ستكتمل 90 يوم، من تاريخ التصويت من تاريخ منح الثقة للوجبة الأولى من الكابينة الوزارية، وسيعقد البرلمان جلسته القادمة يوم 8\1\2019، ولا أحد يعرف لحد الآن، هل سيكون ضمن جدول أعماله التصويت على بقية الوزراء، في أول يوم من عودته من هذه الإجازة؟!
حكومة بتقسيط غير مريح، وتسقيط هاديء بين القوى السياسية، والشارع قلق من طبيعة التركيبة الحكومية، سيما مع بقاء أهم ثلاث وزارات سيادية ( الداخلية، الدفاع، العدل) بلا وزراء، والسبب عدم حصول إتفاق بين الكتل السياسية، وبالذات بين كتلتي ” الأصلاح والإعمار” و “البناء” وكأن العراق خلا من الكفاءات المهنية المتخصصة، التي يمكنها إدارة الوزارة!!
أسئلة كثيرة تُطرح على رئيس مجلس الوزراء والكتل السياسية، سيما وأن الوزارات المتبقية، من المفترض أن تكون الأول بالتشكيل والأبعد عن الحزبية والتجاذبات السياسية، فالوزارتين الأمنيتين قوام قواتها يتجاوز مليون مقاتل وأسلحة ومعدات، وتخصيصات مالية تفوق بقية الوزارات، وكذلك العدل معهما يتداخل العمل مع بقية الوزارات.
تعطيل عمل الوزارات الثلاث، يعيق عمل الحكومة بشكل كبير، كونها تتعلق بعملية الإصلاح ومحاربة الفساد، والحاجة للأوامر القضائية والقوة الأمنية لردع الخارجين على القانون والسلاح المنفلت، والمشكلات العشائرية وعصابات الجريمة والإرهاب، ومنع إستخدام الأذرع المسلحة في فض النزاع السياسي، في وقت تراجع دور الحكومة، نتيجة إنشغال الوزارات الأمنية في السنوات السابقة بمحاربة الإرهاب، وفي هذا الجانب آلاف من الملفات القضائية، وهذا ما أضعف القانون والدولة، ونما القوى الفرعية.
إن طرفي النزاع ما يزالان مصران على أحقية إدعاء كل منهما، فالبناء يقول أنه الكتلة الأكبر، في حين لا يملك نصاب قانون لتمرير وزير، وكذلك الإصلاح تعتبر إنسحابها معطل لعمل البرلمان وإختلال نصابه، ولا مرونة بين الطرفين، بل لا تعتبر بعض القوى أن الإلتقاء في نقطة المنتصف؛ كسب لنصف المسافة، بل العكس تعتبره خسارة نصف المكتسبات، الذي تراها كاملة من حقها، ولا شريك سوى من يدخل ضمن تحالفها.
كسر النصاب أحد الممارسات الديمقراطية، التي إستخدمها تحالف الإصلاح، فيما يلجأ تحالف البناء على إقناع الأول، على الدخول الى جلسة البرلمان، والتصويت بالأغلبية لمرشحها.
تقسيط الحكومة بدفعات غير مريح، والشعب ينتظر أن تنهال عليه الإصلاحات دفعة واحدة، ويغادر المحاصصة والحزبية الضيقة والتسقيط، الذي أسقط بعض القوى السياسية، في وحل المغالاة والإعتقاد بأنها الحاكمة الوحيدة للعراق، وبسواها سيتجه البلاد للفوضى، لذا وضعت العراقيل والمعوقات، أمام مرحلة عبور الإنتماءات الفرعية، ولكنها لم تتعلم درساً من تجربة عزوف الإنتخابات، ولا غضب الشارع تجاه بعضها، ولم تعد السلطة وسيلة للعودة لها مرة آخرى، مع نضوج شعبي، أصبح يدرك أن تقسيط الحكومة بهذا الشكل؛ لفرض إرادات سياسية، لا غاية جماهيرية، والشعب لا يعنيه أن جاء هذا أو ذاك، بقدر ما يبحث عن حكومة منسجمة، وهذه لا يمكن أن تبني بلداً في أسس هشة، قوامها خلافات سياسية لكسر العظم، وشخصيات أهم وزارات مختلف عليها.