يومان قبل عيد ميلاد السيد المسيح، ذهبت سارة الى ملجأ الحيوانات الاليفة لتقتني لاختها الوسطى سمر قطة. لمحت سارة وهي تستكشف الملجأ هراً بهي المظهر برتقالي الفراء عمره سنتان فاقتنته لنفسها ثم أخبرت سمر انها دفعت ثمن قطة أخرى وتركت لها اختيار القطة التي تحب من بين قطط ذلك الملجأ. ( ذكرتني بقصة سردتها لنا أمي ونحن صغارا قالت: يحكى ان رجلاً قام في ستينيات القرن المنصرم باستصحاب ثلة من وجهاء قومه واستقلوا مركباً ،حيث كانت فروع نهري دجلة والفرات تمتلىء بمراكب النقل النهري، وذهبوا الى السماوة للتقدم لخطبة فتاة لأخيه. تهيأت القرية لزفاف الأخ وألقمت بنادقها استعدادا للاحتفال بالمناسبة، وصل الاخ وفريقه الى أهل الفتاة التي يرومون خطبتها، فتقدم الأخ خاطبا لاخيه وكان بليغا في وصف نسبه وحسبه ومناقب اهله وعشيرته فاعجب أهل الفتاة ببلاغته وذكاءه فقالوا له إن كنت خاطبا لنفسك فقد زوجناكها وان كنت خاطبا لاخيك فقد رفضناهها، فقبل الأخ هبتهم واستصحبها عائدا الى قريته. وماإن بدا المركب يلوح في النهر حتى بدأت القرية بالاهازيج والزغاريد وسط اطلاق العيارات النارية في الهواء والعريس ينتطر على الجرف بزهو، فوجد الأخ الخاطب نفسه مجبرا أن يرتقي الى جؤجؤ الزورق وينادي عن بعد ( لا! لآ! هاي إلي آني مو لخوي، أنطونياها إلي مو لخوي). ذهبت سمر الى الملجأ فرأت احدى القطط ” تبكي” فرق قلبها فتبنتها، وجلبتها الى البيت وهي فرحة لان القطة اليفة ولم تقاوم ولم تغرز مخالبها في جلد سمر ،كما هي عادة القطط غير الاليفة، وقد أبلغها القائمون على الملجأ ان عمر القطة التي اختارت حوالي سنة واحدة وزودوها بسجلها الطبي الكامل، فسمتها صني. بعد تدقيق سجلها الطبي، تبين ان عمر صني كان ثماني سنوات وليس سنة واحدة كما ادعى القائمون على الملجأ. ويبدو ان صني كانت مريضة ولم تكن تبكي بل في عيونها قذى ولم تقاوم ليس لانها اليفة فحسب بل لان قواها كانت خائرة. لم تأكل صني ولم تشرب ومابرحت تتقيا وتسعل طوال اليوم. شعر جميع افراد العائلة بالاسى لها وفي اليوم التالي وكان يوم الاحد كانت كل العيادات البيطرية مغلقة الا واحدة تبعد عنا اكثر من نصف ساعة، فقررت وسمانثا ان ناخذها الى الطبيب. كان علينا ان ننتظر اكثر من ساعتين في قاعة الانتظار في العيادة البيطرية، فغضبتُ وكرهتُ العيادة ومن فيها وانا غالبا مااتخذ قرارات انفعالية خاطئة عندما اكون غاضباً. كشف الطبيب على القطة وأفاد انها تعاني من التهاب شديد وجفاف، بعدها جلبت لنا الممرضة فاتورة للموافقة الاولية كي يبدأ العلاج الذي كان سيكلف 417 دولارا امريكيا لانه كان سيشمل تحليل دم واشعات وما الى ذلك، ولانني كنت انفقت كل ما لدي في شراء هدايا عيد الميلاد، رفضت دفع فاتورة علاجها. عدلت الممرضة الفاتورة وقلصت العلاج بعد التشاور مع الطبيب البيطري الى 102 دولار لتشمل فقط الكشفة ومضاد حيوي، لكن لاني لم اكن املك ثمن المضاد الحيوي ايضا فرفضت وعدنا بعد ان دفعنا ثمن الكشفة فقط وكان خمسون دولارا. وبينما كنت اقود السيارة عائدا الى البيت كانت سمانثا تبكي طوال الوقت فاحسست انه كان علي او كان بوسعي انقاذ حياة قطة تحتضر ولم أفعل. ندمت ندامة الكسعي، وعندما وصلنا البيت حاولت اطعام القطة فلم تاكل فقلبتها على ظهرها وفتحت فاها بالقوة فدلقت سمانثا ماءا في فيها، فعلنا ذلك مرتين قبل ان نذهب لبيت نسيبي لنحتفل باعياد الميلاد. وكان حال صني افسد علي الاحتفال مع العائلة والاصدقاء في تلك الليلة اذ لم اتوقف عن التفكير في إمكانية انقاذ حياتها باعطائها المضادات الحيوية على الاقل وكان يفترض بي ان ادفع تكاليف علاجها ببطاقة الائتمان التي املك، فتمنيت ان لاتموت صني تلك الليلة كي اذهب في صباح اليوم التالي الى عيادة بيطرية قريبة واجلب لها الدواء علها تبرأ. لتعويض مافعلت، قررت أن أحاول معالجة صني فان ماتت أثناء ذلك فكنت سادفنها في حديقة بيتنا الخلفية. لكن بعد مداولات مع العائلة اتفقن جميعا على اعادتها الى الملجأ فقبلت على مضض لاني ماأردت ان اراها تموت في بيتنا. قال لي صديقي ان الحيوان الذي تمضي عليه فترة محددة في الملجأ ولم يتبناه أحد يضعونه في قفض او غرفه ثم يطلقون غازا ساما في الغرفة فيموت اختناقاً. ترى ماالذي ينتظر صني؟ أُتَبَنٍ آخر وهي معلولة؟ أَتَعافي ثم تَبَنّي؟ أتعافي ثم تسميم؟ أتسميم بعد علة؟ أم تدهور ثم موت طبيعي؟
ملاحظة: لعل البعض يرى في هذه القصة ضربا من ضروب البذخ العاطفي ويتمنى علي الكتابة في مواضيع اكثر أهمية فله أقول: خضت كثيرا فيما تراه/ترينه أهم حتى لقد نفد المداد ويأست من استجابة قومي فعزفت ،او حاولت العزف، عن الكتابة حولها.