18 نوفمبر، 2024 1:02 ص
Search
Close this search box.

المشاركة الوطنية واللا أبالية في ممارسة حقوق المواطنة العراقيـة

المشاركة الوطنية واللا أبالية في ممارسة حقوق المواطنة العراقيـة

إن النظام الديمقراطي ما لم يؤسس على قيم يجلها المجتمع ويؤدي إلى نتائج تحقق قدراً متزايداً من المساواة والعدل والأنصاف تبقى الديمقراطية فيه شكلاً أجوف ولعبة في يد القوي ضد الضعيف ينخر فيها الفساد ، الأمر الذي يجعل الارتداد عنها إلى نظم حكم شمولية ووهم العادل المستبد مطلباً جماهيرياً يستجيب له المقامرون . ولعل النقل الشكلي للديمقراطية إلى بلداننا النامية وتوظيفها لتكريس مصالح الحكم وترسيخ التبعية بكل أبعادها يفسر الإحباطات الكثيرة التي شهدتها أغلب بلداننا تجاه الممارسات الشكلية الجوفاء للديمقراطية في معزل عن المشاركة الفعالة لمعظم أفراد المجتمع وجماعاته في الخيرات وفي اتخاذ القرارات وتحديد الخيارات .
    إن مثل الممارسات التي تبتسر الديمقراطية وتفرغها من مضمونها الوطني وتبعدها عن التطور باتجاه المشاركة السياسية الفعالة وتحقيق المصالح الحيوية للشعوب ، هي في الحقيقة تضليل وإعاقة للديمقراطية وخلق التناقض بين نتائج الممارسة الديمقراطية المزعومة والأهداف الوطنية للمجتمع الذي تطبق فيه .
    فـإن سعي الإنسان من أجل الإنصاف والعدل والمساواة يعبر عن فطرة إنسانية ـ أقدم من عصر دولة المدينة ـ حالت القوى الغاشمة وما زالت تحول دون الوصول إليه . فقد خلق الله الناس متساوين فدفعهم الجشع المدعوم بالقوة إلى استعباد القوي منهم للضعيف بأشكال مختلفة وبأعذار ولأسباب متعددة . وحيث أن سعي الإنسان المقهور إلى الأنصاف والعدل والمساواة فطرة إنسانية فقد استمر الصراع عبر العصور من أجل تأكيد الإنسان لذاته والمطالبة بحق الشراكة في الطيبات وحق المشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات وتحديد الخيارات .(1)
    ومـن هنا ، فإن تاريخ مبدأ المواطنة هـــو تاريخ سعي الإنسان من أجل الإنصاف والعدل والمساواة ، وقد كان ذلك قبل أن يستقر مصطلح المواطنة أو ما يقاربه من معان في الأدبيات بزمن بعيد .
    لقـد ناضل الإنسان من أجل أعادة الاعتراف بكيانه وبحقه في الطيبات ومشاركته في اتخاذ القرارات على الدوام . وتصاعد ذلك النضال واخذ شكل الحركات الاجتماعية منذ قيام الحكومات الزراعية في وادي الرافدين مروراً بحضارة سومر وأشور وبابل (2) .
    وقـد كان من بين أسباب انهيار الإمبراطوريات وخلع الملوك تجاهلهم لمتطلبات السلم الاجتماعي وإقصاؤهم للآخرين وعجزهم عن توخي الحكمة وإدراك قوة مطلب الشراكة في الطيبات والمشاركة في اتخاذ القرارات لدى الفئات التي يعتمدون عليها في استمرار السلطة أو القيام بالإنتاج(3)  .
    وعنـدما كان الإسلام على وشك البزوغ قام في مكة حلف الفضول الذي كان يتدخل لنصرة المظلوم سواء كان من أهل مكة أو من زوارها . وقد شهد الرسول (ص) في صباه قيام هذا الحلف وقال عنه فيما بعـد : – ” لو دعيت به في الإسلام لأجبت ” (4) .
    وقـد قرب المسلمون الأوائل من مفهوم المواطنة كما كان معروفاً قبل ظهور الإسلام ، وكان ذلك بفضل ما يحمله الإسلام من منظور أنساني للوحدة الإنسانية والمساواة في الحقوق والواجبات والذي تشير إليه الآيات القرآنية : ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ ” … ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ” … ” يـا أَيُّهَا الَّذيِنَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّاميِنَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للَِّه”ِ … على هذا الأساس بين الإسلام سياسته الإصلاحية فيما بين المسلمين وفيما بينهم وبين غيرهم من مواطنيهم أو من الأمم المختلفة .
    وإلـى جانب المساواة فقد كانت مبادئ العدل والقسط والإنصاف من المبادئ الجوهرية التي أكدها الإسلام وجاءت بها آيات القرآن الكريم : ” إن اللّه يَأمرْ بالعَدلِ والإحسان ” … “وإذا حَكمتُمْ بَينَ الناسِ أن تَحْكموا بالعَدلِ ” … وقد كان أمر الله بالعدل أمراً عاماً دون تخصيص بنوع دون نوع ولا طائفة دون طائفة لأن العدل نظام الله وشرعه والناس عباده وخلقه يستون ذكرهم وأنثاهم ، مسلمهم وغير مسلمهم أمام عدله وحكمته (5) .

ماهـية المواطنة
    يحتـل مفهوم المواطنة موقعاً مركزياً في الفكر القانوني والدستوري المعاصر ، إذ أن المواطنة بما تشكل من شخصية اعتبارية  لها حقوق وواجبات ، وهي أحد الأعمدة الرئيسية للنظريات الدستورية والسياسية المعاصرة ، إذ أن الفكر السياسي الحديث يعتمد في البناء القانوني للوطن ، على هذا المفهوم ، ويحدد له جملة من الإجراءات والاعتبارات .
    لذلك ، فأننا نعتقد أن تطوير واقعنا السياسي والقانوني اليوم مرهون إلى حد بعيد بقدرتنا على المستويين النظري والعملي لبلورة هذا المفهوم ، كحقوق وواجبات في الفضاء الاجتماعي والوطني (6) .
    اقترن مفهوم المواطنة أو ما يدل عليه من مصطلحات بإقرار المساواة للبعض أو للكثرة من المواطنين للممارسة الديمقراطية الراهنة . ويكون التعبير عن أقرار مبدأ المواطنة بقبول حق المشاركة الحرة للافراد المتساوين . وقد كان التعبير عن أقرار المواطنة مرتبطاً دائماً بحق ممارسة احد أبعاد المشاركة أو ممارسة كل أبعادها بشكل جزئي أو كلي . فقد ارتبط مفهوم المواطنة بحق المشاركة في النشاط الاقتصادي والتمتع بثمراته ، كما ارتبط بحق المشاركة في الحياة الاجتماعية ، وأخيراً حق المشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات الجماعية الملزمة وتولي المناصب العامة فضلاً عن المساواة أمام القانون (7) .
    إن الترجمة العربية للمفردة الإنكليزية Citizenship بـ ” المواطنة ” ، يمكن اعتبارها ترجمة مقبولة وموفقة حيث رأى الباحثون والمفكرون العرب تأصيلاً للمفهوم وتقريباً له من ذهن الإنسان العربي ، وربطه بفكرة الوطنية ذات الأهمية المركزية في العمل المشترك بين جميع المواطنين من أجل النهضة الحضارية ومن أجل تحقيق الاندماج الوطني وبناء الدولة باعتبارها مؤسسة مستقلة عمن يحكمها يتساوى جميع المواطنين في القرب والبعد منها ، ويتمتعون جميعاً بحقوق مدنية وسياسية واجتماعية كما يتحملون واجبات متساوية دون تميز (8) .
    وتشيـر دائرة المعارف البريطانية إلى أن مفهوم المواطنة هو علاقة بين الفرد والدولة كما يحددها قانون تلك الدولة وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة . كما أن المواطنة تدل ضمناً على مرتبة من الحرية مع ما يصاحبها من مسؤوليات تُسبغ على المواطن حقوقاً سياسية مثل حق الانتخاب وتولي المناصب العامة (9) .
    وتـذكر موسوعة الكتاب الدولي ، أن المواطنة هي عضوية كاملة في دولة أو فـي بعض وحدات الحكم ، وأن المواطنين لديهم بعض الحقوق ، مثل حق التصويت وحق تولي المناصب العامة ، وكذلك عليهم بعض الواجبات (10) .
    ويبـدو من هذه التعريفات ، أنه في الدولة الديمقراطية يتمتع كل من يحمل جنسية الدولة من البالغين الراشدين بحقوق المواطنة فيها . وهذا الوضع ليس في الدول غير الديمقراطية حين تكون الجنسية مجرد تابعية لا تتوفر لمن يحملها بالضرورة حقوق المواطنة السياسية ، هذا أن توافرت هذه الحقوق أصلاً لأحد غير الحكام وربما للحاكم الفرد المطلق وحده .
    فـالمواطنة تجسيد لنوع من الشعب يتكون من مواطنين يحترم كل فرد منهم الفرد الآخـر.. ويتحلون بالتسامح تجاه التنوع الذي يزخر به المجتمع . ومن أجل تجسيد المواطنة في الواقع ، على القانون أن يعامل ويعزز معاملة كل الذين يعتبرون بحكم الواقع أعضاء في المجتمع على قدم المساواة بصرف النظر عن انتمائهم القومي أو طبقتهم أو جنسيتهم أو عرقهم أو ثقافتهم أو أي وجه من أوجه التنوع بين الأفراد والجماعات . وعلى القانون أن يحمي وأن يعزز كرامة واستقلال واحترام الأفراد وان يقدم الضمانات القانونية لمنع أي تعديات على الحقوق المدنية والسياسية . وعليه أيضاً ضمان قيام الشروط الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق الإنصاف . كما أن على القانون أن يمكن الأفراد من أن يشاركوا بفاعلية في اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم وان يمكنهم من المشاركة الفعالة في عمليات اتخاذ القرارات السياسية في المجتمعات التي ينتسبون إليها .
    فـالمواطنة ليست شعاراً مجرداً عن حقائق ووقائع الحياة ، وإنما هي منظومة قيمية وإدارية وسياسية تتجه بكل إمكاناتها لمنح المواطن كل حقوقه وتحفزه للالتزام بكل واجباته ومسؤولياته .
    فالثالوث القيمي (العدالة ، الحرية ، المساواة) هو الذي يمنح مفهوم المواطنة معناه الحقيقي ، ويخرج المواطن من حالته السلبية المجردة إلى مشارك حقيقي وفعال في كل الأنشطة الوطنية .
    وبهـذا يتضح ، أن المواطنة هي حقوق وواجبات ، منهج وممارسة ، آفاق وتطلعات ، حقائق دستورية وسياسية ، ووقائع اجتماعية وثقافية . فالمواطنة لا تبنى بدحر خصوصيات المواطنين أو تهميش بعضهم لدواعي ومبررات معينة وإنما هذا المفهوم يبنى كحقيقة واقعية باحترام الخصوصيات وفسح المجال القانوني والثقافي لكل التعدديات للمشاركة في بناء الوطن وتعزيز قوته وانجاز مشروعه التنموي والحضاري .
    وكـل ثقافة تؤسس للتمايز أو التفريق بين أبناء الوطن الواحد على أسـس تاريخية أو فكرية وسياسية ، هي ثقافة تساهم بشكل أو بآخر في تفويض أركان الوحدة الوطنية وتدق إسفينا في مشروع الوطن والمواطنة .
    فـالمواطنة كمفهوم وإجراءات وحقائق .. هي الإبداع الإنساني الدستوري الذي يضمن لجميع المكونات المشاركة في أدارة الشأن العام وإثراء الوطن على مختلف الصعد والمستويات (11) .
    إن مراعاة الجوانب القانونية والسياسية والاجتماعية لمبدأ المواطنة في الدولة الواحدة ، مؤشر على الالتزام بهذا المبدأ وهو في الوقت نفسه مصدر الضمانات الحقيقية في المدى البعيد لمراعاة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية من مبدأ المواطنة وهي بكل تأكيد لا تقل أهمية عن الجوانب القانونية والسياسية وربما تكون المنشودة أصلاً من النضال في سبيل أقرار مبدأ المواطنة تحقيقاً للسلم والعدل الاجتماعي ، إذ لا معنى لوجود حقوق قانونية وسياسية على الورق لا يتوافر الحد الأدنى من ضمانات ممارستها على ارض الواقع ، مثل وجود التقارب النسبي في الدخل والثروة والمكانة الاجتماعية والمستوى التعليمي وتوفير فرص العمل والتعليم والرعاية الاجتماعية وحق الحصول على المعلومات البديلة التي تجعل من الديمقراطية عملية مشاركة ممكنة فعالةْ وليست مجرد ديكور للاستحواذ والإقصاء والاحتواء من قبل فرد أو قلة من الناس باسم الديمقراطية على حساب قيم العدالة والإنصاف والمساواة .
 فالوطن الذي تتعدد انتماءات مواطنيه لا خيار إمامه لضمان الوحدة والاستقرار ألا تأسيس الأوضاع القانونية والسياسية على مبدأ المواطنة ومقتضياتها الدستورية والسياسية ، بحيث تكون مؤسسة الدولة محايدة تجاه انتماءات مواطنيها ، بمعنى أن انتماء المواطن الديني أو القومي ، لا يزيد من فرصه ومكاسبه وامتيازاته … كما انه ليست سبباً لانتقاص حقوقه في المشاركة في الحياة العامة . فالتعدد لا يمكن أن يدار في الإطار الوطني ألا بمواطنة تضمن للجميع حقوقهم ، وتفسح المجال أمامهم للالتزام بواجباتهم ، والقيام بمسؤولياتهم .
    وإرسـاء مبدأ المواطنة في نظام العلاقات بين أبناء الوطن الواحد وبينهم وبين مؤسسة الدولة ، لا يلغي الروابط والمشتركات الأخرى ، وإنما يصونها ويحترمها ويوفر لها قنوات المشاركة في أثراء الوطن وتنمية المضامين الحضارية والأخلاقية لدى المواطنين .
    فـالالتزام بمقتضيات المواطنة لا يتناقض مع الالتزام الديني أو القومي ، بل هو الفضاء الاجتماعي الذي نتمكن فيه من ترجمة التزاماتنا الدينية والقومية . لان التطلع الديني يتجه إلى التعاون والتضامن وإشاعة الوئام والاستقرار وتحمل المسؤولية العامة ، ولا ريب أن مبدأ المواطنة يتضمن هذه التطلعات ويعمل على انجازها في الواقع الخارجي .
    كمـا أننا اليوم لا يمكن أن نلتزم بمقتضيات انتماءنا القومي ألا ببناء أوطاننا على أسس الحرية والعدالة والمساواة . وبوابتنا لذلك هـي المواطنة بكل حقائقها ومضامينها الدستورية والسياسية والحقوقية ، فهي جسر التزامنا الديني والقومي في حدود الإطار البشري الذي يجمعنا في دائرة الوطن الواحد (12) .
    إن هـذا الفهم الايجابي لمدلول المواطنة يتضح من استخدام عدد من الكتاب لمبدأ المواطنة وسعيهم لتوظيفه من أجل تطوير الحياة السياسية عندنا وصولاً إلى نظم حكم ديمقراطية . وفي هذا الصدد نجد برهان غليون في معرض دعوته لمبدأ المواطنة يقول :- إن فكرة المواطنة كتحالف وتضامن بين ناس أحرار بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، أي بين ناس متساوين في القرار والدور والمكانة ، ومن رفض التمييز بينهم على مستوى درجة مواطنيهم وأهليتهم العميقة لممارسة حقوقهم المواطنية بصرف النظر عن درجة إيمانهم التي لا يمكن قياسا وقدرتهم على استلهام المبادئ والتفسيرات الدينية وكذلك ممارسة التفكير واتخاذ القرارات الفردية والجماعية ، سوف تولد السياسة بمفهومها الجديد . ويشير إلى أن الصراع مع الكنيسة في أوربا هو الذي أسس الاجتماع المدني على قاعدة المواطنة والوطنية . ويؤكد أن كل ارتكاس للسياسة إلى مستوى العقيدة دينية كانت أو علمانية هو حكم عليها بالفناء . ويقول ، أن قوة الأمم التي تملك مصير العالم وتمسك بزمام الحضارة في عصرنا هذا تعود إلى أبداع مبدأ المواطنة ، أي اعتبار المشاركة الواعية لكل شخص دون استثناء ودون وصاية من أي نوع في بناء الإطار الاجتماعي .. هي قاعدة التضامن والتماهي الجماعي ومصدر الحرية كقيمة الحرية كقيمة مؤسسة وغاية للجميع ولكل فرد معاً (13) .
    ويـؤكد وليم سليمان قلادة ضرورة وجود أساسين من أسس المواطنة هما ـ المشاركة في الحكم من جانب ، والمساواة بين جميع المواطنين من جانب آخر . كما يذهب قلادة إلى محاولة تأصيل هذا المبدأ من خلال قوله :- أن استخلاص حقوق الإنسان الدستورية له طبيعة دينية وتعددية ظهرت في صحيفة المدينة التي وضعها الرسول (ص) وجعلت من الجماعة المختلفة في الدين أمة واحدة . ويدعو إلى تفعيل فقه المواطنة في الواقع ويقدم عدداً من المقترحات لمعالجة المشاكل التي تشوب علاقة تكوين المجتمع ـ مذاهب وقوميـات ـ وتحد من توظيف مبـدأ المواطنة بكفاءة (14) .
    ويـذهب عبد الكريم غلاب إلى أن المواطن يأخذ جذره من الوطن في أوسع معانيه الذي يمنح المنتمي إليه الإقامة والحماية والتعليم والاستشفاء والحرية وحق الحكم والتوجيه واستعمال الفكر … وتلك حقوق يتيحها ولا نقول يمنحها الوطـن للمواطـن ، من مدلولات الكلمة . ويضيف : ويلتقي المفهوم الأسمى مع المفهوم الأسمى للإنسان لينقل مفهوم المواطن إلى مفهوم أشمل وهو المواطنة … فتصبح المواطنة إنسانية مضافاً إليها التعلق بشخص آخر يشاركه الوطن ويقتسم معه مضامين الوطن والمواطن وليس أكثر دقة في هذا المفهوم من كلمة المواطنة في العربية لأنها مفاعله بين اثنين يتفاعلون حول الوطن فيقتسمون كل الانتماءات وكل الحقوق والواجبات . ويقول غلاب : إن المواطنين يحملون دلالات أقوى من دلالات الشعب والأمة . فالمواطن هو الذي يصنع القانون الذي يضبط مسيرة الوطن في طريقه إلى المكان الأرفع . والقانون أسمى تعبير عن أرادة الأمة ، والمواطن هو الذي يصنع أو لعله يختار نظام الحكم . ويرى أن اختيار نظام الحكم يعتبر المظهر الأول للمواطنة . ويخلص غلاب ، إلى أن المواطنة لا تستقيم في مجتمع مختل التوازن ، حيث يفقد كل أفراد المجتمع في أعلى شرائحه وفي أحطها مواطنيتهم تعبيراً عن كونهم في الحقيقة لا ينتمون إلى وطن واحد ولا يواطن أحدهم الآخر ، تجمعهم الأرض ولا يجمعهم ما تتيحه الأرض للإنسان . ويؤكد غلاب أن البلاد التي استقامت فيها المواطنة بمفهومها الوطني والإنساني سارت الحياة فيها نحو الأسمى ولا حد للسمو . ويربط غلاب أيضا بين المواطنة والوطنية ، فيقول : إن الوطنية تعني أن يكون المواطن مع وطنه في محنته ، كما كان وطنه معه في سرائه ، وكذلك أن يراعي مسيرة الوطن وهو يتحرك داخل أرض الوطن وخارجه ، فالوطنية هي التي انتصرت كلما تعرضت الأوطان إلى محن الحروب والأزمات … وستظل الوطنية طوق النجاة كلما حاقت بالإنسان والأوطان الأزمات المدمرة مهما قيل عنها أنها متجاوزة أو عاطفة بدائية تختفي تحت ضياء العقل والمعرفة تكشفها العالمية والعولمة وشمولية الأممية والإنسانية (15) .
    إن مبـدأ المواطنة كما استقر في الفكر السياسي المعاصر هو مفهوم تاريخي شامل ومعقد له أبعاد عديدة ومتنوعة ، منها ما هو مادي/قانوني ومنها ما هو ثقافي/سلوكي ، ومنها أيضا ما هو وسيلة أو هو غاية يمكن بلوغها تدريجياً . ولذلك فإن نوعية المواطنة في دولة ما تتأثر بالنضج السياسي والرقي الحضاري . كما يتأثر مفهوم المواطنة عبر العصور بالتطور السياسي والاجتماعي وبعقائد المجتمعات وبقيم الحضارات والمتغيرات العالمية الكبرى ، ومن هنا يصعب وجود تعريف جامع مانع ثابت لمبدأ المواطنة .
    لـكن على الرغم من هذه الصعوبة في تعريف مبدأ المواطنة باعتباره مصطلحاً سياسياً حياً ومتحركاً في صيرورة تاريخية مستمرة ، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن مصطلح المواطنة يمكن استخدامه دون دلالة ملزمة تسمح للمتحدث والمستمع في آن واحد أن يصلا معاً إلى مفهوم محدد ومشترك يتعدى فهم كل منهما للآخر إلى فهم الآخرين المعنيين باستخدام المصطلح داخل البلد نفسه وخارجها أيضا .
    فمصـطلح المواطنة مثله مثل مفهوم الديمقراطية المعاصرة والدستور الديمقراطي اللذين يمتان بصلات وثيقة له ، مفهوم يتطلب وجوده إقرار مبادئ والتزام بمؤسسات وتوظيف أدوات وآليات تضمن تطبيقه علـى أرض الواقع . وإذا كـان من المقبول أن تكون هناك بعض المرونة فـي التعبير عن هـذه المتطلبات ـ من دولة إلى أخرى ومن زمن إلى آخر ـ من أجل الأخذ في الاعتبار قيم الحضارات وعقائد المجتمعات وتجربة الدول السياسية والتدرج في التطبيق ، إلا أن تلك المرونة لا يجوز أن تصل إلى حد الإخلال بمتطلبات مراعاة مبدأ المواطنة كما استقر في الفكر السياسي الديمقراطي المعاصر وما تم الاتفاق عليه من عناصر ومقومات مشتركة لابد من توافرها في مفهوم المواطنة .
    ولـعل القاسم المشترك في وقتنا الحاضر المعبر عن وجود قناعة فكرية وقبول نفسي والتزام سياسي بمبدأ المواطنة في بلد ما يتمثل في التوافق المجتمعي على عقد اجتماعي يتم بمقتضاه اعتبار المواطنة وليس أي شيء آخر عداها هي مصدر الحقوق ومناط الواجبات بالنسبة لكل من يحمل جنسية الدولة دون تمييز ديني أو عرقي أو بسبب الذكورة والأنوثة ومن ثم تجسيد ذلك التوافق في دستور ديمقراطي .
 فليس من شروط المواطنة ، الاتفاق في الرأي أو الاشتراك في الدين أو المذهب أو القومية فحسب بل أن مفهوم المواطنة يستوعب كل هذه التعدديات والتنوعات ، ويجعل المناخ السياسي والثقافي والاجتماعي مؤاتياً لكي تمارس كل هذه التعدديات دورها ووظيفتها الحضارية والوطنية في أثراء الواقع الوطني ومده بأسباب الاستقرار والانسجام الاجتماعي .
    وتـرتكب جريمة كبرى بحق الوطن حينما يتم التعامل مع مفهوم المواطنة على مقاس واحد وفي حدود الاشتراك في احد العناوين السالفة (16) .
    وجـدير بالتأكيد أن الدستور الديمقراطي دستور مختلف كونه يرتكز على خمسة مبادئ ديمقراطية عامـة :-
1. لا سيادة لفرد ولا لقلة على الشعب ، والشعب مصدر السلطات .
2. سيطرة أحكام القانون والمساواة أمامه .
3. عدم الجمع بين أي من السلطة التشريعية والتنفيذية أو القضائية في يد شخص أو مؤسسة واحدة .
4. ضمان الحقوق والحريات العامة دستورياً وقانونياً وقضائياً ومجتمعياً من خلال تنمية قدرة الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني على الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان .
5. تداول السلطة سلمياً بشكل دوري وفق انتخابات دورية عامة حرة ونزيهة تحت أشراف قضائي مستقل وشفافية عالية تحد من الفساد والإفساد والتضليل في العملية الانتخابية (17) .

إقـرار مبدأ المواطنـة
    إن أقـرار مبدأ المواطنة هو مجرد حجر الزاوية في نظام الحكم الديمقراطي الذي لا يمكن قبل قبوله والاستعداد للتصرف بمقتضاه الحديث عن الديمقراطية . وإذا كان قبول المواطنة المتساوية من حيث المبدأ قد تقدم على المستوى الفكري والنفسي فإنه لا يزال أمام دولتنا شوط طويل قبل أن تصل إلى أقرار مبدأ المواطنة المتساوية والعمل بـه على أرض الواقع .
    وعليـه ، فإن المواطنة (عندنا) تحتاج لكي تنشأ وتتجسد وتنمو ، إلى وعاء حضاري واستعداد عقلي ومناخ ثقافي واجتماعي يسوده احترام عقل وحرية وكرامة الإنسان على صعيد المعايير القيمية وعلى صعيد النشاط الإنساني المتعدد الوجوه … ” فالمواطنة تعني ميل الجماعة البشرية إلى عقلنه شؤونها وتنظيمها وإداراتها بأكثر مـــا يمكن من المشاركة في القرار والإقناع وأقل ما يمكن مـن القسر والعنف ” . (18)
 ثمة علاقة في المضمون بين مفهومي المواطن والمواطنة . حيث اننا لا يمكن ان نحقق المواطنـة ، بمعنى المشاركة وتحمل المسؤولية النوعية في الشؤون العامة بدون مواطن يشعر بعمق بحقوقه وواجباته في الفضاء الاجتماعي والوطني . فلا مواطنة بدون مواطن ولا مواطن الا بمشاركة حقيقية في شؤون الوطن على مختلف المستويات . لذلك ، فأن بوابة انجاز حقيقة المواطنة في المجالين العراقي والاسلامي ، هي العمل على انجاز مفهوم المواطن الذي يحررنا على المستويين الثقافي والاجتماعي من حالة السديم البشري الذي لا شأن له في امور حياته الكبرى ، ولا يتدخل في بناء حاضرة وصياغة مستقبله .
    وبـدون الدخول في جدل لغوي او سجالات ايديولوجية وسياسية حول مفهوم المواطن ومدى توفره في الفضاء الثقافي العراقي والاسلامي ، فأننا نعتقد ان المضمون السياسي والحقوقي الذي يحتضنه ضد المفهوم ، هو ذات المضامين التي يقرها الاسلام للافراد . فالانسان المسلم في التجربة السياسية الاسلامية بحقوقه ومكاسبه وواجباته ومسؤولياته هو ما نصطلح عليه اليوم مفهوم المواطن ، فالمضمون والحقائق الكبرى واحدة بين هذين المفهومين .
    لـذلك نجد ان التوجيهات الاسلامية تؤكد على حقوق الانسان المسلم وضرورة صيانة حقوقه واحترام خصوصياته ، وانه على علاقة عضوية بين جميع افراد المجتمع . فقد جاء في الحديث الشريف ” يا أيها الناس ان ربكم واحد وان اباكم واحد وامكم ، كلكم لأدم وآدم من تراب ، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لاعجمي على عربي ، ولا احمر على اسود ، ولا اسود على احمر الا بالتقوى ”  و ” المسلمون اخوة تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم ادناهم ” . فهذه الحقوق التي تؤكد عليها النصوص الاسلامية هي ذاتها الحقوق التي يتضمنها مفهوم المواطنة المعاصرة (19) .
    ولأجـل تعميق مفهوم المواطنة المتساوية في النظرية والتطبيق وتحويل المواد الدستورية والقوانين الصادرة إلى حيز الواقع لابد من :-

1- النيـات الحسنـة
    إن ما يجعل للنيات الحسنة أهميتها هو أن المكتسبات الديمقراطية لم يصنعها الشعب ولا قواه الحية المتحركة وإنما هي عبارة عن عطاء من النخبة السياسية ، ولذلك جاءت الديمقراطية ورديفها المواطنة المتساوية وحقوق الإنسان من الأعلى وهي الرهينة بقرارات وتصرفات الهيئات العليا السلطوية . وعليه فأن النيات الحسنة والصدقية من النخب السياسية تلعب أدواراً رئيسية في تعزيز مسيرة الديمقراطية والمواطنة المتساوية في ظل ضعف جماعات الضغط والفعاليات السياسية المؤثرة .

 

2- الثقافة الديمقراطية
    فـي البلدان المتقدمة سبق النهج الديمقراطي والاعتراف بالمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان ، حركة تنوير واسعة وشاملة مهدت الطريق في ما بعد للأنظمة الديمقراطية التي تطورت في كنفها حقوق المواطنة وبالتدريج إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من رقي وتحضر . أما ما حصل لدينا فهو ان الديمقراطية والمؤسسات الديمقراطية الهشة سبقت التنوير والثقافة الديمقراطية في المجتمع فأصبحت ديمقراطية نخبوية هي محل اهتمام من قبل النخب السياسية والمؤسسات المدنية والمعارضة ويتوسطها افراد المجتمع غير مكترثين بما يحدث في ظل شخصنة السلطة وبقاء الاوضاع المعلولة قبل النهج الديمقراطي ولم تحدث التجربة الديمقراطية نقلة نوعية في الحياة والمؤسسات . ومن هنا تأتي أهمية الثقافة الديمقراطية الفاعلة التي تعطي المجتمع نوراً وثقافة وتحشد الكتل الاجتماعية للمشاركة في العملية الديمقراطية بوعي والوقوف ضد الانتهاكات والالتفافات على المواطنة المتساوية وحقوق الانسان وتدفع بعملية التغير الاجتماعي الى الامام .

3- المؤسسات الديمقراطية
    الدولـة بمؤسساتها ومصالحها وهيئاتها المختلفة إذا شيدت على أسس قانونية ديمقراطية ولمصلحة المواطن ولإحقاف الحق والعدل والمساواة فإنها بذلك تكون دولة ديمقراطية عندما يرتكز دستورها وقوانينها على أساس أن الشعب مصدر السلطات وهو مالكها . وفي سياق نشاطها يوجد فصل سلطات واحترام لكل سلطة والقضاء النزيه وتطبق على ارض الواقع ، وتتم انتخابات ديمقراطية للهيئات والمؤسسات الديمقراطية بشكل دوري ونزيه . فالمواطنة المتساوية لا يمكن ان تلامس الواقع الا في ظل دولة النظام والقانون ، دولة ديمقراطية مؤسسية .

4- مؤسسات المجتمع المدنـي
    إذا كانت المؤسسات المدنية الحديثة تتصف بالشمولية والفردنة تعاني عسراً في الممارسة الديمقراطية ولا تطبق الحقوق والواجبات المتساوية في هيئاتها ، ولا تجد المواطنة المتساوية طريقاً لها في العمل المؤسسي ، فكيف لهذه المؤسسات المدنية ان تطالب بالمواطنة المتساوية في المجتمع ؟ وإذا كانت المؤسسات المدنية عاجـزة عن الدفاع عن نفسها وعن أعضائها فكيف ستدافع عن حقوق المجتمع وحرياته ؟! فمؤسسات المجتمع المدني الضعيفة التي لا تستطيع ان تشكل ضغوطاً على النخب السياسية في حالة تجاوزها للعبة الديمقراطية وحقوق المواطنة المتساوية تكون من المسببات التي تعطي للنخب والمؤسسات الشمولية مدماكاً للتطاول على المواطنين وتجاوز حقوق المجتمع وحرياته ، وبذلك تشوّه مسار الحياة الديمقراطية ، وعليه لابد من وجود مؤسسات مدنية وديمقراطية لكي يقوى عود الممارسات الديمقراطية ويتساوى الناس في الحقوق واجبات .

5- تطور البنية الاجتماعية التقليدية
    البنية الاجتماعية التقليدية للمجتمع المدني واقع لا يمكن القفز عليه فنحن لا نطالب بإنهاء البنية الاجتماعية التقليدية لان ذلك يُعد مطلباً غير ديمقراطي طالما أننا نؤمن بالتعدد الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي والمدني . إنما المهم في ذلك ان نعمل باتجاه دمج أفراد المجتمع والعمل على مزيد من الانصهار الاجتماعي والوطني وتعزيز مبدأ المواطنة المتساوية بحيث تكون المساواة في الحقوق والواجبات نصاً وعملاً هي البارزة في سياق الحياة اليومية تحت مظلة القانون ودولة المؤسسات .

6- محاربة الفسـاد
    تصبح الديمقراطيـة من دون معنى إن لم تُتقَّ من الفساد وتنمّ الشفافية والنزاهة والصدقية فـي المجتمع . ومن المنافذ الرئيسية التي ينفذ منها الظلم والتعسف والإذلال واللامساواة والعبث والتقوقع والانهيار والتقهقر ، فمحاصرة الفساد وتضييق الخناق عليه من المسائل المهمة المؤدية الى المواطنة المتساوية والى الارتفاع بمستوى الممارسة الديمقراطية .

7- رفع المستوى المعيشي
    إن العوز وصعوبة الحياة المعيشية يشكلان عائقاً من عوائق الديمقراطية بشكل عام ، ومن عوائق المواطنة المتساوية بوجه خاص . فالفقير يهتم بتوفير الخبز له ولعائلته قبل أن ينضم الى حزب سياسي أو ان يمارس حق الاقتراع أو الانتخاب . وقد يهدر حقوق المواطنة ويشوهها عندما يعطي صوته لمن يمارس الظلم عليه ، ويرسم استراتيجيات وسياسات لغير صالحه يؤدي به وبالمجتمع الى مزيد من الافقار . فالفقر يؤدي بكتل اجتماعية فقيرة الى التنازل عن حقوقهم كمواطنين عندما تنتهك كرامتهم وإعراضهم ويرضون بالتحكيم – العرف التقليدي- خارج مؤسسات الضبط الشرعية والقانونية حيث يتنازلون عن مظالمهم وعن الاضرار التي لحقت بهم مادية ومعنوية . فهؤلاء يعجزون عن الوصول الى الخدمات العامة بيسر والى الوظائف المناسبة بحسب الكفاءة بسبب فقرهم ، وذلك لعدم مقدرتهم شراء الوظائف ، فهم ينفذون الواجبات ، اما حقوقهم فتظل عرضة للمساومات والانتهاكات في غير مكان وفي غير مجال .
  أن رفع المستوى المعيشي للشعب ، ومحاربة الفقر والفاقة ، والقضاء على الأمية الأبجدية والثقافية والسياسية ، ودمج أفراد المجتمع في إطار هوية اجتماعية ووطنية عامة ، والنهوض بالثقافة والتعليم والخدمات الاجتماعية ، ومحاربة العصبوية التي تخل بالمساواة والعمل باتجاه مصالحة وطنية ما بين السلطة والمعارضة ، وخلق جهاز قضائي نظيف وشفاف ، ونشر العدالة وتطبيق القوانين على الجميع بتساوٍ ، ومواصلة عملية التنوير والتثقيف المجتمعي …. كل هذه المسائل ستؤدي فعلاً إلى تطوير مبدأ المواطنة المتساوية وبالتالي الى إنعاش الحياة الديمقراطية العامة(20).

المواطنة في المجال العراقـي
    لان الكثيـر من الأزمات والتوترات القائمة في العراق الآن ، هي في المحصلة النهائية من جراء تغيب مفهوم المواطنة والإعلاء من شأنه عناوين خاصة على حساب الإطار الوطني العام . إن هـذا النهج الذي غيب أو ألغى المواطنة لصالح ولاءات خاصة ، هو عبره وعبر متوالياته وتأثيراته الذي فاقم التوترات وزاد من الاحتقان السياسي ، وادى الى هشاشة الاستقرار الاجتماعي ، وافضى الى خلق جزر اجتماعية معزولة عن بعضها بعضاً لا يجمعها الا الاسم والعنوان العام .
    ومـن الطبيعي القول في هذا الأطار ، ان المجال العراقي اليوم ، لا يمكن ان يخرج من ازماته وتوتراته الداخلية الا بإعادة الاعتبار في السياسات والاجراءات والتشكيلات الى مفهوم المواطنة والعمل على صياغة فضاء وطني جديد قوامه الاساسي مرتكزه الرئيسي هو المواطنة بصرف النظر عن المنابت الايديولوجية او القومية او العرقية . اذ ان التنوع الموجود في هذا الفضاء بعناوين متعددة ومختلفة ، لا يمكن انه يتوحد في الفضاء الوطني الا بمواطنة حقيقية يمارس كل مواطن حقه ويلتزم بواجبه بدون مواربة او مخاتلة ، فالمواطنة بكل ما تحتضن من متطلبات وآليات هي حجر الاساس في مشروع البناء الوطني الجديـد .
    ان الخطوة الاولى في المشروع الوطني العراقي هي تأسيس العلاقة بين مكونات المجتمع والدولة على اسس وطنية تتجاوز على الاخر والعناوين الضيقة بحيث يكون الجامع العام لكل المكونات والتعبيرات والأطياف هو المواطنة التي لا تعني فقط جملة الحقوق والمكاسب الوطنية المتوخاة وانما تعني ايضاً جملة الواجبات والمسؤوليات العامة الملقاة على عاتق كل مواطن . وهذا بطبيعة الحال لا يعني ان تكون رابطة المواطنية رابطة قسرية ، قهرية ، وانما هي رابطة طوعية ، اختيارية قائمة على الاختيار الحر والتعايش السلمي بين جميع المكونات … وتأخذ هذه الرابطة فعاليتها وقدسيتها من طبيعة العقد الوطني والمضامين السياسية والثقافية التي يتضمنها ويحتضنها .
    فـأطار المواطنة في المنظور الحضاري يقوم على مفهوم الجماعات الحرة والمتوافقة والمتعايشة بالتراضي والوئام والشراكة …. والتجارب السياسية في العديد من المناطق والمجالات الحضارية اثبتت ان دحر الخصوصيات الذاتية او الجماعات الفرعية لصالح الاطار العام لا يفضي الى وحدة ومواطنة سليمة بل تدفع محاولات الاقصاء الى تشبث كل جماعة بذاتها وخصوصياتها وتنعزل نفسياً وشعورياً وثقافياً عن الجماعات الاخرى .
    لـذلك ، فأننا نعتقد ان خلق مفهوم المواطنة الجامع والحاضن لكل الجماعات لا يتأتى بإخفاء الخصوصيات الثقافية او اقصائها وتهميشها وانما غير ايجاد النظام القانوني والمناخ الثقافي الذي يسمح لكل التعبيرات والحقائق الثقافية من المشاركة في اثراء الوطن والمواطنة . وهذا لا يعني التشريع للفوضى او الميوعة تجاه الجوامع المشتركة وانما يعني وبعمق ان الالتزام بالجوامع والمشتركات الوطنية ومقتضياتها لا يتأنى الا بالحرية والعدالة ومتوالياتها التي تنعكس في السياق الوطني ومستوى التزام الجميع بالوحدة والاندماج الوطني (21).           

اللاأباليـة في ممارسة حقوق المواطنة العراقيـة
    غـدت إشكالية ممارسة حقوق المواطنة والمطالبة بأبسط مظاهرها سمة شائعة بل متميزة لسلوك المواطن العراقي ، فهي قد أثرت بالسلب على سلوكه الوطني العام حيث جعلته أميل للعزوف عن الاهتمام بمهموم ومشاكل وطنه . هذا الى جانب عدم تمسكه بمعايير المواطنة الحقة ذات الفعاليات المؤثرة على مجريات الإحداث … فضلاً عن جعله للتمركز الشديد في الـذات واستغراقه فـي همومه ومشاكله الشخصية ، ومن ثم فرط إحساسه بالتوتر والإحباط النفسي ، بدى أقرب الى العجز الواضح منه إلى التوفيق المتوازن والتكيف الملائم بين متطلباته الإنسانية والتزاماته المجتمعية .
    وبنـاء عليه ، ولاسيما بعد التحولات السياسية الجديدة في العراق ، ترى هل تملك سلطة العراق – اية سلطة راهناً ومستقبلاً – أن تفرط في طاقاتها الإستراتيجية البالغة حوالي اكثر من عشرين مليون نسمة ، فيسمح بتبديدها على مذبح السلبية واللاأبالية التي كانت متفشية بين أغلبنا قبل 9/نيسان وما بعدها ؟ وهل على هذه السلطة أن تكتفي بالتسليم المطلق لحالة أو ظاهرة تستشري شيئاً فشيئاً بين مواطنينا حتى لتكاد تصبح ميزة أو خاصية عامة جعلت العراقي يؤمن بـ ” دع الامور تجري في مقاديرها ” ؟!
    هـذا السلوك الاستسلامي وفي هذا الظرف الواقع علينا الآن ، ما عاد يعالج راهننا الخطير ، ولاسيما ونحن في وقت أمس الحاجة فيه الى جهود كل مواطنينا المخلصة لتكوين جهاز دفاعي وقائي نشط يعمل على الغاء اللاأبالية المستكنة فينا وعلى تثوير طاقاتنا البشرية المعطلة معنوياً إن لم أقل مادياً أيضاً ، فتثار رغباتهم الكامنة وتعمل على دفعهم للاهتمام لقضايا العراق المصيرية . هذه القضية المعقدة ذات العوامل المتعددة ، الظاهرة والكامنة ، تزداد حدة وخطورة كلما بقيت أحوالنا العامة الراهنة على ما هي عليه ، لان تتشابك جوانبها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والفكرية ، تجعل أمر معالجتها صعباً لاسيما وإننا نفتقد في العراق الى مراكز قياس الروح المعنوية لهذه الطاقات والى مراكز صناعة العقول وتكييف اتجاهاتها توجيهاً امثلاً .
    ولاننـا سنقتصر هنا في هذا القسم من الدراسة على مناقشة بعض جوانب السلبية واللاأبالية في ممارسة حقوق المواطنة العراقية المتمثلة في قلة الادراك وفقدان الوعي السياسي وانعدام المتابعة الإعلامية والمعرفية ، لا يعني اقتصارنا على هذه الجوانب أننا نقلل من أهمية الجوانب الأخرى لهذا السلوك وإنما لأن هذه الجوانب توضح بجلاء طبيعة العلاقة الجدلية بين المواطن وبين مراكز السلطة عندنا- ماضياً وراهناً- ممثلة في مؤسساتها ونظمها وقوانينها ، وكلها وضعت لتنظيم العلاقـة بين الطرفين ، كما افترضت سلفاً طاعة المواطنين العمياء لكي تضمن حالة الاستقرار والأمن الاجتماعي .
    تـرى ، هل هذه المراكز والمؤسسات السلطوية – سواء قبل 9/نيسان أو بعده – من العوامل لبروز هذا السلوك السلبي واللاأبالي وعلى هذا النحو الذي يشعر به المواطن العراقي ؟ وهل هي مسؤولة أيضا عن إلهائه عن الاهتمام بقضايا الوطن المصيرية فتشغله بالاهتمام بأمور معيشته الضنكة والمضنية والتفكير بمستقبله المجهول ؟ أليس من الغريب حقاً أن تبلغ اللامبالاة بالعراقي إلى الصمت وعدم اتخاذ أي أجراء فعالٍ إزاء ما يمارس ضده من تصرفات سلبية صادرة عن رموز من هم في السلطة والمنتفعين والوصوليين ، وكيف تتعامل معه بعنجهية واستعلائية واحتقار واستصغار . ترى ، ألا يعد هذا الصمت حالة مرضية من اللامبالاة ؟ أليست هذه الحالة التي تلفنا بعباءتها الثقيلة هي حالة من حالات اللاأبالية الخطيرة والغربة المدمرة ؟
    قـد يبدو عذر المواطن العراقـي وجيهاً مقبولاً حين يرد عن نفسه التهمة فيقول : وهل أملك إلاّ الصمت !! وهل أستطيع أن أتظاهر احتجاجاً أو أن أقوم بمسيرة أو أن أنخرط في صفوف تنظيمات أو اتحادات جماهيرية مستقلة ، إزاء سلطة (سابقاً) كانت قمعية و (راهناً) تستند في سياستها القهرية إلى شتى القوانين وعلى رأسها قوانين مكافحة الارهاب وما يعرف بالسلامة الوطنية والقرارات الاستثنائية التي تمنع التجمهر والتظاهر وغيرها ….
    إننـا ، وكما ذكرنا آنفاً ……. سنتعرض للإشكاليات التي حالت المواطن العراقي دون ممارسة حقوق المواطنة فتحول إلى طاقة معطلة ، وظهر بمظهر اللاأبالي واللامعياري مما أفقده القدرة على الأخذ بزمام المبادرة ، وسوف أكتفي كما ذكرت بمعالجة :-

أولا- إشكاليـة قلة الإدراك أو فقدان الوعي السياسـي
      يقصـد بهذه الإشكالية جهل المواطنين بالطريقة التي تدار بها شؤون بلادهم الداخلية والخارجية وعدم استيعابهم للقوانين والقرارات التي تمس حياتهم . لهذا ، فأنه حين يقال أن بلداً قارب الوصول لمستوى الديمقراطية السياسية الحقة ، فإن هذا المعنى لا يقتصر على ممارسة مواطنيه حقهم في الترشيح والانتخاب وعمليات الاستفتاء وإنما يعني بالدرجة الاولى مدى اقترابهم من موقع صنع القرار وفهمهم لمراميه وأهدافه واقتناعهم بأهميته واستحقاقاتهم في الدفاع عنه .
    وفـي هذا الإطار نفسه يقاس معيار المواطنة الفعالة المؤثرة بمدى وصول المواطنين لمصادر المعلومات لانها تمكنهم من استخدامها بشكل أمثل . كما تشيع بينهم التفكير الموضوعي ، وبالمقابل حين يحرم المواطنون من المعرفة الصحيحة للمعلومات السياسية فسوف تغشي الضبابية إذهانهم وتنتشر السفسطة بين متعلميهم وتتوالد الإشاعات وتنتشر بينهم كالنار في الهشيم ، وكلها أمور تعرض روابطهم الاجتماعية للتفكك وتعرض كيانهم المجتمعي للاهتزاز وعدم الاستقرار وتوسع الفجوة بين السلطة الحاكمة والمحكومين وينتهي مسلسل التجهيل بإصابة المواطنين بتسطيح الوعي وانعـدام الإدراك السياسي والفكـري .
    إذن ، كـيف يمكن إحداث عملية تنوير المواطن حتى يلغى تسطيح وعيه وانعدام إدراكه السياسي والفكري ؟ أو بمعنى آخر ، إزالة أميّته السياسية ؟
    لنـتفق منذ البداية على شيء أساسي في هذا الصدد ، هو : أهمية توسيع معرفة المواطنين العراقيين لمبادىء القراءة ومن ثم الفهم والوعي كيما يتمكنوا من استقائهم للمعلومات التي تمس حياتهم وحياة وطنهم من مصادرها الصحيحة وفهمها فهماً واعياً وتوظيفاً هادفاً وبالتالي فإن تفشي الأمية الأبجدية بنسبة(60-70-%) والأمية الثقافية(98%) بين سكان العراق سوف يجعل من الصعوبة أن لم يكن من المستحيل وصولهم أو حتى الاقتراب من شروط مستوى الديمقراطية الحقة ، وحتى يفترض امتلاكهم لحقوقهم السياسية الدستورية التي تكفل حقهم في التمثيل النيابي .
    غيـر أنه مع التسليم الكامل بخطورة جهل المواطن بأبجدية القراءة ، الامر الذي يسبب تعطيل ثرواته الكامنة ويعطل مواهبـة ويشل تفكيره ، فإن الجهل بأبجدية المعرفة/الثقافة وبالتالي بأبجدية الحقوق المدنية ، يبدو أكثر خطورة ، لان هذا المواطن سوف يساق سوقاً الى صناديق الاقتراع ، وهو غير مؤهل للمساهمة بذكاء في اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب ، وفي تشكيل ، اتجاهات الرأي العام .
    إن تحرر المواطن من ظلام الجهل حين يعرف ما هي حقوقه وواجباته وماذا يجري حوله ، كل ذلك يخلق منه مواطناً ذكياً واعياً موضوعي النظرة ، متحرراً من سيطرة التفكير الخرافـي .

ثانيـا- إشكاليـة عدم القراءة والمتابعة الإعلاميـة
      لـم تعـد ظاهرة انجذاب المواطنين للوسائل الإعلامية قاصرة على أمييّ القراءة ولكن تعدتهم للمتعلمين أنفسهم ، أولئك الذين اتسموا بالعزوف عن قراءة الكتب غثها وثمينها بحجة ضيق اليد والوقت . وقراءة الكتب تتطلب تركيز وبذل جهد ومعاناة ومثابرة … وكلها سمات تحتاج تدريباً وتعوداً منذ نعومة الأظافر حتى تصبح عادة القراءة ملازمة لهم طوال حياتهم ، وهذا ما يفتقده بالكامل (98%) من المواطنين العراقييـن .
    إضـافة لذلك ، ما تولده الآثار السلبية الناجمة عن الإقبال الشره على الوسائل الإعلامية غير العراقية خصوصاً المسموعة والفضائيات ، لا ترجع لكونها تملأ مساحة كبيرة من أوقات فراغ المواطنين العراقيين الأميين والمتعلمين ، فتعطل الكثير من قدراتهم ، بل لكونها تحول دون تنمية القدرة على التحليل والاستنتاج لديهم فيميلون لتصديق كل ما تبثه لهم من أخبار ومعلومات ، فإذا ما حدث ، وكثيــراً ما يحدث ، وفشلت وسائل الإعلام العراقية في تحري الصدق والموضوعية في موادها الإخبارية ، تحول العراقيون إلى وسائل إعلام أخرى تروج الضلالات . فتخيل أي تشويش سيصيب عقل مشوش فـي الأساس !؟
    وكثـيراُ ما نجحت هذه الوسائل الإعلامية الموجهة في عملية غسل أدمغة العراقيين وأثارت روح الشك فـي نفوسهم تجاه العديد من القضايا الوطنية وعملت على تثبيط روحهم المعنوية ، الأمر الذي جعلهم وكأنهم يواجهون حرباً باردة تزيد فيهم حالة الشعور بالذعر والخوف من القادم المجهول ، كما تزعزع ثوابتهم وتحبط آمالهم في الوطنية وقضاياهم المصيرية وحتى بتراثهم الثقافـي .
    الواقـع أن هذه الوسائل عند تصويبها لأسلحتها الدعائية كثيراً ما جعلت المواطن أشبه بالكائن المنوم مغناطيسياً ، فضلاً عن تغييبه عن الوعي والميل لتصديق كل ما يقال له دون تمحيص لاسيما وقد خلت الساحة الإعلامية العراقية من توجه مضاد هدفه كشف سبل الزيف في المعلومات التي تكون منها نسيجاً من الأوهام المدمرة .

مـرتجيات مؤجـلة
    إن المـواطن العراقــــي على ما يبدو ، سيبقى اليوم كما كان طيلة العقود السابقة منذ تأسيس دولته ، بينه وبين سلطاته الحاكمة خط فاصل يحول بينه وبين التعبير عن إحساسه وإرهاصاته ، الأمر الذي دفعه إلى أن يرفع يديه ويسحب ثقته كاملة بهذه السلطات التي لم تمثل آية واحدة منها توجهاته الداخلية والخارجية لكثرة ما وجد منها من قمع وتعذيب واختفاءات قسرية وتهميش بالكامل ، ناهيك عن الوعود الخاوية الجوفـاء .
    أن الإنسان الحر هو القادر على الانطلاق بالمجتمع مدافعاً عن مكتسباته محققاً النتائج الباهرة ، أما الإنسان المكبل بالقيود فأنه إنسان مهزوم وهو غير قادر على أن يمنح وطنه شيئاً مفيداً . والمحصلة النهائية هي إما أن يرتد هذا المواطن ويتفجر غضبه عاجلاً أم أجلاً ، وتدخل البلد في معارك طاحنة مبددة للقوى والإمكانات أو أن يرحل بعيداً عن وطنه بعد أن تأكد له أن حالة وطنه ميؤس منهـا .
    أن إشـراك المواطن العراقي الآن في صنع القرار وممارسته الفعلية للسلطة هو في الأساس حق مشروع تقرّه الأعراف والدساتير ويتصدر أهداف كافة الثورات الجماهيرية ، إلاّ أن الراهن جاء مع الأسف مخالفاً لكافة هذه النصوص ، فقد بدأ المواطن العراقي يحس ويلمس أن يعيش في أجواء رديئة بل أبشع من الأجواء التي كانت قائمة أثناء الانتداب البريطاني والحكم الملكي ، ولعل أسوأ المقارنات تفضيله تلك الفترة على حكم ما بعدها لما كان فيها من إيجابيات لا تنكـر .
    مثـل هذه الأجواء كرست الهزيمة في نفسية المواطن العراقي ، وهي التي ساعدت على إقامة الحكومات غير المنتجة المشتتة المنهارة سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً ، ناهيك عن المخططات الدموية التي تديرها وتحكيها أيادي خفية ، وقد تنبهت القيادات الحزبية والقوى الجماهيرية الى ذلك الخلل في علاقة المواطن بالسلطة فبدأت تدعو الى تصحيح المسار متلمسة الطريق الأفضل وهو ضرورة إشراك المواطن في مسؤولية الحكم والسلطـة .
    مثـل هذا السلوك/المنهج لو طبق في العراق الآن سيكون له انعكاس ايجابي في نفسية وإرادة المواطن العراقـي الذي غيّب دوره وعومل على مدى سنوات النصف قرن الماضية على أنه (كم) لا يعتد به مما أدى بنضالاته السياسية أن تجهض ويخرج منها بحكومات دكتاتورية رعناء لا تتقي الله في الوطن والمواطن ، تنتهك ثرواته وحقوقه الإنسانية المشروعة ، وتحول المواطن إلى رهينة ، وتحول الوطن إلى زنزانة كبيـرة .
    والعـراق اليوم بفضل أبنائه يتلمس نوعاً ما أول طريق الديمقراطية ويتنفس نسمات الحرية ويبدأ رحلته الطويلة نحو البناء الديمقراطي ويفجر الكفاءات الذاتية في مواطنيه . كما أن السياسة لم تعد حكراً على من بيده الصولجان بل ستصبح بعون الله وعزم أبناء العراق مسؤولية جماعية لان الوطن للجميع . والعراق اليوم سيحقق إنجازاً مهماً على درب الحرية وعلى طريق الديمقراطية ، وبالتأكيد فإنه اختار السبيل الصحيح الذي من شأنه أن يخلق المواطن حر الإرادة القادر على البنـاء .
الإحــالات :
1- بشيـر نافع وآخرون – المواطنة والديمقراطية في البلدان العربية ، ط1 ، مركز دراسات الوحـدة العربية ، بيروت ، 2001 ، ص16 .
2- المصدر نفسه ، ص 16 .
3- المصدر نفسه ، ص 17 .
4- المصدر نفسه ، ص 19 .
5- المصدر نفسه ، ص 20 .
6- محمد محفوظ – الحرية والإصلاح في العالم العربي ، ط1 ، الدار العربية للعلوم ناشرون ، بيروت ، 2005 ، ص 108 .
7- بشيـر نافع – مصدر سبق ذكره ، ص15 .
8- المصدر نفسه ، ص 34 .
9- Encyclopoedia Britannica ,vol 3 , p 332
10- World Book International ,The world Encyclopoedia Britannica vol 4 , p 15.
11- محمد محفوظ – مصدر سبق ذكره ، ص 111 .
12- المصدر نفسه ، ص 110 و 111 .
13- برهان غليون – نقد السياسة ، الدولة والدين ، ط3 ، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء / بيروت ، 2004 ، ص140 و141 و146 .
14- وليم سليمان قلادة – مبدأ المواطنة .. دراسات ومقالات ، مجلة المستقبل العربي (بيروت) ، العدد 255 (أيار/2000) ، ص245 .
15- عبد الكريم غلاب – أزمة المفاهيم وانحراف التفكير ، ط1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 1998 ، ص 59 و 60 و62 و64 و65 و66 .
16- محمد محفوظ – مصدر سبق ذكره ، ص 110 .
17- علي خليفة الكواري – حوار من اجل الديمقراطية ، ط ؟ ، دار الطليعة ، بيروت ، 1999 ، ص 146 و160 .
18- عدنان حافظ جابر – العقلانية والديمقراطية ، مجلة المستقبل العربي ( بيروت ) العدد 254 (نيسان/2000) ، ص131.
19- محمد محفوظ – مصدر سبق ذكره ، ص114 و 115 .
20- بشيـر نافع – مصدر سبق ذكره ، ص250 و251 و252 .
21- محمد محفوظ – مصدر سبق ذكره ، ص107 و108 و109 .

[email protected]  

أحدث المقالات