رأيت ظلك، فاستبشرت خيرا، وتأخر وصولك، فقلت خيرا؟! أجبت نفسي لعل المانع خيرا، لكن وكما يبدوا لم يكن هناك مانع، ولم يكن خيرا.
الظل الذي كنت اراه، لم يكن ظلا لمنقذي، انما كان ظلا لذئاب تريد غفلتي لتنهش لحمي.
مضت الأعوام، وانقضى ربيع العمر، وما زلت انتظر ذاك الخيال البعيد، ان يقترب ويكون في مكانه الطبيعي، لكنني أدركت ان هناك سببا ما يمنعه من القدوم.
ها قد زال السبب، فقد سقطت دولة الوحوش، واخرج رئيسها من حفرته، فشخصت ببصري الى خلف الحدود، لأنظر من القادم لحكم البلد، ويجعلني أعيش حياة كريمة، كباقي الدول.
كثيرة الألقاب التي سمعتها وقت ذاك، عالم ذرة، دكتور، برفسور، من العائلة المالكة، مجاهد وغيرها.
لم أكن أستطيع ان امنع نفسي من التصفيق بحرارة، كلما شاهدت أحدهم يتحدث في القنوات الفضائية، حتى أصبحت اشعر بألم عندما اضرب يدا بالأخرى.
رسمت حول الجميع هالة كبيرة، وجعلت منهم اشخاص مقدسين، لا يعرفون الكذب، وليس للشيطان إليهم من سبيل.
استمت بالدفاع عنهم، ورحت أنعت كل من ينتقدهم بالحاقد والبعثي، ولا اتردد باتهامي له في شرفه وأقول له ” اذهب واسال والدتك عن اصلك”
سمحت لنفسي ان ارسم أحلاما كبيرة، لدرجة أنى في أحدى المرات، اعتقدت أني انسان!
رحت ادافع عن حلمي، شاركت في الانتخابات الأولى، وغمست سبابتي بمحبرة بنفسجية، واقنعت عائلتي واقاربي بالذهاب للمشاركة في الانتخابات.
ثورة بنفسجية، أطلق عليها المنتفعين منها، ونحن كشعب عربي يحب الثوار والثائرين، رحنا نصفق مرة أخرى، ونردد الشعارات التي رفعت، واثقين بما يقول المقدسون.
دنيا هارون اغرت كثيرا من الشخصيات المقدسة، كثير منهم تضاعف وزنه، واحمر وجهه، وان ضغطت يده بقوة يتدفق الدم منها، من كثرة الجلوس في الأماكن المرفهة، فيما أصبح حديثهم عن الاستثمار والصفقات.
لم يعد حديثهم بالدينار العراقي، ولا بآلاف الدولارات، وانما حديثهم “بالدفاتر”، واستبدل اسم الدولار بالأخضر، تماما كرجال العصابات، أصبحت سرقاتهم علنا، وكل ينعت صاحبه بما فيه.
المشكلة أنى ما زلت أصفق للسراق، وابرر لهم جميع ما يفعلون، وألقي باللوم على زيد لأني أحب عمرا، شاركت في الانتخابات الأولى ولم احاسبهم على افعالهم، فسرقوا وسيطروا على مفاصل الدولة، ثم شاركت في الثانية والثالثة، حتى كادت بغداد تسقط بسبب غبائهم، وبقيت أصفق لهم بحرارة أكثر.
قررت ان لا أصفق لاحد بعد اليوم، الا لمن يجعل من العراق همه، ويضع الشعب نصب عينيه.
ربما يسأل البعض: هل يوجد في العراق من الساسة من هو وطني فعلا.
الجواب نعم موجودين وان كانوا قلة، ومن واجبنا دعمهم والالتفاف حولهم، ان أردنا ان نحيا كباقي الشعوب المتطورة.