” يستعمل نيتشه مصطلح “العدمية “Nihilisme في سياق معين و يريد بها معنى قريبا مما أراده
تورغنيف أطلقه على الأنارشيست الإرهابيين في روسيا في القرن التاسع عشر و هم ينكرون الأخلاق
و الميتافيزيقا
و قد تبنى نيتشه مبدأهم و نزعتهم عبر محمولات مفهوم ” العدمية ” عندهم
قام نيتشه بإسقاط المفهوم على من ينتصرون و يتبنون و يدافعون عن القيم الدينية و الأخلاق أو أي رؤية فلسفية تقلل من قيمة الحياة أو تزدريها أو ترضى بحالة التخلف و التقهقر
و يعتبر نيتشه ” النيهيلية “نزعة تعكس حقارة العيش و الحياة و تخلفها و تعكس ضجر الإنسان تجاه
مقتضيات العيش و الوجود و الحياة
عندما كتبت يوما عن نيتشه بأنه عدمي علق أحدهم يظن أنني أتحدث عن العدمية كما يتضمنها فهم القول
الفلسفي النيتشوي السائد و هو فهم ملتبس شائع و مغلوط بدل العدمية كما هو محمولها الفلسفي متعلقة
بموقف سلبي ناف و معدم من الوجود و اللاهوت و المطلق
إنني لا زلت أكرر بأن نيتشه تخلص من ” النيهيلية ” كما هي في أصلها الذي ذكرت به و عارضه من
إستلبه الفهم المنمط الشائع
لكنه ” نيتشه ” كرس العدمية بنظرية قلب القيم و هي نظرية ” عدمية ” في أساسها تنكر كل لاهوت
سماوي و مطلق و غيب و ليس فقط لاهوت المسيحية…
إنها منتهى نفي المطلقات
موقف ” نيتشه” ليس موقفا سياقيا و لا هو ردة فعل على ممارسات رجال الدين و لا الكنيسة
إنه موقف يتعلق بالمسألة اللاهوتية و بالوجود و الأنطولوجيا و كل الأديان و الإسلام أيضا
إنني أتعمد قراءة نيتشه خارج النسق المألوف و السائد و الذي أعتبره مضللا و لا يغريني بل لا يهمني
لا يهمني ضعاف الكسب و الخوافين الوجلين من ممارسة حق التفلسف عن جدارة فلسفية و استحقاق بدل تصديع رؤوسنا بمتون تتكرر لفهوم مستلبة
و ليس هذا نتاج رؤية مغلوطة و فهم سيء أو قاصر للنص و المنجز النيتشوي
لكنها قراءة متحررة من هيمنة و سلطة النسق و متجاوزة له
بل قراءة تعتبر المترجم من منجز نيتشه ضحية معضلات الترجمة أيضا
و هذا بعض ما يبرر تجاوز النسق ليس تأويلا لكن لغة و فهما سياقيا و راهنا و مفهوما و بنية و تمثلات
مقاومة الإجتهاد نزعة ” شوفينية ” تسكن قلب التراثيين من الفئتين
تراثنا و تراث ” الاخر ” و أيضا دعاة التنوير و الحداثة في عالمنا العربي و الإسلامي “