباشر سواء بالطيران الحربي او بالقوات البرية و كذلك كانت القوات الأمريكية تقدم العون و المشورة و المساعدة العسكرية اللأزمة للقوات العراقية و هذا ما صرح به الضباط العراقيون في ميادين المعارك حيث كان لطيران التحالف الدولي بقيادة امريكا دورآ فاعلآ و مؤثرآ في الحد من تمدد ( داعش ) و القضاء على عناصره و الحاق الهزيمة بهم .
لسنا هنا في مجال الدفاع عن احد او مهاجمة آخر انما في تبيان الحقيقة و التي من صالح احد الأطراف ان تطمس و تغيب و تختلط الأمور و تتداخل بهدف التشويش المقصود و ايهام الرأي العام و جعله في حالة من التوتر و الأرتباك و التحفز للأنقضاض على العدو المزعوم الذي خلقته الدوائر الأستخباراتية و الأعلامية الأجنبية و التي لطالما حاربت و قاتلت اعدائها بأبناء الشعوب الأخرى و هاهي مرة اخرى تعيد الكرة و تصور خصومها على انهم اعداء الجميع و على الكل ليس فقط ان يصطف معها لمحاربتهم لا بل ان يحارب الآخرون نيابة عنها و سوف تستمر تلك الدوائر في المحاولات طالما هناك اناس ارتضوا لأنفسهم ان يكونوا مطية في تنفيذ الأجندات الأجنبية و ان كان ذلك على حساب شعوبهم و ابناء جلدتهم .