18 نوفمبر، 2024 2:32 ص
Search
Close this search box.

مام جلال .. لا خبر .. لا جفّيّة .. لا حامض حلو .. لا شربت ..

مام جلال .. لا خبر .. لا جفّيّة .. لا حامض حلو .. لا شربت ..

“وين جنت” ! .. أللّاااااااااااه .. ألله .. ما أشوق العراقيّون وخاصّةً “المغتربون” منهم وحتّى المتزوّجون إلى هذه “النغمة” العائليّة الصميمة والشائعة بين العوائل العراقيّة ..  نشتاق إلى سماعها حتّى من الأصدقاء عندما يساورهم القلق على صديق أيّ منهم .. اعتدنا سماعها من لدن أفراد عائلة كلّ منّا وخصوصاً من لدن الأمّ أو الأب أو الأخ الكبير أو الصغير أو الجدّة أو الجدّ حرصاً علينا وخوفاً وعلى الأخصّ عندما ونحن نخوض مراحل الصبا وبداية الشباب نخوض تجارب الابتعاد عن محيط البيت بالاعتماد على النفس مسافات لم نعتدها باعتبارها أولى المغامرات , عندما كان الأهل يستفسرون بهاتين الكلمتين “واللّتين اكتشفنا فيما بعد أنّهما ساحرتين” وأدركنا ذلك ليطمئنّوا بهما على أيّ فرد “طال انتظارهم له” .. نتذكّرها في زمن العوز والحرمان للدفء العائلي لأسباب معروفة ضربت المكوّن الأسري ومنها عمود الترابط من هاتين الكلمتين الّلتين تلتف حولهما وشائج سلامة الأسرة ..

عجيبة كلمتي الاطمئنان تلكما لهما هذا التأثير نتحسّر سماعهما عندما يذكّرنا بها مقطع درامي سوري أو عراقي ..  وعجيب أيضاً شعب المعجزات هذا .. فعلاً عجيب .. بحيث يستطيع الفرد منه اليوم وبعد تجاربه مع الانقطاع المستمر لرئيس جمهوريّته عن البلاد وأحوال العباد , أن يستطيع السير على قدميه في الشوارع ويتجوّل في المدن “وبكلّ جرأة” من دون وجود وصاية عليه أو توجيه من ولي أمر أو وصاية وهداية رئيس وزراء حتّى , حتّى وإن كان رئيس وزراء  مدمن على الكذب والنفاق ومداهنة المحتل مثل “الحسين” ع بالضبط ! , ففضل العراقيّون أن يسيّروا أمورهم بأنفسهم طيلة عشر أو ثماني سنين بعد أن حجز رئيس حكومتهم مقعد الرئاسة مدى الحياة ؛ ومن دون وصاية منه أو توجيه اعتاد على ذلك هذا العراقيّ المبتلى بهؤلاء بعد أن لم يسأل عنه مسؤول منهم لتلبية احتياجاته , لا من رئيس وزرائه ولا من عضو في برلمانه ماعدى أيّام الانتخابات حين تكثر الوعود في الربيع , أيقن المواطن عبر كلّ تلك السنين الّتي خلت أنّهما غريبين عن الأسرة العراقيّة لا يسايران الهاجس العراقي ولا يعرفان طبعه ونوعيّة استفساراته : “وين جنت” وين صرت شنو أحوالك شتاكل اشتشرب وين فلوسك جوعان عريان صحتك شلونهه أخاف مريض أخاف مستشفى بعيد عنكم أدوية لقاحات “عليك ألله كول” جهالك شلونهم مدارسكم شلونهه خوما واحد صاعد فوك اللاخ مثل “مشعل” الدوندرمة ..  طبعاً لا يسألون .. فقد أنستهم سنوات التسكّع في الغربة هذه الاستفسارات العائليّة الّتي اعتادت الأسر العراقيّة الالتفاف حولها .. فالسيّد رئيس الوزراء اعتاد الغربة 40 عاماً ونسي تقاليد العائلة العراقيّة فلم يعد يعرف أحداً من العراقيين سوى المرجعيّات وزوايا بيع السبح والمحابس فعوّض ذلك بصحّة وسلامة مقعده الرئاسي وكيفيّة الحفاظ عليه لغاية مماته .. والآخر “عضو البرلمان” اغترب  بجنسيّة غير جنسيّة بلاده تعوّد التسكّع بها ببلاد الغرب اكتسب منهم عادة “صيد الفرص الثمينة” واستعمار اللحظة والضحك على البسطاء والمساكين وسرقة ثرواتهم واعتماد “الدين” بمثابة “صركال” يجمع له “المحصول” ..

أو لا أعلم .. ولكي لا نظلم رئيس جمهوريّتنا لصاحبها حزب الدعوة الاسلامي .. وهو حائر الآن بين جبريل وبين عزرائيل ,. إذ قد يكون الكورد لهم “فولكلورهم” في اختيار شكل نظام دولتهم المفترض أنّهم سيقيمونها .. ليش لا .. أو الدولة الّتي كانوا يدّعون قبل ملايين السنين أنّها كانت موجودة كأوّل دولة بشريّة في التاريخ قبل أن تدمّرها فتوحات الاحتلال العربي للعراق , فقط يكون الشعب فيها , في الدولة الكورديّة المقترحة , بعكس الأعراف العالميّة وقوانين الطبيعة الخلقيّة البيئيّة الّتي ظهرت بعد اندثار معالم الدولة الكورديّة الّتي كانت قائمة في العصر الطباشيري وقبل ظهور العصر الحجريّ , كان حينها هو الشعب نفسه من يحكم رئيس الجمهوريّة وليس رئيس الجمهوريّة من يحكمه .. وعلى أساس ذلك كان الأولى بنا نحن العراقيّين وريثوا نظام تلك الدولة الطباشيريّة بعد أن ترّأس دولتنا ووزارة خارجيّته “كوردي” أصبحنا نحن أيضاً من يحكم رئيسه لا العكس ! .. لذلك .. ولغيره فالمهم عندنا , وهو ما يقلقنا في نفس الوقت , أنّنا بتنا ولأوّل مرّة في تاريخ بلاد الرافدين الموغل في القدم جذوره تقف عند حدود العصر الكوردي “الطباشيري” أصبحنا لا نعلم شيئاً عن رئيسنا منذ أمد طويل .. السيّد رئيس الوزراء نعرفه جيّداً وإن هو لا يعرفنا ولكنه “يلاطفنا” كلّما تأزّم انشغاله بهموم البقاء على كرسيّ الحكم .. علاوةً على أنّنا كمواطنين عراقيّين قد اشتقنا للسيّد مام جلال وقلقون عليه ونسأل أين حلّ به الدهر .. هل “عصي” مثلاً في أحد جبال ألمانيا ؟ .. ألله أعلم ..

المواطن العراقي أصبح كقطيع الشياة يعرف طريقه بدون راع أو موجّه خبر ذلك وتعلّمه من وجود الاحتلال على أرضه علاوةً على وجود الموانع الدخيلة على حياته مثل الحواجز الجغرافيّة والقانونيّة والكونكريتيّة المتراكمة منذ عشرة سنين بين الحاكم والمحكوم علاوةً على غياب رئيسه ورئيس وزراءه فضاع بين هذا وذاك بين جغرافية المنطقة الخضراء وبين جغرافية العراق الواسعة وبين قوانين هذه المنطقة الّتي لا تتخطّى آخر حاجز يحميها وبين قوانين الغاب الّتي تحكم العراقيين .. وبين كلّ ذاك وهذا هنالك حكاية مماثلة بهذا الصدد نحكيها , “حول قانون عراقي صدر نهاية سبعينيّات القرن الماضي ؛ يوصي بمنع العلف “الجَت” من انتقاله من مدينة إلى أخرى حفاظاً على توازن الأعلاف الزراعيّة بين مدن العراق بعد أنّ شحّت في مناطق دون أخرى , ممّا اضطرّ بعضهم إلى نقل “الخراف” بطريقة “التهريب” بين المناطق لغرض علفها .. فصادف أنّ مواطناً كورديّاً حمل خروفه بباص نقل متوجّها به إلى منطقة أخرى لغرض علفه وكتم الأمر خوفاً من مصادرة الخروف عند تعرّضه للمسائلة .. وعند نقطة تفتيش سُئل : لماذا جلبت الخروف إلى غير منطقتك كاكه .. قردّ عليه باللهجة الـ”عرديّة” ـ “هوّه متأوّد ألَيَّه ما يكدر يفاركني وآني رايِهْ إلشغلة ويرجأ بأدين وأرجئه وَيّايَه .. فسأله ثانيةً .. وأين “الجتّ” الّذي معه من أين سيأكل خروفك .. فردّ عليه كاكه حمه ـ كاكه .. هازه خروف ماعنده جت  هازه آني ينتي مسروف وهوّه يشتري”  ..

غورباتشوف عندما انقطعت أخباره عن موسكو في عزّ أزمة البرسترويكا والاتّحاد السوفييتي شارف على الانهيار بفضل غورباتشوف هذا وبينما أميركا تعدّ العدّة لاستبدال هذا “الرجل المريض” بـ “العدوّ الأخضر” هؤلاء النماذج المدّعية الإسلام الملتحية الّتي نراها اليوم تمتلئ بهم الفضائيّات ؛ وتحدّ سكّينها للمباشرة بتقطيع جثّة السوفييت كادت في تلك اللحظات الكونيّة تعود تلك الامبراطوريّة المترامية الأطراف باختفاء رئيسها إلى سابق عهدها وانتعشت آمال الدول المهضومة والضعيفة بعد أن أصابها اليأس والخوف من تفكّك تلك الامبراطوريّة ؛ لولا ظهور غورباتشوف ثانية بشكل مفاجئ وتحطّ به الطائرة في مطار موسكو  لتتواصل مسيرة البرسترويكا في تمزيق التحالف السوفييتي ذاك .. وتخيب الآمال ..

الصومال ارتفعت فيها أسعار “الحطب” ما أن اختفى رئيسه “محمّد عيديد” بضعة أيّام وبلغ سعر برميل الحطب في أسواق وول ستريت أسعاراً خياليّة ليرتفع بعدها سعر برميل الحطب أكثر إلى أسعار فوق الخياليّة ما أن لمح أحد الصوماليّين رئيسه يستقلّ “عربانة نفط” متنكّراً يطوف بها بأحد أحياء مقاديشو الغنيّة والّتي يستخدم سكّانها المترفون النفط بدل “الحطب المعتّق” المتعرّض لأشعّة الشمس لعشرة أعوام فما فوق  ..

في دول العالم عندما يغيب رئيس الجمهوريّة لأسباب صحّيّة أو وفاة “لا سامح الله” ترتفع فيها الأسعار ويتوه الشعب وتتوقّف الأعمال وتُشلّ الحياة , إلاّ في بلد المعجزات عراق اليوم العجيب الغريب هذا ..  فالأسعار كما هي , ويمكن هبطت أكثر بغياب الرئيس .. ويبدو أنّها ستهبط أكثر وتتحسّن بغيابه أكثر ..  فالعراقي في عراق اليوم بغياب رئيسه هو هو يستطيع التنفّس والحركة والكلام والمشي والتمطّي والضحك وممارسة الرياضة وممارسة الانتخابات والفرح والتأخّر عن العودة لبيته إلى ساعات متأخّرة دون خوف من اختطاف أو من اغتيال أو اصطياد عند نقطة تفتيش بل ومن الممكن سيتحسّن وضع العراق أكثر بغياب جميع أصحاب الألقاب من سعادة فما دون كلّ ذلك جاء نتيجة الخبرات الّتي اكتسبها الفرد العراقي من غياب “رئيسه” طالباني ومن الغياب الدائم لأسباب الحج والعمرة وقيام الليل لأعضاء البرلمان ومتابعة أخبار “مسّي” وزيارته باستمرار للاطمئنان عليه .. ومن المعلومات الّتي زادت من معارف الفرد العراقي وكانت غائبة عنه هي أنّ ممارسة السياسة والإدمان عليها لا تختلف إطلاقاً عن ممارسة الميسر أو القمار أو الروليت أو الرايسز .. ممّا يثير شكوك الفرد العراقي أنّ مرض رئيسه ناتج من سبب إفراطه في ممارسته السياسة تحوّلت تلك الممارسة المفرطة بمرور الزمن إلى “حرق للأعصاب” لديه بعد تراكم لحظات الترقّب المنهكة مع كلّ تجربة سياسيّة مفرطة كان يمارسها سيادة مام جلال وتفشل سوى أنّها تنجح في جلب المصائب على العراقيين .. 

وبغضّ النظر عن كلّ ذلك يا سيادة الرئيس مام جلال .. وبغضّ النظر عن كلّ ما أسأته للعراقيّين وللعراق وما فعلته بالأسر العراقيّة  أنت ورئيس وزرائك اللزكة وزملائك وكلّ الّذين ساهموا في تدمير العراق وقتل مليونيّ عراقي وتيتيم وتهجير وترميل الملايين منه بسبب سياساتكم المفرطة الّتي أودت بعراقيّتكم إلى أن تكون السبب الرئيسي وراء جلب الاحتلال الكارثيّ المدمّر والسبب الرئيسي وراء كلّ حملات الاعتقالات الّتي خطفت من بين الأسر العراقيّة أعزّ ما يملكون وهم ( الأبناء ) وخطفت من على ألسنت أولياء أمورهم أحلى ما يطمئنّون به على أبنائهم .. “وين جنت” ..

وبعد كلّ الّذي حصل يا سيّد طالباني نقول لك وبعراقيّة عائليّة صميمة وبغضّ النظر على ما ساهمت به في تدمير البلد وساهمت في تغلغل إيران في مفاصل العراق .. نقول لك .. سلامات مام جلال  “وين جنت” .. شنو هالغيبة .. طوّلت .. خوماكو شي ..

أحدث المقالات