خاص : ترجمة – آية حسين علي :
إذا كان عمرك اليوم يبلغ 30 عامًا؛ فهذا يعني أنك قد عشت فترة أكبر من أكثر من نصف سكان العالم، لأن الأبحاث الديموغرافية أثبتت أن أعمار نصف سكان العالم لا تزال أقل من 30 عامًا؛ أما النصف الآخر فقد تخطى هذا الرقم.
ولعل السمة البارزة بين الدول الغربية هي أنها تتجه نحو العجز أكثر من الشباب، مدفوعة بانخفاض منحنيات الخصوبة ومعدلات المواليد.
النيغر وموناكو وجهان لعملة واحدة..
وهناك 40 عامًا يفصلون بين “النيغر”، البلد الأكبر نسبة من الشباب في العالم، و”موناكو” الأكثر شيخوخة، ويرتبط هذا الأمر باختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية بين إفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى، وأوروبا، وهما وجهان لعملة واحدة؛ إذ تشتركان في المعاناة حيث تواجه البلاد التي تذخر بأعلى نسب من الشباب مشكلات متعلقة بنقص الإمكانات وتوفر فرص للتعليم والحصول على وظائف، بينما على الجانب الآخر؛ تخشى الدول ذات المعدلات الأكبر من كبار السن من عدم تمكنها من توفير أموال المعاشات لعدم وجود عدد كاف من الموظفين.
وقد يمثل ارتفاع نسب الشباب في بلد ما سلاح ذو حدين؛ فإما أن يوفر العوامل اللازمة لتقوية البلد ودفعه إلى الأمام، أو يمثل قوة سلبية تدفع البلاد إلى صراع.
النيغر تواجه معضلة ارتفاع نسب الشباب..
تعيش النساء، في “النيغر”، أوضاعًا سيئة للغاية، حيث لا يحصل أكثر من 70% من السكان على فرصة للتعليم، كما يعيش 45% منهم تحت خط الفقر، بحسب بيانات “وكالة المخابرات المركزية الأميركية”، بالإضافة إلى حالة الجفاف أو الأمطار الغزيرة وتقدم الصحراء في المناطق الشمالية من البلاد، كلها أمور تهدد الاستقرار وتهدد بقوة مستقبل 4 ملايين شاب يعيشون في “النيغر”، ويعتبر هذا هو النموذج الذي يتكرر في كل دول “جنوب الصحراء الكبرى”؛ أو ما يعرف بـ”الصحراء السوداء”.
وعلى المستوى الاجتماعي؛ نجد أن الفتاة، البالغ عمرها 15 عامًا، في “النيغر” لا تعتبر مراهقة، لأنها تمثل بالنسبة لبلادها ما تمثله فتاة عمرها 42 عامًا في “إسبانيا” مثلاً، أي أنها تعتبر إمرأة ناضجة ولديها خبرات أكثر من مثيلاتها.
وبحسب بيانات “البنك الدولي” لأواخر عام 2017، فإن هذه الدول، البالغ عددها 42، يبلغ عدد سكانها مليار و200 مليون نسمة، وأن 62% منهم أصغر من 25 عامًا، وذكرت الإحصائية أن 9 من بين كل 10 شباب هناك يعيشون في فقر أو فقر مدقع.
شتاء ديموغرافي في أوروبا..
يبلغ عدد سكان “موناكو”، 38.6 ألف نسمة، ويستقر متوسط الأعمار بها عند 54 سنة، نظرًا لانخفاض معدلات المواليد وارتفاع جودة الحياة بها، بينما تعاني الدول الأوروبية من ارتفاع متوسط الأعمار، إذ يتراوح ما بين 40 و47 عامًا، لذا تحذر الحكومات من احتمالية عدم قدرتها على تحمل تكلفة التقاعد، إذ أن أعمار حوالي 20% من سكان دول “الاتحاد الأوروبي” تخطت حاجز الـ 65 عامًا، بحسب “البنك الدولي”.
وإذا كانت حكومات بلدان مثل “إسبانيا”، اليوم، تعاني من ارتفاع تكلفة المعاشات؛ فإنها خلال 11 عامًا قد ترتفع نسبة السكان الأكبر من 65 عامًا، ليمثل ثلث عدد السكان، فإن تحقيق التوازن قد يصبح مستحيلاً، وفي هذه الحالة قد تعتبر الهجرة وزيادة معدلات المواليد أمور أساسية للتعامل مع الأزمة.
ويتقارب اليوم أعداد السكان في “إسبانيا” و”كينيا”، إذ تبلغ (46.7)، و(50.9) مليون نسمة، على التوالي، في حين أن توقعات “كينيا”، للعام 2050، تشير إلى تضاعف عدد السكان، بينما تتوقع “إسبانيا” أنه بحلول نفس العام قد ينخفض عدد سكانها بنحو 2 مليون شخص.