مرت كل الحكومات التي تشكلت في الخمسة عشر العام الأخيرة, بأزمات أثناء اختيار رئيس الوزراء والكابينة الوزارية, وحتى حكومة عادل عبد المهدي الأخيرة لم تسلم من هذه الأزمات.
ما يميز حكومة عادل عبد المهدي أنها حكومة مغايرة في اللون والشكل للحكومات السابقة, فسياسيا عادل عبد المهدي لا ينتمي للحزب الذي كانت تمثله الحكومات السابقة –وهذه بحد ذاته يمثل تحديا- وكذلك لا ينبع من نفس المنظومة الفكرية التي مثلها رؤساء الوزراء السابقين في فترة ما بعد 2003.
جاء السيد عادل في ظروف وطنية صعبة, وظروف إقليمية أصعب, وفي ظل منطقة صراعات ملتهبة تحاول فيها القوى الإقليمية الانتصار في أي ساحة ممكنة.
لقد بدا السيد عبد المهدي واضحا في طرح رؤياه ومنهجه, وانه سيبتعد عن الامتلاءات والإرادات المفروضة, وابتدأ خطوته الأولى بفتح الترشيح الالكتروني لشغل المناصب الوزارية, والتي قدم فيها أكثر من ست وثلاثون ألف مواطن, معلنين أنفسهم على أنهم قادرين على التصدي للخدمة العامة.
كما قام رئيس الوزراء الجديد بعمل مهم جدا, يعرف قيمته البغداديون أكثر من غيرهم, وهو فتح المنطقة الخضراء, وإزالة الكتل الكونكريتية من شوارع مهمة في بغداد, وهذه الخطوة بالذات كانت مدار رفض من قبل سفارات أجنبية تتصدرها أمريكا, ومن قبل سياسيين كثر وفاسدون أكثر.
حالما قدم عبد المهدي تشكيلته الوزارية حدث الانقلاب على الاتفاقات, وتم تعطيل ثمان وزارات دون تصويت, ليشتعل صراعا كبيرا حول ذلك, كان عنوانه العام من الطرف الشيعي فالح الفياض, ومن الطرف السني فهد فنر الجربا.
استمر التحدي بين الكتل, بين إصرار سائرون على رفض الفياض, وتمسك الفتح به مرشحا وحديدا, وكذلك بالنسبة لمرشح الدفاع الجربا بين رفض المحور له, وإصرار الوطنية عليه.
خفايا الإصرار والرفض تقف وراءها أجندات دولية واضحة, وبصورة اقل مصالح فاسدة, وعناد بيني لفرض الإرادة وإظهار قوة الخصوص في بينهم.
الحقيقة العصا التي يراد وضعها في دولاب الحكومة هي عصا متعددة الأذرع, ومحركاتها كثير, إلا إن تصريح عبد المهدي الأخير يبدو انه سيكون كالدافع لإبعاد هذه العصا, حينما قال “من يضغط علينا لدفعنا للاستقالة فهو مخطئ بالمطلق” فهل سينجح عادل عبد المهدي في تدوير دولاب حكومته خدمة للشعب المُتْعَب؟.