انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية و حباً لخدمة الانسانية و تطلعاً الى بناء حياة آمنة ومستقرة يسعد الجميع و ينعموا بحقوقهم ، و دليلاً على بُعد نظره و رؤيته الثاقبة ، و خبرته الطويلة و تصديه للارهاب و التطرف لمعرفته بوحشيتهم و افتقارهم لأدنى المبادئ الانسانية و الاخلاقية , و قدرة القوات المسلحة الكوردستانية في مواجهة هذه الجماعات الارهابية ،فقد حدد السيد (مسرور البارزانى) مستشار مجلس أمن اقليم كوردستان خلال لقائه بالسيد (دي كركوف) منسق شؤون مكافحة الارهاب في الاتحاد الاوروبي و (رامون بليكوا) سفير الاتحاد الاوروبي لدى العراق في 28/11/2018)، الاسباب التي تهيئ البيئة المناسبة لأعادة ظهور داعش في العراق و التي تكمن في (النظام السياسي القائم و الفساد و قلة الخدمات الاساسية) .
لذا فأن الوقوف على الاسباب المذكورة تظهر بجلاء صدق ما ذهب اليه السيد مستشار مجلس امن الاقليم ، فالنظام السياسي في العراق قائم بشكل عام على الاقصاء و التهميش و ان الذي يمسك زمام الحكم يكون من اولوياته ازالة من يقف في طريقه فمنذ تأسيس العراق كان المكون السني يتداول السلطة بصورة عامة و كان جل سياساته تصب في اضعاف الشيعة و الكورد انطلاقاً من الخوف الخيالي و الوهم القائم بانهم يشكلون الخطر و التهديد عليه ، و بعد عام 2003 أمسك المكون الشيعي بحكم الاغلبية بعدما قدمت امريكا العراق على طبق من ذهب لهم و من وراءهم ايران ، و كان اللعب على اوتار الطائفية و المذهبية و الاقصاء و الاتهام بالارهاب و دعمه , ضمن استراتيجيتهم , و المكون الكوردستاني حيران بين هذا و ذاك يذوق مرارة عمليات الابادة و الحصار الاقتصادي و قطع الموازنة و اخيراً و ليس اخراً الهجوم عليه و احتلال كركوك في السنة الماضية .
السبب الثاني هو تفشي الفساد الاداري و المالي حيث تأتي العراق في المراتب الاولى وفق تقارير المنظمات الدولية المعنية بموضوع مكافحة الفساد , وبات امتلاك الابار و بيع المناصب الوزارية و النيابية ظاهرة تصل قيمتها الى ملايين الدولارات , و ان خطر الفساد لا تقل عن خطورة الارهاب , والمخجل من كل ذلك ضعف الاجراءات الحكومية لمكافحتها حيث لا تتعدى اصابع اليد رغم نداءات المنظمات الدولية و المحلية و هيئة النزاهة بضرورة الوقوف بوجه هذه الآفة الفتاكة و هذه الظاهرة تمهد لعودة داعش من جديد .
و السبب الثالث هو قلة الخدمات الاساسية المقدمة الى المواطنين من التعليم و الصحة و الكهرباء و الطرق … الخ فبعد اكثر من عقد و لايزال المواطن العراقي يأن من تحت وطئة سوء الخدمات و مثقل كاهله بانعدامها ناهيك عن البطالة و سوء توزيع فرص العمل او انعدامها اصلاً .
تعد هذه الاسباب الرئيسية لعودة داعش الى الساحة العراقية بعد حكمها لمناطق عديدة لأكثر من ثلاث سنوات ، و قد تمكنت من زرع فكرتها , فعودتها تكون اسهل من ذي قبل ،لوجود البيئة المناسبة ، و ان ممارسات القوات العراقية و خاصة الحشد الشعبي تدفع بالمواطن السني انتظار الفرصة السانحة للانتقام منهم و الحد من ممارساتهم حيث تسرع هذه الممارسات من ظهورها .
و لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل ان الحكومة العراقية الحالية تأخذ هذه الاسباب بجدية و تعمل من اجل اصلاحها ؟!! ام انها تسير كسابقتها و تستمر في تعنتها ، حيث ان سلسلة التحذيرات من ظهور داعش مستمرة من القيادات العراقية منها (باقر جبر صولاغ / القيادي في المجلس الاسلامي الاعلى قبل ايام) بان الخروقات الامنية في الموصل و جنوبه تشير الى عودة داعش و قبلها تحذير السيد (مسعود البارزاني) قبل حوالي اربع سنوات للمالكي بان الجماعات الارهابية تستعد و مدينة موصل على حافة الهاوية من السقوط بيدهم و لكن كبرياءه و غروره السياسي حالت دون ان يأخذ التحذير بجدية فكانت السقوط و ما تلته من احداث نتيجة متوقعة .
و لكن هذه المرة كان تحذير (السيد مسرور البارزاني) من ظهور داعش موجهاً الى منسق مكافحة الارهاب في الاتحاد الاوروبي و هذا يدل على اهمية الموضوع و حجمه الكبير و ضرورة التصدي لها بتكاتف الجهود الدولية لان حرب الارهاب حرب عالمية بامتياز و ثانياً التحذيرات السابقة لم يفِ بغرضها المحلي و لم تجد آذاناً صاغية و ثالثاً تشير الى ان المجتمع الكوردستاني حارب الارهاب و سيستمر وقدم الضحايا و انه المدافع عن أمن العالم و الانسانية وأستطاع كسر شوكتها وإيقاف تمددها .