17 نوفمبر، 2024 11:47 م
Search
Close this search box.

التدافع بالحراك السياسي إلى أين ؟!

التدافع بالحراك السياسي إلى أين ؟!

بعد انهيار الإتحاد السوفيتي كأنَّ بأمريكا قد استراحت من رعب ندها الأكبر.. متصورة بأنها قد تخلصت من سياسات الآخر المختلف.. جاهلة موضوعة التدافع السياسي بين ما هو متحرك وما هو كامن ، وما هو متولد، بعدما أسست سياسات العداء للمعسكر الاشتراكي، مستفيدة كل الفائدة من عدم تدخل فلسفتها البراكماتية بأطروحة الدين،حيث تركت هذه الأطروحة لشأن المؤسسات الدينية في الغرب الرأسمالي، الأمر الذي جنبها الخوض في هذا المعترك الفلسفي الخطير، ومن ثم تمكنت من اختراق بعض التوجهات الدينية وتفعيلها باتجاه الآخر المختلف، ورعايتها للثقافات المتجهة نحو تهديم ثقافة أي آخر مختلف، سعياً لطموحاتها المستقبلية في عالم القرن الحادي والعشرين.
وبمراجعة سريعة لأرشيف الأحداث السياسية في أفغانستان وإيران ويوغسلافيا والعراق، يتجلى الفهم الواضح لمجريات الأحداث وتوظيفها بما يخدم السياسة الأمريكية وطموحاتها في العالم الجديد..عالم انهيار المنظومة السياسية الاشتراكية ، وسقوط الند الأكبر لسياساتها في العالم .. الإتحاد السوفيتي .
لقد أسست الإدارة الأمريكية لثقافة الإرهاب الموجه ضد الآخر المختلف بالعنف الثوري المضاد ، وتربية عناصرها وتأهيلها ، من حيث يعلمون أو لا يعلمون !! .. وأدخلت هذه الثقافة في مؤسساتها العلمية والجامعية والإستخبارية والعسكرية ، وأسست المراكز البحثية الإستراتيجية لهذا الغرض.
ففي الوقت الذي تعتبر الإدارة الأمريكية حزب البعث المنحل حزباً شوفينياً دكتاتورياً ، نرى رامز كلارك وزير العدل الأمريكي الأسبق يقول في كتابه (النار هذه المرة) بأنَّ البعثيين جاءوا إلى السلطة في العراق بمساعدة المخابرات المركزية الأمريكية ، وفي وقت كان قد صرح القيادي في حزب البعث من الرعيل الأول علي صالح السعدي ، بأنهم جاءوا بقطار أمريكي ، بينما يعلن أمين سر القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق ورئيس الحكومة البعثية في عام 1991 قولته المعروفة : لقد غدر الغادرون !!!… وذلك بعد ضرب التحالفُ الأمريكيُّ العراقَ إبّانَ دخولهِ الكويت. فأيّ عهد قطعته الإدارة الأمريكية لصدّام حتى تنقضه ، فتغدر به ؟!!.. ومقابل ماذا ، بعد حرب ٍ أزهقت أرواح المسلمين وأهرقت دماءهم وأرهقت اقتصادهم؟!!
وبمراجعة بسيطة للسلوك الأمريكي في العراق خلال الانتفاضة الشعبية الشعبانية ، وما تورطت به تلك الانتفاضة في ذات العام ، عندما تدرّعت بالوجود العسكري الأمريكي الذي تركها كالريشة في مهب الريح ، لتحال إلى شعب من الأبرياء ..النساء والرجال.. الشيوخ .. الشباب .. الأطفال .. الأجنـّة في حفر المقابر الجَماعية المترامية الأطراف المجهولة المواقع، بعدما أخلت لصدام البرَّ والجوَّ العراقيين وانصرفت !!؟
ولابد هنا ؛ أن نستحضر تنامي النشاط المسلح لجماعة طلبان في أفغانستان ضداً للولاء السوفيتي لبابراك كارمل هناك ، ناهيك عمّا تقدمه الإدارة الأمريكية من الدعم التام للولاية 51 في قلب الأمة العربية ، بالتسليح والدعم السياسي لإسرائيل، ضداً للمقاومة العربية الإسلامية ، أينما تكون !.. وإقناعها لشاه إيران بمغادرة الأراضي الإيرانية وترك الحبل على الغارب ، أملاً بحصول صراع سياسي دموي بين الإسلاميين والشيوعيين من أنصار حزب تودا، لأجل أن ينتهيا بالهرير، أو بتسلط المؤسسة الدينية الإسلامية على الشارع السياسي ، وبهذا ؛ يتحقق زوال الولاء للسوفيت في إيران، وأنَّ عمر الملالي لقصير ، كما هم كانوا يتوقعون !!
لكن؛ المفاجأة حصلت عندما أفرز واقع الحراك السياسي وتدافعه مستجدات خطيرة على السوح السياسية التي تأسست لكي تخلو من الآخر المختلف ، على أن تؤسس هي سياساتها البديلة في المنطقة ، فوجئت بولادة آخر مختلف ، لا يقل خطراً عن الند المنهار، لكن؛ هذه المرة ، آخر مختلف آيديولوجياً.. أكثر من كونه مسلحاً، لقد فوجئت أمريكا بأن الحراك السياسي الديني في يوغسلافيا أخذ اتجاهات بديلة عن الوجود الشيوعي هناك ، وراحت تلك الاتجاهات تسعى إلى حراك سياسي يؤسس لولادة جمهورية إسلامية في قلب البلقان.. في قلب أوربا .. في قلب الغرب . وإذ هي تعاني من تنامي هذا التوجه الآخر المختلف في شرق الأرض ، فوجئت بتحول العنف الثوري للمؤسسات الدينية المعادية للوجود الشيوعي إلى مؤسسات معادية للوجود الأمريكي ، ومن ثم تولد مقاومة متحولة عن المقاومة السابقة إلى مقاومة لاحقة بذات عناصرها كافة وبأشدِّ عناد.
وبعد أن أصبحت المؤسسة الدينية الإيرانية خطراً سياسياً على أمريكا في الشرق الأوسط وقارة آسيا، بعدما أثلج صدرها طغيان المد الآيديولوجي للمؤسسة الدينية على المد الآيديولوجي الشيوعي في إيران، وبالتالي خسارة مباشرة أو غير مباشرة ،على المستويين السياسي والاقتصادي ، والتوازن الدولي في المنطقة ، مثلما تحوّلت المعارضة السياسية لنظام صدّام إلى مقاومة مسلحة للوجود الأمريكي في العراق ، من بعض أطراف العملية السياسية .. كجيش المهدي (الذي ضربته طائرات الأباتشي الحقيرة بالصواريخ، ألا فليسقط الأباتشي الحقير ، واللعنة عليه وهو يضرب المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان وفي غزة وفي العراق، واللعنة على كل من يقول لاتقولوا سقط الأباتشي الحقير !!! ).. ومقاومة الجيش الإسلامي .. والمقاومة الشريفة .. والمجاهدون .. إلخ ، مما جعل الإدارة الأمريكية تترنح تحت مطرقة هذه المفاجآت في العالم وتذهل !!؟ بل تغادر هربا…!
وكأنها عادت إلى ذات النقطة على محيط دائرة حراكها السياسي في العالم كجغرافية ، وفي القرن الجديد كزمن، كأن الذي يواجهها اليوم معسكر إسلامي جديد ، بمسميات مختلفة أو متفقة ، بعدما عانت من مواجهات المعسكر الاشتراكي والشيوعية ، بأحزابها العديدة في المنظومة الاشتراكية الدولية .
عليه ؛ فمن الجدير بالذكر أن ندرك حقيقة فشل المشروع السياسي الأمريكي في العالم اليوم، ونجاح المشروع السياسي الذي كانت قد شجّعت إليه الأمس، لصالح الآخر المختلف ، مما أدى إلى انقلاب الحراك السياسي المغذى أمريكياً ـ ببعض عناصره ـ لمواجهة الشيوعية في العالم إلى حراك لمواجهة الإرادة الأمريكية ، بعد أنْ عقدت عليه الآمال ،لأجل انهيار المعسكر الاشتراكي في يوغسلافيا وأفغانستان وإيران والعراق، والذي سعت له من خلال نشر ثقافة الإرهاب عن طريق جامعاتها ووسائلها الإعلامية ، ومنها منظومة الإنترنت ، وخرّجت الاختصاصيين والأكاديميين بهذا الاتجاه .
إنَّ عشق الموت الذي غذته أمريكا في هذه المنطقة أو تلك ضد الشيوعية في العالم تحوّلَ إلى عشق للموت بالاتجاه المعاكس!!.. ولم تكتفِ الإدارة الأمريكية بنشر الكُرْهَ والتحفظ من الآخر المختلف ، بل أسكرت الشعوب بخمرة الأحلام الوردية ، من خلال المسعى التاريخي للمعلمة الإنجليزية الأمّ ، الهادف إلى (( لوْرَنَسَة العَرَبْ)) ..مدَّعية حماية أوطانهم من شرور الحاكمين الغرباء ، كالعثمانيين والإيطاليين والفرنسيين والبرتغاليين والفرس المجوس !!! .. إلخ ، بالانقلابات العسكرية والإصطراعات السياسية المباشرة وغير المباشرة ، بآلية القضاء على الآخر المختلف، توطيداً للذات المختلفة وجوداً وفاعلية . فراحت تدعم وترعى وتربي وتحتضن قيادات معينة ضد جيران أوطان هذه القيادات ، كي تعمّقَ الكُرْهَ لكلِّ آخرٍ مختلف ، بإجادة تامة لا تبقي ولا تذر !!!..
ففي آذار /1991تسببت الإدارة الأمريكية (إبّان َ حرب الخليج والاعتداء على الجارة الكويت) تسببت في إجهاض و سحق مشروع الانتفاضة الشعبانية في العراق ضد نظام حكم صدّام حسين، بمقابرَ جماعية ، مثلما خنقتْ الأنفاس الكردية البريئة ..طفلاً وامرأة وشيخاً في محرقة حلبجة .. مثلما أنهت الحراك السياسي اليوغسلافي في البوسنة والهرسك، بشكلٍ مباشر ٍ أم غير مباشر، بأدوات تنفيذية أسستها لتقمع الآخر المختلف، ثم قمعتها لتتألق على ركام المنقمعين هناك، فاغتـُصِبت نساء وهُجِّرَ أطفال!!! هي ذاتها التي رعت إسرائيل َ، سكين مذابح قانا ودير ياسين..هي ذاتها التي ألقت نابالم الدمار على فيتنام..  هي ذاتها  التي ألقت القنبلة الذرية على هوريشيما وناكازاكي في اليابان ..هي ذاتها التي أمدت إسرائيلَ بالسلاح لأجل تجريد حزب الله وضرب المقاومة اللبنانية.. وهي ذاتها التي تتوافد إلى الهند لإبرام المواثيق والاتفاقيات النووية، بينما تعد العدة لتدمير كامل المشروع النووي الكوري الشمالي ، وتدمير كامل المشروع النووي الإيراني، إذ يتطلع فيه العالم للبحث عن مصادر بديلة للطاقة ، إذا ما نضبَ النفط ُ وانحسر !!.. وهي ذاتها التي سمحت لإسرائيل بأنْ تمتلكَ التكنولوجيا النووية (الحربية) ، ولا تسمح للآخر المختلف أن يمتلكها للأغراض (السلمية) !!؟
لماذا الكيل بمكيالين ؟!! .. لماذا تحرِّمُ ما هو حلال ، وتحللُ ما هو حرام .. كما يروق لها ؟!!   لماذا أعطت الضوء الأخضر لصدّام في حربه على إيران ، ولماذا أطفأته خلال حربه على الكويت ، لماذا ساندت طالبان في حربهم على الشيوعية ، ولماذا ضربتهم في دعمهم لتنظيم القاعدة .. لماذا .. ولماذا ؟!!
 وإنّي لأتوقع ـ حيّاً أم ميتاً ـ بأنَّ أمريكا ستتخلى عن إسرائيلَ في يوم ٍ من الأيام ، إذا ما تقاطعت مصالحها مع المشروع الصهيوني في المنطقة ! …            تماماً ؛ مثلما تغيّرت المعادلة المعكوسة : التركية ـ الإسرائيلية هذه الأيام !!!..
إنَّ أخطر سياسة انتهجتها الإدارة الأمريكية في العالم هي سياسة تشويه الآخر المختلف..حزب.. طائفة..عِرق .. أمّة .. دولة .. إنسان .. أي آخر مختلف ..! فهي التي تشجِّعُ اليومَ على تشويه الصورة التي قالت عنها جميلة بالأمس ، وهي التي ستشوّهها غدا !!
إنَّها سياسة متناسقة مع السيكولوجية الغربية عامة ً ! .. وإلاّ ؛ فلماذا احتضنت فرنسا العديد من المؤسسات الدينية ثم تحولت إلى محاربتها ، لدرجة وصلت إلى منع لبس الحجاب الديني ، أو ممارسة ما هو ظاهر من الممارسات الدينية ، وهيّأت الثقافة التي امتدت اليوم إلى (الأمّة التونسية) ـ كما يسميها بورقيبه ـ حين أعلن الرئيس المخلوع الهارب زين العابدين بن علي رسمياً أمر عدم ارتداء الحجاب الإسلامي !!..
إنَّ خطر الثقافة الموجهة لمحاربة الآخر المختلف خطرٌ يمتدُّ إلى دول الولاءات بالأدوات الأمريكية المتنفذة والمنفـِّذة التي أَصْطـَلِحُ عليها بـ(الـلورنسات العربية). وإنَّ أمل الإدارات الغربية والأمريكية تحديداً هو التأسيس لتنصيب اللورنسات العربية وغير العربية ، ومن ثم تشويه الروح الوطنية والعقائد والقوميات في الأوطان . ولا نغفل الدور الخطير الذي لعبه غرباتشوف بواسطة البيروسترويكا السوفيتية في تقسيم الدولة الشيوعية الاشتراكية العتيدة . وما لعبه صدّام حسين في العراق.. وهو القائل : ـ  (إننا نستطيع بغمزة عين واحدة أن نجلب الأساطيل المنتشرة في البحار والمحيطات) …
 ولعله ؛ تسبب في تنضيج الوضع إلى ما آلت إليه الأسباب بالنتائج !!..
إنَّ خيبة أمل المواطن بحكومته أدى إلى زعزعة روح المواطنة ، واهتزازها فيه، وأضعفت ولاءه وانتماءه بالتأثير والتأثر، من خلال نشر ثقافة الرعب والخوف من المجهول المنتظر.. من الفرد إلى المجموع إلى الفرد !..
لأنَّ أمريكا تؤسس ثقافاتها وسياساتها باتجاه المنفعة البركماتية لمنهجها الرأسمالي، الذي تؤمن به ، وتتأسس عليه ، بطريقة ميكافيلية مقيتة ، بأبشع أساليبها وخططها. وما حربها الأخيرة على الإرهاب ، والأنظمة الدكتاتورية في هذه المنطقة أو تلك، إلاّ على هذا الأساس !..
العالم السلمي بنظر أمريكا ، هو العالم الخاضع لإرادتها وسياستها وتوجهها..وفقاً لأهدافها المرسومة في العالم مطلع القرن الحادي والعشرين ، والدكتاتوريون من وجهة نظر الإدارة الأمريكية ، ربمّا ؛ هم الديمقراطيون من وجهة نظر الآخر المختلف ( مع تحفظي الشخصي !!) بمعنى ؛ الدكتاتوريون الذين شخّصتهم شعوبهم ، ربّما هم غير أولئك الدكتاتوريون الذين شخّصتهم الإرادة الأمريكية … والعكس صحيح !!..
تحاول الإدارة الأمريكية أن تؤسس لقمع ثقافة الإرهاب .. كما جاء في مقالات رامسفلد وخطب ومحاضرات رايز،والخطاب السياسي للساسة والقادة الأمريكيين.. وعلى رأسهم الرئيس بوش ..     وذلك ؛ بعدما أخذت منحى آخر من توجهها الذي شجّعت عليه سابقاً . الشعب العراقي لم ينسَ خطاب بوش الأب ، الذي أعلن به صراحة ً خلال الانتفاضة الشعبانية عام 1991، قولته المعروفة :ـ ( إنَّ صدّام حُسين الضعيف خير لنا من نظام على غرار النظام الإيراني !!).. بعدما لم تحرز الولاءات المباشرة للشارع السياسي العراقي .  لذا ؛ سعت إلى تغيير الخارطة السياسة للمعارضة العراقية ، بشكل تحوّلَ من مقاومة كردية شيعية لنظام صدّام حسين ، إلى مقاومات عديدة ، فجُعِلَ الشارعُ السياسيُّ العراقي أشبه ما يكون اليوم بعلبة كبريت!!!       
 ولم ينسَ العالم الإسلامي ما تردد في خطب وآراء الساسة الغربيين: ـ ((لو قـُدِّرَ للبوسنة والهرسك أنْ تكون جمهورية إسلامية ، لكانت أقصر جمهورية عمراً في التاريخ))!!!
  إنَّ طموحات الإدارة والإرادة الأمريكية في العالم هي أن تؤسس لتنصيب (لورنسات عربية أو غربية) كأدوات تنفيذية لمخططاتها السياسية الاقتصادية العسكرية في العالم، كما تسعى إلى تشويه كامل الآخر المختلف ، بعد استنفاد الأغراض .. مهما يكن الآخر المختلف !.. وذلك من خلال السيطرة على طريقة تفكير الشعوب المغايرة لتفكيرها البركماتي ، سيّما وأنَّ المذهب الرأسمالي ليس غنياً بنظرية شاملة للكون والحياة .. فهو مذهبٌ اقتصاديٌّ نفعيٌّ لا يولي للآيديولوجية بالغ الاهتمام الفلسفي، مقارنة بالمذهبين (الماركسي ـ الشيوعي ـ الاشتراكي) و (الإسلام) . 
  إنَّ إعادة سريعة لمتابعة المسلسل العربي اليومي الذي عُرِضَ في رمضان عام 2006 ـ حصرياً ـ  على قناة أبو ظبي الفضائية ((دعاة على أبواب جهنم)) .. تزامناً مع العدوان الإسرائيلي في تموز من العام نفسه على المقاومة الإسلامية بجنوب لبنان ، وما تمارسه المملكة العربية السعودية من ممارسات ضد تنظيم القاعدة .. هذه الحكومة العربية التي كانت بالأمس حاضنة كبرى لتنظيم القاعدة في العالم ..   لعلها ؛ تداعيات تعطيك أجوبة على ما فيك من تساؤلات !..
وهكذا يعلن المسؤولون الأمريكيون ضرورة الحرب في مطلع القرن الحادي والعشرين على الأفكار   (( WAR OF IDEAS )) حرباً على الآيديولوجيات، وذلك بواسطة أدواتهم التنفيذية الحاكمة في هذه المنطقة من العالم أو تلك . 
لقد رسمتْ الإدارة الأمريكية خارطة السياسة الإدارية العراقية لبريمر بعد أحداث 9/نيسان2003، عندما كلفته بمهمته المعروفة كحاكم مدني على العراق، لكي يؤسس دولة عراقية جديدة ، بإدارة جديدةٍ ، فأسس إدارات ٍ متناقضة، بأسلوب ٍلا يوائم تطلعات وآمال قادة العملية السياسية الجديدة في العراق وطموحاتها المرجوّة ونضالاتها الطويلة وتضحياتها الكبيرة. وإنَّ أخطأ ما قام به بريمر، استدعاؤه للقيادات الإدارية من الحكومة السابقة، لترشّح بدلاً عنها من تراه مناسباً لتولي المسؤوليات الإدارية في تلك الدولة (البريمرية) التي سبقت الانتخابات الديمقراطية المشوبة بالحذر الشديد، فكانت النتيجة عبء ثقيل على الحكومة المنتخبة من قبل الشعب، تعاني هيئة النزاهة من جرّائها الويل والثبور، وإنْ لم تعان ِ من تعشعشها اليوم ..هنا وهناك..حتى اللحظة،فإنها ستعاني منها غدا!  لابد لنا إذن ! .. أنْ ننتبهَ إلى تلك المَظـَلـَّةِ الأمريكيةِ المُضِلـَّة.. لابد لنا أنْ نلتفتَ إلى مخلفات السياسة الإدارية التي توارثتها الدولة العراقية عن بريمر، والنهوض بأسلوب يحفظ التركيبة الإدارية وخصوصيتها للإناطة بالمهام والمسؤوليات التنفيذية في الحكومة القادمة أو الحالية ، ومعالجة السلبيات التي حاول بريمر بها أنْ يستقطبَ كوادرَ إدارية ً تسيرُ بسياسته الخاطئة في إدارة الدولة العراقية، مستفيداً من قدرة (بعض) العراقيين الانتهازيين على التلبس بلبوس التلون السريع ،والإدعاءات الكاذبة بمظلوميتهم من جور النظام الصدّامي السابق، بسجن سرقوا فكانوا فيه ،أو قتلوا فكانوا فيه،أو زوّروا فكانوا فيه . وتؤكد لجان التحقق لإعادة المفصولين السياسيين في وزارات الدولة العراقية الحالية وقوائم المساءلة والعدالة صحة ما ذكرت !!!.. بينما تـُهضَم حقوق لمواطنين ظـُلِموا حقاً ، وكانوا هم و عوائلهم هدفاً دائماً للمقرات الحزبية وتقارير الرفاق وزوّار الليل البهيم !!!.. ناهيك عن الكم الهائل من الشهادات الدراسية المزوّرة، بحيث ظهر السيد وزير الشباب والرياضة ـ رئيس مؤسسة السجناء السياسيين وكالة ً ليطلب أمام الملأ .. أمام الإعلام ، طالباً من دولة رئيس الوزراء الأستاذ نوري كامل المالكي ، يرجوه أن يعفو عن الموظفين من السجناء السياسيين  المتهمين بدعاوى جزائية بسبب تزوير شهادات دراسية .                                          إضافة إلى تسلل ضباط عسكريون من النظام السابق إلى أجهزة دولة بريمر، فتداخلوا فيها وتولوا مناصبَ مهمة،استمرت حتى الدولة العراقية الحالية ، ولعلَّ منهم من كان بالأمس أداة لقمع العراقيين المظلومين…ربّما؛ قطعوا آذان الجنود العراقيين،أو أعدموهم في المواقع الخلفية لجبهات القتال ؟!!
     أتمنى على الحكومة العراقية أن تعيد كافة الضباط العراقيين الذين انحشروا في الوزارات العراقية إلى وزارة الدفاع..كلا ًحسب دفعته،أو استناداً إلى ما يثبت تطوعه .. من خلال الخدمة السابقة التي تثبتها أولياته المضافة على خدمته المدنية الحالية عن الخدمة العسكرية السابقة ، لكي يكونوا تحت الضوء !!! .. فأما هم أبرياء ؛ فليعودوا إلى المؤسسة العسكرية بمهنيتهم وخبراتهم ، تعزيزاً للمتطوعين الجدد الذين يفتقرون إلى المهنية والخبرة . وإما هم من الضباط الملطخة أيديهم بدماء الأبرياء،في قمع الانتفاضة الشعبانية أو مجزرة حلبجة ، فما جدوى وجودهم وتغلغلهم وتنفذهم في وزارت الدولة العراقية دون عقاب؟!!  ثم ؛ ما علاقة (العسكريون) بعمل (المدنيون) مع وجود وزارة الدفاع ؟!!                                                                                                    لعن الله بريمر الذي حلَّ الجيش العراقي ، فشابك خيط َ الحمامة مع خيط الغراب !!!
ومثلما أستشهدُ بالشعر الشديد ليزيد، يحضرني حديث لصدّام مع الضباط الطيّارين العراقيين وهو يشحذ هممهم لقصف العمق الإيراني في حرب الثمانينات بقوله : ـ (من العيب على من ناهز الخمسين من عمره أن يخاف الموت !).. أراني أتكلم !
ومثلما (يقول الدكتور إبراهيم الجعفري : إنَّ رحمُ العراق ِليس عقيما ً) .. أراني أتكلم ! .. وأقول : ـ  هل لا يلدُ العراقُ إلا ّهم وليدا ؟!  
وأخيراً وليس آخراً ؛ نعم للتسامح العراقي ؛ كلاّ وألف كلاّ لإمرة الجلاّد على الضحية مرّتين !!!
ـــــــــــــــ
أتمنى على السيد القائد مقتدى الصَّدْر أنْ يقرأ مقالي هذا ، وهو القائل أنا أتابع الكتابات !   أتمنى على دولة رئيس الوزراء الأخ أبو إسّراء أنْ يقرأ مقالي هذا ! علينا (نحن العراقيين) ! .. أحزاباً ومنظماتِ مجتمع مدني ومهنيين وجمعياتٍ ومواطنينَ ،   أنْ نسعى إلى توجيه هذا التدافع في حراكنا السياسي نحو مصلحة الوطن الحر والشعب السعيد والحكومة الصالحة والعدل والمساواة والرفاهية بين أبناء الشعب العراقي كافة.. مهما تكن الغايات !..  لأنَّ مصلحة الشعب العراقي والأمن القومي الوطني أسمى ما تصبو إليه الوطنية الشريفة ،  وهذا ما لن تعاتبنا عليه الأجيال في مستقبل العراق .                
مصادر البحث عديدة)     

أحدث المقالات