17 نوفمبر، 2024 3:43 م
Search
Close this search box.

رفقاً بالقوارير!

فرحتُ كثيراً لدعوتي بزيارة إحدى منظمات المجتمع المدني، في جلسة حوارية خاصة مع مختلف النساء المعنفات، والمطلقات، والأرامل من مجتمعنا، الذي ينظر للمرأة نظرة ضيقة، فلم أستطع تحمل الكلمات التي صدرت عنهن، فقد كانت مليئة بالأسى والوجع، فأولهن قالت: أريد من زوجي أن يغسل قلبه قبل جسده، ولسانه قبل يده، ويحسن الظن في الناس، مع أن كلمة طيبة واحدة منه، ترفعني كالطير الى السماء، قالتها وغطت وجهها الدامي بمنديل أسود!

توجهت لأخرى قابعة في زاوية الغرفة، وقلت لها: أي نوع من العنف تعانين؟ قالت: إستهلكني زوجي فأهلكني، وفقدت كل ما يمت للمرأة بصلة، وكنت أحرص على أن لا ينقصه شيء، فتركت نفسي وراء الطبيعة وعلى ما يبدو فهذه الدنيا ليست للطبيين، أترين هذه الكدمات والندوب، إنها ثمن طيبتي وتفريطي بكرامتي!

إنتفضت معنفة أخرى قائلة: تزوجته لأنه كبير السن يدرك الحياة، لكنني بعد سنوات فوجئت بصغر عقله، وهو متفاجئ بنضجي رغم صغر سني، ومع ذلك أحاول أن فقد ذاكرتي أمامه لئلا يشعر بالحرج! وقد تجرأت في إختيار حياة أخرى بعيدة عن الصغر والكبر، فطلبت منه الزواج بجارتي الكبيرة، وها أنا احضر لهذه الجلسات لأتحدث عن إختياري السيء، الذي لم يجلب لي سوى التعاسة في حياتي، لقد كنت أتوقع أنه مثل والدي!

توجهت لأمرأة مطلقة متوسطة الجمال وسألتها: أضاقت عليكِ الحياة معه لتطلبي الطلاق؟ أجابتني: (مَنْ يعشق روح الأنثى فلن يعشق إلا واحدة، ومَنْ يعشق وجه الأنثى فلن تكفيه أناث الأرض جميعاً، معلنة أنها تقرأ كثيراً عن المرأة والثقافة الزوجية، وتوجيهات السيد هادي المدرسي، والشيخ حبيب الكاظمي) فهلا تمعنتي في مشكلة طليقي؟

بادرتني إحداهن بسؤال أقلقني كثيراً: هل يحترمكِ زوجكِ، ويقدر مجهودكِ في البيت؟ فإنهمرت لاءات بعدد نظراتها، والتعجب يسير في تمتماتها، لأنني دهشت من كونها إمرأة قروية حقيقية، لكنها تسرد الدمع في مدينة مقطعة الأوصال، وذلك أنها فقدت ولديها الصغيرين، بسبب إهمال زوجها في ترتيب الخط الناقل لكهرباء البيت فماتا صعقاً!

تجمعت النساء حولي وهن معجبات بطريقة حديثي، وقلت في نفسي لقد حانت الفرصة: القضية مؤلمة بأن نجد مجتمعاتنا الإسلامية بهذا البؤس، وبعيدة كل البعد عن قيم الدين الأصيل، في التعامل مع المرأة، مع ( أن أكبرة قوة للرجل على المرأة، حين يجعلها تطيعه لأنها تحبه، وأكبر دليل على ضعف الرجل عندما تطيعه لانها تخافه) فلم لا تفكر ملياً أيها الرجل: وأنت إنسان راقي التفكير والأخلاق؟ دعوة للرجال لمغادرة العنف اللفظي والجسدي.

أحدث المقالات