“الحروب الأهلية عادةً تحصل بعد الإحصاء السكّاني…، وتصير الحرب الأهلية بعد الانتخابات، اذا جاءت النتائج مطعوناً بها، فأنا لا اريد حرباً أهلية تحصل لا بإحصاء سكاني ولا بانتخابات، من هنا نشدد ونؤكد ان تعطونا ضماناً وتأكيداً ١٠٠٪ ما يحصل بيها اَي تلاعب” ويقصد الانتخابات.
هذا نص كلام (نوري المالكي) في حديثاً له متلفز، على “قناة الشرقية”
المالكي لم يهدد عبثاً، وإنما استند الى قوة حقيقية واقعية، تحت مسمى الدولة العميقة، الموجودة داخل الدولة العراقية، ويديرها عن بعد، عن طريق أيادي خفية زرعت داخل مفاصل الدولة، خلال الثمان سنوات التي حكم فِيهَا، وهذا ما ثبت بالدليل في أحداث ما بعد الانتخابات الاخيرة.
بعد فوز قائمة (مقتدى الصدر) وخسارة المالكي الكبيرة، عرض البلاد لموجة غاضبة من التظاهرات، كادت أن تحرق الأخضر واليابس، لم تسلم منها حتى مؤسسات الدولة، انطلقت شرارتها من البصرة، وانتهت بالعاصمة بغداد، كان للأيادي الخارجية بصمة واضحةً عليها، تارة مناصرةً لحلفائها، و تارة اخرى تصفية للحسابات فيما بينها، عن طريق مخابراتها والعملاء التابعين لها، حتى بقايا النظام البعثي إستغلت الاوضاع ونفذت اجندتها.
كان الرابح الوحيد من تلك المظاهرات هم (الصدريون)، لأنهم الوحيدين اللذين لم تتعرض مكاتبهم للاعتداء، ركبوا الموجة واستغلوا عواطف ومشاعر الجمهور الغاضب، ونصب الصدر منبراً في ساحة المظاهرات اسماه منبر الاصلاح.
اليوم وبعد الفشل المتكرر الذي مني به المالكي، بتنصيب الفياض وزيراً للداخلية، عاد للغة التهديد ذاتها، بإطلاق تصريحات نارية، التي ترفض زعامة الصدر على السياسيين، على حد قوله “لا نقبل فرض إرادات, ومرشحنا هو الفياض, وقبة البرلمان هي الحكم” تلك التصريحات اثارت حفيظة الصدر، وأخذ يلوح بمظاهرات واحتجاجات تجتاح البرلمان، في حال اصرارهم على ترشيح الفياض.
(مقتدى الصدر) لم يتوقف عن المحاولات المستمرة، لفرض نفسه زعيماً وطنياً على الجميع، وهذا ما يثير الحساسية لدى جميع السياسيين، لأنهم يَرَوْن أنفسهم افضل منّهُ للزعامة، من خلال تغريداته التي اعتبرها البعض ملامح للحكومة الجديدة، و اعتبرها البعض الآخر مجرد كلام لا يغني ولا يفقر، ويعتبرونه رجل متذبذب لا يثبت على قرار, ولا يلتزم بوعد, ولا يوفي بعهد.
الصراع السياسي الداخلي والخارجي بين المتناحرين، جعل المواطن حطباً للفتنة، لأنهم صبوا اهتمامهم على المصالح الذاتية على حساب المصالح العامة، كي يضيع الشعب العراقي بين تهديدات المالكي وتوعد الصدر.
صاحب الدولة العميقة يدير الاعلام بحرفية عالية، ويوجهه حيثما يشاء، والآخر يستغل البسطاء ليجعلهم محرقة لسلطانه وادوات لتوسع سطوته، والشعب العراقي ما بين هذا وذاك اضاع طريقه، اضحى لا يميز بين الصادق والكاذب بين الوطني والعميل بين الشريف والخائن.