عذرا على التشبيه ولكن حقيقة العلاقة بين هاتين الجهتين الرسميتين تكاد تكون في قوتها كالزواج الكاثوليكي الذي يقوم على الديمومة وعدم الانحلال , هذه العلاقة ممكن ان تكون ايجابية في أتجاه وسلبية في أتجاهات أخرى, وحتى بعد صدور قرار الفصل بين وزارة النقل وسلطة الطيران المدني العراقي منذ 7 أشهر ودخل حيز التنفيذ قبل اكثر من 4 أشهر لم نرا تطبيقا فعليا لهذا الفصل او (الطلاق من هذا الزواج) على ارض الواقع مما يثير الشك على أن الجانب السلبي لهذه العلاقة ستكون هي السائدة على العلاقة وهذا مابدا واضحا في أوجه القصور لبعض اقسام السلطة وخصوصا قسم السلامة الجوية التي باستمرار عملها على هذا المنوال سيؤدي الى أفشال القرار وهو( مايتمناه البعض !) .
المعروف عن سلطة الطيران المدني العراقي بانها الجهة الرسمية الوحيدة التي يقع على عاتقها مسؤولية المراقبة والاشراف والمحاسبة لقطاع النقل الجوي وباقي القطاعات الخدمية للطيران العراقي وفقا لإختصاصاتها الواردة في قانونها الأساسي , لذا فالمسؤولية في الوضع الجديد للسلطة يحتم عليها التغيير الجاد في سياسة التعامل مع هذه الجهات التي تقع تحت مسؤوليتها الرقابية (شركات النقل الجوي العاملة في العراق وشركة الملاحة الجوية المستحدثة حديثا بالاضافة الى ادارات المطارات ) وهذا مايزعج الطبقة الفاسدة المنتفعة شخصيا من هذا الشيء وتحاول بكل ماأوتيت من قوة ومال وسلطة على افشال هذا القرار كون تطبيقه سيشرع على فتح ابواب المحاسبة لجميع ملفات الفساد العالقة في القطاع ( خلال فترة الزواج الكاثوليكي ) , هذه المحاسبة التي ستأتي عاجلا يجب ان تكون مدروسة ومخطط لها وفق أستراتيجية متكاملة للمعالجة في كافة الجوانب السلبية لهذه الجهات الخدمية لانقاذ مايمكن أنقاذه من واقع قطاع الطيران المدني العراقي .
وهو ما بدأت به الادارة الجديدة للسلطة واقسامها بجدية من خلال بعض التغييرات التي أراها خجولة وبطيئة في التنفيذ لاسباب المعلن عنها انها روتينية ولكن الواقع يكشف عن اسباب اخرى ابرزها وجود اطراف داخلية من بعض الموظفين والعاملين في بعض هذه الاقسام (توابع للادارة القديمة ) وتحديدا القلب النابض لسلطة الطيران المدني العراق قسم السلامة الجوية تحاول عرقلة الفصل وابقاء واقع الوصاية الحكومية ظاهريا على السلطة ولكن حقيقة الامر كما قلت سابقا هم ادوات من قبل أطراف محسوبة على مصالح جهات تعمل على بقاء الحال على ماهو بغرض تجديد عقود الفساد التي أدت الى ضياع ايرادات الدولة ومن ابرز هذه العقود عقد الشركة التركية لتشغيل رحلاتها الى أوربا والذي يكبد خسائر تتجاوز ال 15 مليون دولار سنويا يذهب الجزء الاكبر منها في جيوب هؤلاء .
لقد كان لحيثيات قرار الفصل أن هناك مؤشرات واضحة لمكامن الخلل في هيكلية السلطة والدور الفاشل للادارة السابقة لها في تقليل التأثيرات الحكومية او الجهات الفاسددة على عمل السلطة السابقة مما أثر سلبا في تطبيق المعايير الدولية المطلوبة لمقدمي الخدمات في الجهات ذات العلاقة (المطارات ، الرقابة الجوية وشركات النقل الجوي ) من خلال مرجعية ادارية واحدة تتمركز بيد هذه الاطراف الحكومية ظاهريا والجهات الفاسدة المرتبطة بها واقعيا تباشر أعمال السلطة واقسامها أدت الى وصولها لمرحلة فقدان آليات الرقابة على التشغيل الامن لقطاع الطيران والغاء دور السلطة التنظيمي والرقابي وهذا ماكان واضحا عند تجديد شهادة المستثمر الجوي لشركة الخطوط الجوية العراقية والتي كانت تجدد تلقائيا (((من قبل نفس صغار الموظفين اللذين اشرنا لهم سابقا ))) دون التأكد من امتثالها لمتطلبات والمعايير المطلوبة لتجديد هذه الشهادة فقط ليستمر الحظر الاوربي على الخطوط الجوية العراقية والذي بدأ منذ اكثر من ثلاث سنوات وهذا بحد ذاته يعتبر مؤشر خطير جدا لخلل واضح في عمل قسم السلامة الجوية التي بقت عاجزة عن حل هذه المشكلة بسبب هؤلاء الموظفين الفاسدين تحديداً , أضافة الى دور هؤلاء الموظفين السلبي في بقاء قطاع الطيران العراقي ضمن خمس قطاعات في العالم لم تجتاز سلطات الطيران فيها البرنامج العالمي لتدقيق مراقبة السلامة (USOAP) الذي يعتبر ملزما للدول المنضوية تحت مظلة الايكاو وبأجتيازه يكرس اعترافاً دولياً باجراءات السلطة كمؤسسة منظمة ومراقبة لقطاع الطيران في العراق حالها حال سلطات الطيران الاخرى في العالم.
أن الاختيارات الخاطئة للاشخاص العاملين في قطاع حيوي مثل قطاع الطيران والذي يتم على أساس المحسوبية والعلاقات الخاصة دون الرجوع الى شهادات وكفاءات هؤلاء أثر سلبا في تطبيق المعايير الدولية الخاصة في اعمال الطيران العراقي , والذي من الممكن أنه سيطيح بهذا القار وقرارات أخرى صادرة من مجلس الوزراء لاصلاح قطاع الطيران في العراق , والقرار الاخر الذي لم يدخل حيز التنفيذ من اكثر من سنة هو القرار الخاص بتأسيس شركة لإدارة الأجواء العراقية باسم الشركة العامة لخدمة الملاحة الجوية بعد فصلها عن المنشأة العامة للطيران المدني العراقي بحجة عدم اكمال هيكلية الشركة ؟ والتي كان من المفروض ان يبدأ عملها بدايات عام 2018 الفائت .
لذلك أدعو من الادارة الجديدة لسلطة الطيران المدني العراقي (والتي استبشر بها خيرا ) أن تبدأ بتحريك الساكن والاسراع في تنفيذ جميع المتطلبات اللوجستية والفنية والإدارية لقرار مجلس الوزراء والاعلان عن التشكيل الرسمي للسلطة بعد فصلها عن الوزارة بهيكلية جديدة وبرنامج عمل يحاكي الواقع الحالي للطيران العراقي والاهم أحداث تغييرات جذرية للكوادر من المسؤولين والموظفين المحبطين الذين شغلوا المناصب فقط للاستفادة منها دون التفكير في تطوير أقسام عملهم وتبديلهم بأشخاص من اصحاب الخبرات والكفاءات في مجال علوم الطيران المخلصين حتى لو كانوا من خارج المنظومة الحكومية وايضا الاعتماد على الكفاءات والخبرات الاجنبية في مرحلة ما او عند الحاجة لهم لكي يتم أيجاد الحلول الجذرية للمشاكل المزمنة لقطاع الطيران في الرقابة على سلامة التشغيل للطائرات والحصول على الاعترافات الدولية المعنية باجراءات سلطة الطيران الجديدة كجهة تشريعية مستقلة تعمل بمعزل عن التدخلات المشبوهة وهو مطلب رسمي من جميع المنظمات العالمية ذات العلاقة .
وأجدد حذري للادارة الجديدة في السلطة من مخطط كبير يهدف الى ابطال قرار الفصل والبقاء على الزواج الكاثوليكي بين السلطة ووزارة النقل تقف خلفه الجهات الفاسدة والمتسلطة وبمساعدة ضعاف النفوس في بعض اقسام السلطة للعودة الى المربع الاول الذي أدى الى تخريب سمعة الطيران العراقي وتدمير مستقبله .