بعد أن تبين للجميع أن التيار الصدري هو سيد الساحة في العراق، وأن النضوج السياسي والتطور في المنهج والرؤية والتعامل مع الملفات من سماته، نجد هناك بعض الفتور من قبل كتَّاب التيار في ملاحقة واستباق المخططات، نظراً لأن عموم الحركات السياسية في العراق تتعامل بتخلف مع الواقع السياسي الدولي والإقليمي ومدى انعكاساته المباشرة وغير المباشرة على الواقع العراقي، وهذا ما يسمى بالمتابع السياسي، فمن النادر أن نجد أي حركة سياسية عراقية تنتهج منهجاً متماهياً مع مجريات الأحداث، وهو لا يتحقق إلا باستشراف محترف من قبل المتابع. وقبل الدخول في صميم المؤامرة نمر سريعاً على الاسلوب المتبع من قبل أعداء التيار لترهيبهم أو ابتزازهم، وحتى نكون أكثر صراحة في حديثنا فلا مناص من تشخيص هذا العدو وهو (إيران) بلا شك. ولمن لايعرف الاسلوب الايراني الذي لا يختلف كثيرا عن الاساليب السياسية الرخيصة في الابتزاز، نطرق بعض هذه الأساليب :
ــ العزف على الوتر العاطفي والطائفي بالترهيب من خطر قادم كما حصل مع الاحداث في سوريا، فقد اقحمت ايران بشباب العراق في محرقة سوريا بعنوانين : الأول : ـن الهدف من أعداء بشار الأسد هو القدوم نحو العراق لذبح الشيعة. الثاني : استغلال جملة من المفاهيم العقائدية، ومنها، أن السفيانيقادم من سوريا ولابد من إيقافه بالتالي يجب على شباب الشيعة أن يستنفروا للدفاع عن بشار الاسد لأنه حامي المقدسات، متناسين أن جرو الأسد هذا ذيحمئآت الآلاف من العراقيين خلال السنوات من 2003 ــ 2007. والغريب أن الحكومة العراقية في حينه هددت بتقديم شكوى في الأمم المتحدة ضد النظام السوري لقيامه بتدريب الآلاف من تنظيم القاعدة والبعثيين وارسالهم كانتحاريين للعراق، وحصل سجال كلامي بين نوري المالكي ووليد المعلم حول ذلك.
ولكن بعد أن تحول المالكي للمعسكر الايراني تحول معه بشار الاسد الى الصديق الحميم والناصر لدين الله والمقدسات. وتم الزج بالآلاف من شباب العراق الشيعة في محرقة سوريا، إلا أن يقظة السيد مقتدى الصدر وهي حكمة قلما نجدها عند القادة في العراق، رفض الانسياق في المحرقة السورية رغم كل التهديدات والتملق من قبل قادة المليشيات وقادتهم الايرانيين.
ــ التشهير والاعلام المضاد الخبيث، ومن أوضح صوره الضغط على التيار بأنه ممثل المشروع الأمريكي الحالي، وهو اتهام تم توجيهه للعبادي بعد أن اتخذ منهجاً وطنيا بعيداً عن الاملاءات الايرانية، وحصل ذلك مع التيار عندما قام السيد مفتدى الصدر بزيارة السعودية، فتم التشنيع عليه من قبل ايران وخرافهم بأنه تابع للمشروع السعودي الامريكي، ولكن عندما يقوم جواد ظريف بالجلوس الى طاولة واحدة مع الامريكان كما حصل مع جون كيري وزير الخارجية الامريكي السابق فهذا يعد نصراً للاسلام، أما عندما يقوم السيد مقتدى الصدر بزيارة السعودية فهو خيانة للاسلام. وهذا المنهج لا يعد وقاحة فحسب بل استخفاف بعقول الشعب العراقي. ولكن الملاحظ أن السيد مقتدى الصدر مضى بخطوات ثابتة ولم يلتفت إلى كل الدعايات الايرانية البائسة.
واليوم بعد أن أرغم أنوفهم بالوحل نجد أنفسنا أمام مؤآمرة من نوع جديد قديم، فقد صرح الرئيس الامريكي أنه سيقوم بسحب قواته من سوريا الى داخل الاراضي العراقية، وفي نفس الوقت يستعد الفريق الايراني المعروف بتكتل الفتح لطرح مشروع التصويت على المطالبة بسحب القوات الامريكية من العراق، وهو مشروع الغرض منه : ضمان خلو الساحة من الوجود الامريكي لتخلو الساحة لروسيا واذنابها ايران وغيرهم. ومن ناحية أخرى احراج التيار الصدري ودفعهم باتجاه الدخول في معركة مع القوات الامريكية، وهو اسلوب ليس بجديد فقد قامت ايران بالزج بالتيار في معارك دموية مع الامريكان بحيث يضمنون سقوط الالاف من ابناء التيار من ناحية والضغط على الامريكان للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية تبلورت اخيرا بالاتفاق النووي الامريكي الايراني.
وبذلك سيخسر التيار كل مكتسباته التي حصل عليها في السنوات السابقة والعودة الى المربع الاول، وصعود التكتل الايراني سياسياً وهيمنتهم على السلطة والقرار مرة أخرى.
خالص التحية لكم سيدنا سائلاً المولى جل وعلا أن يسددكم لما فيه خير البلاد والعباد.