17 نوفمبر، 2024 7:29 م
Search
Close this search box.

تفعيل المشاركة السياسية للشباب

تفعيل المشاركة السياسية للشباب

ان مرحلة الشباب هي أخصب مراحل العمر، وهي مرحلة العطاء وهم الثروة الثمينة التي لا تعوض , وهم تاج وعز الوطن بصلاحهم تنهض البلدان، والشباب في أي مجتمع من المجتمعات عنصر حيوي في جميع ميادين العمل الإنساني والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، فالشباب هم المحرك الرئيس الفعال لأي اصلاح او تغيير في المجتمعات ودوما يشكلون الرقم الأصعب في أي ثورة إصلاحية، وأداة فعالة مهمة من أدوات حضارته واستمراره , وهم همزة الوصل بين الماضي والمستقبل ويحملون الحاضر.
من خلال الاحصائيات نجد ان نسبة الشباب في اغلب البلدان تتجاوز 50% إلا أن مشاركتهم في صنع القرار ضئيلة جدا وقد تكاد تكون معدومة في بعض البلدان.
وعند الرجوع الى العصور القديمة نجدها تزخر بالطاقات الشبابية وتقلدها للمناصب السيادية والادارية صاحبة القرار ومن امثلة ذلك في الحضارة العربية الاسلامية كثير فزيد بن حارثة كاتب الوحي ولم يتجاوز سن الثالث عشرة من عمره وقد كلفه النبي عليه الصلاة والسلام بتعلم اللغة السريانية واليهودية , وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي كان يلقب بحبر الامة وترجمان القران , واسامة بن زيد الذي قاد جيشا كبيرا ومازال فتاً وتحت امرته كبار الصحابة , وعمرو بن كلثوم الذي ساد قبيلة تغلب وعمره 15 سنة , ومحمد بن القاسم فاتح بلاد السند وعمره 17 سنة , وعبدالرحمن الناصر كان عصره يسمى بالعصر الذهبي في الاندلس وعمره انذاك 21 سنة، وفي عهده قضى على الاضطرابات وقام بنهضة علمية لتصبح اقوى دول عصره حتى اصبح قادة أوربا يتودّدون له, ومحمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية والتي استعصت على كبار القادة في حينها كان يبلغ 22 سنة وغيرهم الكثير.
لنصبح اليوم تحت حكم أحزاب تدعي الإسلام وأخرى قومية ومعظمها تُبعِد الشباب عن اي منصب سيادي او موطن صنع القرار وحتى حق الترشيح وجعلوا من اجل ذلك سن الترشيح 30 سنة!! فلم يقتدوا بالعرب ولا بقادة الدين الإسلامي الحنيف .
ولو اطلعنا على دور المنظمات الدولية في واهتمامها بالطاقات الشبابية واخذها دورها الحقيقي في المجتمع لرأينا بانها تنادي بذلك في كل المحافل الدولية, يقول كوفي عنان الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة عن الشباب ((المجتمع الذي يقطع نفسه عن الشباب يقطع نفسه عما يمده بالحياة، ويكون مكتوب عليه ان ينزف حتى الموت)). وحسب تقارير الأمم المتحدة بان الفئة العمرية 15-25 سنة تشكل أكثر من 50% في البلدان النامية ومن كلا الجنسين وغالبا ما لا يسمح لهذه الاعمار باي تمثيل لصناعة القرار. وهناك تقرير أصدره الاتحاد البرلماني الدولي في 16 مارس عام 2016م خلال مؤتمره في زامبيا حيث كشف التقرير ان 1.9% فقط من مجموع 45000 اعداد البرلمانيين في العالم أعمارهم تقل عن 30 سنة !! وما يقارب 80% من الفرق العلوية التي شملتها الدراسة لا تحتوي على أعضاء دون سن 30 سنة، وهناك أربعة دول ليس فيهم دولة عربية هي (السويد / النروج / فنلندا /الاكوادور) لديهم 10% نواب تحت سن 30 سنة. وحسب ارقام الأمم المتحدة فان نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 – 44 سنة يشكلون 57% من نسبة الناخبين في العالم. من هنا نرى ان شريحة الشباب أكبر شريحة لم تأخذ دورها وحجمها الحقيقي في المشاركة السياسية الفاعلة ولا في غرف صنع القرار لمعظم البلدان.
ومن كل ما تقدم انفا نستطيع ان نشعر بياس الشباب وعزوفهم عن المشاركة الفاعلة في العملية السياسية ولمعظم الدول وهذا ما يستدعي الوقوف على هذا الموضوع الهام لهذه الشريحة المهمشة وإيجاد صيغ فعالة لرفع نسبة المشاركة في كل المستويات واخذ دورهم الريادي وحقهم المسلوب ونطرح النقاط التالية من اجل تعزيز مشاركة فاعلة وحيوية للشباب: –
أولا: -الضغط بتعديل قوانين الانتخابات وجعل سن الترشيح بين 20-25 سنة على الأقل في حين هناك دول دون العشرين سنة. وتشترك بذلك جميع التجمعات والمنظمات الشبابية يساعدها في ذلك الأحزاب التي تهتم وتراعي مشاركة هذه الشريحة الواسعة من الشباب في العمل السياسي.
ثانيا: -مساندة المنظمات الدولية وبالأخص المعنية بالشباب كالأمم المتحدة و NDI والمفوضية الاوربية EU .. الخ. والعمل على تنفيذ مقولة الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون:((يجب إتاحة الفرصة للشباب ليشاركوا بفاعلية في صناعة القرارات على المستويات المحلية والوطنية والدولية ((ومن المفترض الأمم المتحدة تتبنى ذلك وتسعى جاهدة لتحقيقه.
رابعا: -المشاركة الفاعلة للمنظمات المحلية والتي تعني وتهتم بالمشاركة السياسية للشباب وبالأخص في الانتخابات وهي كثيرة لا يتسع المجال لذكرها وبالأخص التي لديها اهتماما بالانتخابات وكل ما يتعلق بالشباب وتوعيتهم ثقافيا وسياسيا.
خامسا:- دعم ونشر الثقافة الديمقراطية بين الشباب بمختلف الاعمار للاطلاع على القوانين والاجراءات وسبل الخوض والتأثير فيها وصولا الى دور صناع القرار. فالمشاركة كناخبين فقط لا تكفي لكنها الخطوة الأولى لاستكمال البناء التوعوي والديمقراطي للشباب.
سادسا:-انشاء مجالس شبابية محلية ووطنية في الجامعات والمدارس وتعليمهم الإجراءات الديمقراطية ويكونوا محل نظر واهتمام من قبل أصحاب القرار في بلدانهم وانهم اهلا للقيادة والتمثيل لشريحتهم الواسعة.
وهذا بدوره يُعَجِل في سَنْ قوانين تعطي للشباب حق الترشيح والقيادة.
سابعا: -العمل على جعل كوتا للشباب كما هو الحال للمرأة وحتى لو كانت لفترة زمنية تحدد بعدة دورات انتخابية. ويتبنى ذلك المنظمات المحلية والدولية الداعمة للشباب.
ثامنا: -إذا كان الشباب هو من قاد الانتفاضات السلمية في العالم العربي التي بدأت في كانون الثاني/يناير 2011م وغيرهم من قطف ثمارها فلأن المجتمع بشكل عام لم يرتقي ولم يكن لديه وعي لتقبل فكرة قبول القيادات الشباب , لذلك على الشباب ان يضطلع بدوره الحقيقي محاولا التغيير والاصلاح وبشروط جديدة من خلال قيادة الحملات بالاتفاق مع الحكومات او الأحزاب السياسية الفاعلة. وعلى الأحزاب او الحكومات المحلية والوطنية استثمار هذه الطاقات لتحقيق هذا الهدف.
تاسعا: -لا تقتصر حركة الشباب ونشاطاتهم ودعمهم في فترة الانتخابات فقط بل قبلها وفي وقتها وبعد الانتخابات. ففي كل فترة قد يختلف نشاطها عن الفترات الأخرى ولكن جميعها تصب في تفعيل دور الشباب ومشاركتهم السياسية. وهذا بحد ذاته يحتاج لورش خاصة لكل فترة من هذه الفترات الثلاث.
عاشراً: -استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والانترنيت والمواقع المهمة الخاصة في دعم وتعزيز المشاركة السياسية للشباب والتبادل المعرفي وبالإمكان عمل شراكة وتبادل الخبرات مع الاخرين في هذا المجال.
أحد عشر: -يجب تجاوز الفجوة بين الأحزاب السياسية والشباب ولا بد ان يعرف الجميع بان الاحزاب والشباب بحاجة لبعضهم البعض من خلال التعاون المشترك لتحقيق اهداف متبادلة فقد تشترط التجمعات الشبابية على الأحزاب تغيير الأطر القانونية للترشيح وللمناصب مقابل دعم ومناصرة الأحزاب التي تتبنى هذه الأفكار.
أثني عشر: -العمل الجاد لأنشاء معاهد متخصصة للثقافة الديمقراطية تبدأ بالتدريب من سن الطفولة وكما هو موجود في استراليا وغيرها من الدول وعند السؤال عن ذلك كان الجواب بان الطفل لا بد له من تعلم هذه الممارسات والنشاطات تمهيدا للدور الذي ينتظرهم عندما يكبروا في كيفية اختيار ممثليهم في كل المجالات. الامر الذي نفتقده بشدة ففي بلداننا.
ثالث عشر: -على كل وسائل الاعلام وبمختلف توجهاتها الاهتمام بالشباب وتبني ندوات وبرامج وحوارات خاصة بتوعية الشباب واخذ دورهم الريادي والهام.
واخيرا فمهما كتبنا في هذا المجال هو قليل والموضوع متروك للمهتمين بهذا الشأن مع التأكيد بتظافر كل الجهود لتعزيز مشاركة الشباب الفاعلة في السياسة وصناعة القرار.

* نائب رئيس مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق / سابقا

أحدث المقالات