رحل عنا الشاب العشريني،وقد غاب أثره في هذا الشتاء البارد،وهو يحمل احلاماً لايمكن تحقيقها ، وهو متعب من ضغوط الحياة ، وينازع العيش من اجل العيش ، ويحلم ببيت صغير يأويه مع عائلته من قهر الزمان ، ويحفظ كرامتهم ، وعينه مفتوحة على اطفاله الثلاث الذي تركهم دون ماوى او معين لهم ، كل هذا يحدث في عراق الخيرات والثمرات .
ما حصل بعد حكم الطاغية كرس نفس الطغيان والظلم للشعب المرتهن ، إذ رحل حسين والحلم ببيت صغير قد رحل معه ، وفي الاتجاه المقابل كشف موت حسين قبح الطبقة السياسية الحاكمة في بلاد النفط ، الذين امتهنوا سياسة التهميش للمطالب ، ورهنوا انفسهم بمطالبهم هم ، وتجاوزا كل حدود الانسانية ليتحولوا الى مجموعة من اللصوص تقطع الطريق وتسرق الاموال ، بلا وجه حق ، وها هو بلدنا اليوم وبعد 15 عاماً من الحكم ، نجد القصور للسراق والقبور للفقراء ، كل تلك السنوات وما زال الظلم يتكرس في حياة شعبنا نتيجة لحكم الفاسدين ، وسيطرة الطبقة الفاسدة التي اغتصبت ابسط الحقوق ، حيث عمدت الى تشريع ما يحفظ حقوقها الى الابد ، في ابشع طرق للتشريع في العالم .
كنا نسمع عن المدن الجميلة ، مثل لندن وباريس ، وكنا نقرأ عن تلك المدن وكيف التطور والازدهار فيها ، وكنا نحلم بزيارتها والاستمتاع بما وصل اليها التطور ، ولكن كل هذا كان في احلام اليقضة ليس الا ، لانها احلام لن تتحقق ابداً ، في حين تحققت هذه الاحلام لسياسيينا الذين أصبحت هذه المدن مرتع لهم ، ومقراً لهم ولعوائهم ، في حين لايقدمون لنا سوى الخلاف والخراب ، وهم قد جعلوا من تلك المدن مكان راحتهم واستجمامهم ، فعلاً انها نكسة ان تعطى الفرصة لمن لايستحقها ، وترمى احلام الفقراء الى مكامن النفايات .
الجميع كان يحلم بالعيش الهني ، والحياة الهادئة ، وببيت صغير للسكن والاستقرار ، ولكن رحل الجميع واحداً تلوا الاخر ، والاحلام تبقى معلقة في الهواء ، دون ضميراً يحققها ، وها هو حسين غادرنا دون تحقيق اي شي ، حتى علاج ولده المريض والذي انهكه ثمن الدواء ، ويوفر مستلزمات الدراسة لولده الاخر ، رحل وهو ينتظر نظرة عطف ممن سرقوا فرحته ، وقتلوا احلامه في ان تصبح حقيقة يعيشونها ، ولكن لم يجدوا الا الخيبة والخذلان .