ليس صحيحاً ما قيل ويقال على لسان سياسيين واعلاميين عن ثمرات طيبة للعراقيين تحملها زيارة السيد مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني والحاكم الفعلي لأقليم كردستان الى بغداد… او انها شكلت منعطفاً, وفتحت صفحة جديدة في العلاقة بين حكومة المركز والاقليم, الا ربما في اذهان أصحاب المصلحة منها… ففي حقيقة الامر, ما من جديد فيها.
ربما الشيء الجديد الوحيد فيها هو مجيئ السيد البارزاني الى العاصمة بزي معاصر بدل الشروال الكردي التقليدي.
وما استقبال صنوا المحاصصة وضلعاها السيد محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب والسيد هادي العامري قائد تحالف الفتح بما يمثلاه من توجهات سياسية طائفية للبارزاني, الضلع الثالث للمحاصصة المرفوضة شعبياً, في المطار, هذا الاستقبال الحفي بوجوه مبالغ في بشاشتها, الا ليشير الى امر بالغ الخطورة على وشك الحدوث, لن يكون في صالح عموم العراقيين !
فهذه الزيارة المفاجئة جاءت لبروز حاجة ملحة لأنقاذ جبهة قوى المحاصصة وترميم بيوتها الثلاث, الشيعية والسنية والكردية التي تعرضت للتصدع خلال الفترة الماضية واعادة تشكيلها بأضلاعها الثلاث واخراجها من مأزقها, بعد ان استعصى عليها تمرير ما كانت ترغب في تمريره بالبساطة التي كانت تفعلها في الدورات السابقة دون دعم السيد البارزاني ونواب حزبه في مجلس النواب, بعد دخول قوى مدنية اصلاحية مثل تحالف سائرون وغيره في البرلمان, تقف بصلابة ضد المحاصصة ونهجها التخريبي.
فغرض الزيارة الحقيقي هو ترجيح كفة ميزان المعادين للاصلاح من المتحاصصين الفاسدين على حساب كفة دعاة الاصلاح ودولة المواطنة والعدالة الاجتماعية, ليس إلا !
فتصريحات السيد البارزاني الأعلامية بعد عودته لأربيل هي هي, ولا يظهر فيها أي اشارات لأعادة حسابات او استقاءه لدروس وعبر, كما زعم بعض المحللين السياسيين, من فشل تجربة استفتاء الانفصال, فهي لم تخرج من دائرة تحميل الحكومة الاتحادية كل التعقيدات والتداعيات التي حدثت في العلاقة فيما بينهما, والمطالبة بأكثر من الاستحقاقات الواقعية للأقليم على حساب باقي العراقيين…
وان كل ما قام به هو فقط أعادة ترتيب اولوياته على ضوء متغيرات الواقع السياسي العراقي لما بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة.
وحتى تصريحه الايجابي عن دعمه للحكومة الاتحادية, لم يكن ترحيباً ببرنامجها الاصلاحي, بل إتخذ طابعاً شخصياً متعلقاً بوجود صديقه القديم السيد عادل عبد المهدي على رأسها, والتي ربما يعوّل السيد البارزاني عليه وعلى طبيعة شخصيته التي يبدو أنها مترددة في نيل امتيازات حصرية.
اذن هي ليست زيارة خير, ينتفع منها المواطنين العراقيين بمن فيهم الكرد بل هي زيارة للالتفاف على جهود الاصلاح واعادة تقسيم المغانم للمتحاصصين.
كما ان ما تسرب لمصادر اعلامية عن وقوف ايران وراء هذه الزيارة للعاصمة, تؤكد المساعي الايرانية في ابقاء اليد الطولى لوكلائها المحليين في السلطة والحكم, بما يوفر لها ورقة لعب رابحة في صراعها ضد التدخلات الامريكية والغربية عموماً, وهذا ما يضيف بعداً خطيراً آخراً للزيارة واهدافها تضر بمصالح الشعب العراقي وسلامة اراضيه وسيادته الوطنية.
المتحاصصون لم ينسوا آدمية الآخرين من مواطنيهم فقط, بل انهم فقدوا آدميتهم في خضم تهالكهم على المغانم ومغريات السلطة.