في الدكتاتوريات يكفي شرطي واحد لحمايتك من “طلعتها لغيبتها”. واحيانا لاتحتاج حتى الى هذا الشرطي لانك “من كثر ما تمشي جنب الحيط” تحولت الى شرطي يمكن ان تتكفل بحماية نفسك بنفسك. في الدكتاتوريات ليس ثمة احد فوق القانون او تحته او بمستواه او بمحاذاته. القانون هو انت لانك من “من كثر” ما تخشى العواقب تصبح سهروردي عصرك. تعبر على الخطوط البيضاء وتدفع بانتظام فواتير الكهرباء. تقف سرة على الصمون او استلام طبقة البيض والدجاجة السودانية من الاسواق المركزية حتى لو لم يكن احد امامك او وراءك.
في حالة واحدة يحق لك “خرق السرة” هي كونك عسكري في الجبهة . فقانون الحرب يمنحك سلطة اجتياز السرة للفوز بدجاجة اضافية “مكرمة” لحراس البوابة الشرقية. في الدكتاتوريات جريدة واحدة ناطقة باسم الحزب واخرى ناطقة باسم الدولة وثالثة “منطقيها باسم الشراكة الوطنية” باسم حزب صديق الحزب القائد, ورابعة لشخصية صديقة زعيم الحزب القائد و”خمس ست جرايد” لنجل القائد وابوكم الله يرحمه. لكن كل هذه المؤسسات الاعلامية تحميها دورية نجدة واحدة. وكل صحفييها يمشون بطولهم ولايخشون سوى مكان واحد اسمه “الرضوانية” .
الدكتاتورية لاتحتاج اكثر من نقابة واحدة واتحاد واحد وذوي مهن صحية وهندسية وزراعية واحدة وجمعية واحدة للمحاربين شرط ان يكونوا قدماء. اما في الديمقراطيات بات ينطبق علينا وعليها المثل القائل .. عش رجبا تر عجبا. “الدنيا ربيع والجو بديع” في الظاهر لكن “اويلك” تقفل على أي موضوع من المواضيع. بدل العلم الواحد ثلاثة اعلام ورابعها علم الجيش الحر. بدل النشيد الواحد للوطن صار لكل حزب وعشيرة وفخذ وزقاق “علم ودستور ومجلس امة ” او اسناد او بلدي .. وقبض ماكو. الدستور في الديمقراطيات من اجمل ما يكون لكنه لايؤمن لك الحماية من غرفة نومك حتى دورة المياه. في الديمقراطية مجلس النواب حكايته حكاية .. لاتقبض منه لاحق ولاباطل. كل القوانين ومشاريعها ومشاريبها تخضع للقال والقيل شهورا بل سنوات. ماذا بقي اذن؟. بقيت حقوقي التي يكفلها الدستور وملخصها المزيد من “الهنبلة”. من حقي نقد نقص الخدمات ودعوة الحكومة للاستقالة وسحب الثقة بل وحتى الدعوة الى انتخابات مبكرة . ماذا نريد اريد اكثر من هذه النعمة؟. مو بس هاي .. الحكومة والكتل واصدقاؤهما يقولون.. بربكم ايها المهنبلون “استحوا على وجوهكم.” وبالكويتي التي حررت ام قصر “ويوهكم” .. هل يوجد بلد في العالم فيه كل هذا العدد من النقابات الوطنية وغير الوطنية والمراصد والمراكز الاعلامية من جماعة حدود الى جماعة بلا حدود بالاضافة الى باقي عناوين الدفاع. مع ذلك وفي ظل هذه الاجواء الديمقراطية فان بمقدور أي جماعة “مجهولة” كالعادة تستقل سيارات وتحمل اسلحة وترفع اعلاما وتضع علامات دالة تجتاز كل المناطق والسيطرات وتتوزع بالعدل والقسطاس على اربع صحف “مصدكة بحرية التعبير” وتلقن العاملين فيها ارقى انواع الحراك الديمقراطي من العبث بالمحتويات الى “تكسير الخشوم” الى حرق السيارات والعبث بالمحتويات مع الزام كل هذه الصحف نشر البيانات وعلى الصفحة الاولى وبـ “البنط العريض” وربما بالاحمر . كل هذا يحصل في وضح النهار وبواسطة عجلات مرقمة بالابيض وسواقها يربطون الاحزمة دليلا على احترامهم القانون مع سنويات اصولية .. وكلها بصحة صدور اصلية.