قد يرى البعض ويفهم بأن علم أية دولة لا يعدو كونه قطعة من القماش البسيطة عليها رسوم وأشكال ملونة لا أكثر!، ولا يعرف هذا البعض بأن قطعة القماش البسيطة هذه من الناحية الرمزية لها دلالات كبيرة وعميقة وتحمل الكثير من المعاني. فالعلم يعد أحد الرموز الوطنية المهمة لدى جميع شعوب العالم، بل هو أهمها على الأطلاق لما له من قدسية ومنزلة كبرى، وكم من أزمات سياسية كبيرة وقعت بين الدول بسبب اهانة هذا العلم أن كان بحرقه أو جعله يداس تحت الأقدام وصلت الى حد الحروب. كما أن العلم يمثل شرف الأنتماء للوطن، بغض النظر عن نظام الحكم فيه أكان ديمقراطيا أم دكتاتوريا. والعلم يستمد صورته وشكله ولونه ورسوماته من رموز ذلك البلد وتاريخه فهناك أعلام ترمز صورها وأشكالها للقوة وأخرى الى الشجرة والماء بأعتبارهما رمزا للحياة والعطاء والنماء، كما نجد أعلاما يطرز عليها أسم لفظ الجلالة،كما في علم المملكة العربية السعودية وعلم العراق،ولكن غالبية أعلام الدول تكون موسومة وموشحة بالنجوم وهكذا. والكثير من العراقيين منأجيال الخمسينات والستينات يتذكرون نشيد العلم الذي كنا نردده كل يوم خميس وهو اليوم المخصص لرفعة العلم،حيث تقوم ثلة من التلاميذ يرتدون زي الكشافة بفك ربط العلم من السارية ورفعه الى الأعلى،يرافقها نشيد (عش هكذا في علو أيها العلم فأننا بك بعد الله نعتصم) الذي يردده كل التلاميذ أثناء الأصطفاف الصباحي. وفي الثمانينات من القرن الماضي وأثناء الحرب العراقية الأيرانية بدأت ترافق رفعة العلم رمي الأطلاقات النارية!! ( ثلاث أطلاقات بالصوت فقط). ونشيد العلم يوضح مدى الرفعة والمنزلة والعصمة للعلم بعد الله عز وعلا. وفي الألعاب والمهرجانات والمسابقات الرياضية والدورات الأولمبية يكون للعلم دوره البارز عند أستعراض الفرق وتعريفها أمام الجماهير. وعندما تبدأ المسابقات والألعاب تبرز دلالته الوطنية بشكل كبيرومؤثر فما أن يفوز اللاعب بلعبة أو سباق معين سرعان ما يركض طالبا علم بلاده ليحتظنه ويقبله ويلفه على جسده وفي أحيان كثيرة، نرى اللاعب الفائز لا يمتلك السيطرة على نفسه ومشاعره فيذرف الدموع عندما يرفع علم بلاده ويعزف له النشيد الوطني بأعتباره الفائز الأول. وكما للعلم حضوره في هذه المناسبات المفرحة فله حضوره في الأحزان أيضا، فكم لفت جثامين الجنود بأعلام بلدانهم عندما يسقطون صرعى أثناء الحروب والمعارك دفاعا عن أوطانهم.وكذلك للعلم حضوره عند وفاة رؤوساء الدول والملوك والمسؤولين الكبار في البلد والشخصيات البارزة في مجالات العلم والمعرفة والأدب والفن والرياضة وتحديدا الجنرالات الكبار في الجيش، وفي وكافة الميادين الأخرى حيث تلف توابيتهم بالعلم الوطني لبلدانهم في منظر مهيب. في العراق وبعد الأحتلال الأمريكي البغيض عام 2003 فقد العلم العراقي ومع الأسف الكثير من بهائه وأعتزازه ورمزيته الوطنية لدى العراقيين، بسبب سياسة الطبقة الحاكمة التي قادت البلاد من بعد الأحتلال الأمريكي والتي قتلت لدى العراقيين الروح الوطنية وأية أنتماء للوطن!، وخاصة بعد القيل والقال والجدل الذي أثارته بعض القوى والأحزاب السياسية حينها لتبديل العلم لأسباب وغايات لا تمت للوطنية والوطن بصلة!، متناسين هؤلاء بأن العلم هو رمز وطني بعيد عن أية تفسيرات أخرى، كما أن العلم وشكله ورمزه لا يقف مانعا من العمل الجاد والحقيقي والبذل والعطاء من أجل الشعب والوطن أن كانت هناك نوايا صادقة وحقيقية بذلك من قبل الطبقة السياسية الحاكمة!.ونسأل هنا وبمرارة وألم لماذا نرى هذا الأهمال لعلمنا العراقي المرفوع على دوائر ومؤوسسات الدولة ، حيث تغير لون الكثير من تلك الأعلام وضاع الكثيرمن معالمه لكثرة ما لحق به من الأتربة والغبار وأشعة الشمس اللاهبة صيفا والأمطار شتاء حتى تمزق الكثير من جوانبه وأصبح مهلهلا وكأنه صار يعبر تعبيرا صادقا لما وصل أليه البلد من حالة من الخراب والتمزق!. ومن المفيد أن نذكر هنا أن الطبقة السياسية الحاكمة بأحزابها الدينية المتنفذة ، لم تعر اهتماما حتى لصور الأئمة الأطهار عليهم جميعا أفضل السلام التي تملأ ساحات بغداد والتي ترفعها الأحزاب الدينية وتعلقها على جدران البنايات لدوائر الدولة ووزاراتها أثناء المناسبات الدينية(شهر محرم)، والتي أصابها الكثير من التشوه وحتى صارت تداس تحت الأقدام!! بسبب تركها من سنة الى سنة، دون أن يتم رفعها وجمعها بعد أنتهاء المناسبات الدينية كما هو الصحيح وكما هو المنطق والعقل،لا لشيء ولكن أحتراما لمكانة الأئمة الأطهار وأجلالا لهم لكونهم آل بيت النبوة العظيم، وكم من مقال كتبنا ونبهنا الى ذلك ولكن بلا أية فائدة!. أخيرا نقول أن أختلف سياسيينا بشأن العلم هذا يريد تبديله وهذا يريد بقاءه فهذا شأنهم، ولكن عليهم أن يعرفوا بأن هذا العلم بشكله وصورته الحالية هو رمزنا الوطني الذي يستحق منا كل التقدير والأحترام والأهتمام . فمن الضروري أن يصار الى رفعه كل شهر لأعادة غسله وتنظيفه بسبب من أجوائنا الملوثة بالغبار والدخان والأتربة، وأذا وجدوا في ذلك صعوبة!، وأن لم يكن من أجل العلم نفسه ورمزيته الوطنية فأحتراما وأجلالا لكلمة الله عز وعلا التي توشح علمنا.