ما كنا نسمعهُ يومياً من حديثٍ لبعض القوى الكردية والشخوص الراديكالية، عن نيّتها انشاء إقليم أو بالأحرى دوله مستقلة في شمال شرق سورية، بعد ضمّ مناطق جديدة لمناطق تواجد الاكراد بسورية وتحت هيمنة وحماية الأمريكي، قد أنتهى وانتفى احتمال وجوده مع اعلان ترامب بدء انسحاب قواته من شمال شرق سورية وترك الأكراد لمصيرهم المجهول ولقمة سائغة على الاغلب للتركي ،وهذا الحديث حينها كان يدل على انتهازية بعض الاكراد الراديكاليين، ومن يقف بصفّهم، فلقد أثبتت المرحلة الحالية وخصوصاً مع تأكيد نبأ”فرار قيادات كردية من الرقة والحسكة عبر معبر سيمالكا إلى دهوك العراقية “بالتزامن مع اعلان ترامب ” ، انتهازية بعض قادة الأكراد السياسيين، وهذه الانتهازية نفسها هي ما تجعلهم بوقت تيقنهم من تخلي الأمريكي عنهم يتعاملون مع الدولة السورية، للحصول على مكتسبات قومية من جهة، فيما يتعاملون مع ما يُسمى القوى الدولية الداعمة لما يسمى بالمعارضة السورية المعتدلة منها والمتطرفة منها .. على أساس أنهم فصيل أساسي من فصائل المعارضة .
وهنا بالتحديد لا يمكن أنكار حقيقة أن طيف واسع من اكراد سورية ، مازالوا بخندق سورية الدولة ووحدتها، واليوم بسورية، تمتد مناطق تواجد الاكراد على مساحاتٍ واسعة إلى حدّ ما بشمال وشمال شرق سورية “ عين العرب ،عفرين ، رأس العين ،القامشلي ، جرابلس ،الحسكة “،وهم يشكلون ما نسبتهُ 6% تقريباً من عدد سكان سورية ،وهنا يجدرُ بنا التنويه، إن اكراد سورية بمعظمهم، كان لهم موقف خاص من مسارات الحرب على سورية ، والتزموا مسار الحياد المرتكز على موقفهم الداعم للدولة السورية.
ولكن بعد بدء التنظيمات المتطرفة لمعارك واسعة، تستهدف أماكن تواجد الأكراد “وبدعم وتحريض أمريكي وبتواطئ من بعض القيادات الكردية الانتهازية “، اضطر الاكراد لحمل السلاح، لحماية أنفسهم وأماكن تواجدهم، ومن هنا استغل البعض من الاكراد مدعوماً بأجندة دولية، حمل السلاح للاكراد ،لاستثماره بمواقع أخرى، سعياً من هؤلاء لحرف مسار بوصلة اكراد سورية لغير موقعها الصحيح.. من خلال الحديث والمطالبة بحكمٍ ذاتي للاكراد، وفي مناطق واسعة من شمال شرق سورية.
اليوم لا يمكن إنكار حقيقة إن بعض الاكراد المُسيّسين، يحاولون منذ عشرات السنين، البحث عن وطنٍ لهم على حساب العرب، ولا يهمهم للوصول الى هذا الهدف ،التعامل والتعاون مع اعداء العرب، ولنا بالتجربة العراقية خير شاهد ودليل ، منذُ أيام الزعيم الكردي – الملا مصطفى البارزاني الذي تعاون أحياناً مع شاه إيران، وأحيان كثيرة مع العدو الصهيوني، ليتسبب في الكثير من الحروب في شمال العراق، منذُ أيام أول رئيس للجمهورية في العراق ـ عبد الكريم قاسم ـ و انتهاءاً بأيام الرئيس السابق صدام حسين، بحجة البحث عن حكم ذاتي للاكراد، ولكن حقائق الواقع والتاريخ تؤكد أن الأمريكي لطالما تخلى عن الأكراد حين يرى الأمريكي أن مصلحته تتطلب رفع الغطاء السياسي والعسكري عن الأكراد وهذا السيناريو حصل في العراق ويتكرر اليوم في سورية ،وللأسف مازال بعض الأكراد يراهنون على الأمريكي ولم يتعلموا من دروس التاريخ ،ويكررون ذات الأخطاء .
ختاماً ،اليوم ، يبدو واضحاً أن محاولة بعض الساسة الأكراد السوريين، المرتبطين والمدعومين بأجندة خارجية،”انشاء دويلة كردية ” في شمال شرق سورية،قد فشلت فشلاً ذريعاً ، فهؤلاء حاولوا استغلال سوء الأوضاع السياسية في سورية، لتحقيق مكاسب قومية، ووصلت بهم “الوقاحة”، للاعتراض على وحدة سورية وعروبتها، وهنا نقول، إنّ من حقّ الاكراد أن يكون لهم هوية ثقافية قومية داخل أيّة دولة عربية، ولكن ضمن إطار الهوية السياسية العربية لهذه الدولة، وليس السعي لانتزاع هذه الحقوق بقوّة السلاح … ولكن للأسف مازال بعض اكراد المنطقة يكررون نفس الاخطاء التاريخية … ويتلقون الطعنات تلو الطعنات من الأمريكي الذي يستغلهم كأدوات جاهزة حين الطلب لمعاركه في المنطقة ككل .