ايران .. حق الفيتو على القرارات العراقية المصيرية

ايران .. حق الفيتو على القرارات العراقية المصيرية

انسحب الأميركيون من بغداد، سياسيًا وعسكريًا، فخلفوا وراءهم فراغًا كبيرًا، سارعت إيران إلى ملئه ‏بالرجال المناسبين، فكان لها حق النقض (الفيتو) السياسي على الساحة العراقية.‏

بعد عشر سنوات على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام ‏حسين، يبدو أن الفائز الوحيد في الحرب هو العدو المشترك بين الدولتين، إيران.‏
فالقوات الأميركية انسحبت من العراق، فيما يقول مسؤولون عراقيون إن نفوذ واشنطن السياسي في ‏بغداد معدوم تقريبًا. أما ايران، فتحوّلت عاملًا لا غنى عنه بين النخبة الشيعية في بغداد الجديدة، ‏ونفوذها في ازدياد مستمر.‏

لاعب رئيس
دور إيران في العراق يعزز موقعها الاستراتيجي، في الوقت الذي تزداد فيه المعاداة العالمية لطهران، ‏التي تواجه عقوبات دولية قاسية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، ومخاوف فقدان حليفتها سوريا ‏في الثورة، التي تدعمها الحكومات الإقليمية السنية.
ويعبّر ديبلوماسيون غربيون وعراقيون عن قلقهم من أن تستخدم الجمهورية الإسلامية وكلاءها في ‏العراق لضرب الأعداء، كما فعلت مع حزب الله في لبنان. ويقول مسؤولون أميركيون إن طهران لا ‏تزال اللاعب الحيوي في العراق، وتعمل على نزع فتيل التوتر بين المالكي وخصومه.
خلال زيارة لبغداد يوم الأحد، فشل وزير الخارجية الأميركي جون كيري في إقناع رئيس الوزراء ‏نوري المالكي بمنع الرحلات الجوية الإيرانية من عبور المجال الجوي العراقي إلى سوريا، بحجة أنها ‏تحمل شحنات أسلحة للنظام السوري. فالمالكي قال إن لا وجود لدليل حسي على أن طهران ترسل أي ‏شيء لسوريا باستثناء المساعدات الإنسانية.‏
ويقول عدد من المسؤولين العراقيين إن واشنطن واصلت سياسة فك ارتباط شبه كامل، فيما حصرت ‏القرارات السياسة إلى حد كبير في السفارة في بغداد. ويشكو بعض زعماء القبائل من أن الأميركيين لم ‏يتصلوا بهم منذ أن غادرت القوات الأميركية البلاد في أواخر العام 2011.‏

حق نقض إيراني
تدهور الجو السياسي في العراق في السنة الماضية، إذ أمر المالكي باعتقال وزير ماليته السابق، بينما ‏اشتعلت النزاعات في الشمال بين الحكومة المركزية وقادة المنطقة الكردية شبه المستقلة.‏
وقال نائب رئيس الوزراء صالح المطلك إن الأمريكيين ليس لهم أي دور في العراق، ولا أحد يستمع ‏إليهم، لأنهم فقدوا قوتهم في هذا البلد، تعليقًا على اختفاء الدور الأميركي كوسيط لمعظم النزاعات في ‏العراق.‏
أما كريم سجادبور، الخبير في الشؤون الإيرانية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، فأوضح لصحيفة ‏لوس أنجلوس تايمز: أنه “في الوقت الراهن، لدى إيران ما يشبه حق النقض في العراق، فالمالكي ‏يحرص على عدم اتخاذ القرارات التي قد تنفر طهران”.‏
وأشار سياسي شيعي عراقي، رفض الكشف عن هويته، نظرًا إلى حساسية الموضوع، إلى أن الأهداف ‏الإيرانية تتلخص في الحفاظ على عدم الاستقرار في العراق للسيطرة على البلاد، والحفاظ على ‏الحكومة الإسلامية الشيعية التي تتفق مع مصالح إيران الإقليمية، والأهم في ما يتعلق بسوريا.‏

رجل طهران
كانت إيران أيّدت بقوة الجماعات شبه العسكرية والسياسية في العراق، كمنظمة بدر وحزب الله ‏العراقي وعصائب الحق، وشجّعتهم على دعم المالكي.‏
وتم تمويل وتدريب منظمة بدر من قبل الحرس الثوري الإيراني في الثمانينات، من أجل الوقوف في ‏وجه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. كما إن حزب الله العراقي وعصائب الحق معجبة علنًا ‏بخامنئي، وتطمح في التحول إلى حركات سياسية واجتماعية.‏
أبو مهدي المهندس هو أحد اللاعبين الرئيسيين في العراق. وهو عراقي، له تاريخ طويل من النشاط ‏المناهض للولايات المتحدة، ويتمتع بعلاقات وثيقة مع الإيرانيين. وأبو مهدي، أو جمال جعفر محمد ‏البصري، واحد من 17 متهمًا بالتفجيرات، التي حدثت في الكويت، حكم عليهم بالسجن المؤبد، لكنه ‏استطاع الفرار من سجنه مع رفاقه عند غزو صدام للكويت، وانتقل إلى ايران، حيث حصل على ‏الرعاية الكاملة، وانضم إلى منظمة بدر، ويرأس الآن مكتبها السياسي في بغداد.‏
والمهندس هو مبعوث إيران إلى العراق، كما قال مسؤول عراقي رفيع، أصرّ على عدم ذكر اسمه. ‏وأضاف: “عندما يكون في اجتماع، يعرف الناس أنه يتحدث باسم فيلق القدس الذي يقوده قاسم ‏سليماني”.‏

زعيم العصائب
الرجل الآخر الذي ينفذ المصالح الإيرانية في العراق هو هادي العامري، وهو من قدامى المعارضين ‏المسلحين الذي دعمتهم ايرا سابقا، الذي عيّنه المالكي في منصب وزير النقل. وفي النزاع حول ‏الرحلات الجوية الإيرانية إلى سوريا عبر الأجواء العراقية، تجاهل العامري والمالكي طلبات الولايات ‏المتحدة بتفتيش الطائرات الإيرانية.‏
أما عصائب الحق، فقد اتهمت في مقتل خمسة جنود أميركيين في العام 2007، وفي اختطاف خمسة ‏بريطانيين وقتل أربعة منهم. كما تلام أيضًا على بعض من أسوأ الهجمات ضد السنة خلال الحرب ‏الطائفية في العراق.‏
وقد تمكن الأميركيون من سجن زعيم العصائب، قيس الخزعلي، لكن المالكي نقله إلى العراق، وضمه ‏إلى العملية السياسية بديلًا من التحركات الشيعية الأصولية.‏
ومنذ الإفراج عنه، برز الخزعلي كقوة سياسية شيعية أصولية، وقام بتنظيم مكاتب له في كل أنحاء ‏البلاد، لتجنيد الأفراد البارزين والمجتمعات المحلية لمصلحة إيران. ‏

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة