18 نوفمبر، 2024 1:00 ص
Search
Close this search box.

( فن التفاوض) يحتاج الى مهارات وقدرات شخصية – ملاحظات أمام القائمين بالتفاوض بشأن مطالب المتظاهرين

( فن التفاوض) يحتاج الى مهارات وقدرات شخصية – ملاحظات أمام القائمين بالتفاوض بشأن مطالب المتظاهرين

حرصت في هذا الاستعرض أن أضع بين يدي ممن سيتولون مهمة التفاوض مع الحكومة نيابة عن المعتصمين في الأنبار وباقي المحافظات، وممن تلقى عليهم هذه المهمة الشاقة للتفاوض مع الحكومة ، أن أضع بين يديهم جملة ملاحظات تعينهم في مهمتهم، بهدف إنجاح هذا المسعى النبيل، والذي لم يتم التوصل الى معالجات بشأنه ، لولا هذا الزخم الجماهيري الواسع في تظاهرات كهذه، لم يشهدها العراق من قبل ، أستخدمت الأساليب الديمقراطي منطلقا لتوجهاتها ، من أجل فرض وتحقيق المطالب ، بعد ان عجزت كل المحاولات السابقة ولسنوات خلت ، في أن تصل الى نتيجة، تنقذ العراقيين ما حل بهم من مصائب ونكبات وفقدان لمكانة مكونات وضياع لمستقبلها، وما تعرضت له من عمليات ملاحقة ومطاردة وقتل وتدمير ممنهج لأحيائهم ومحافظاتهم، وكان نصيب بغداد يعادل كل الأذى الذي لحق بمحافظات أخرى من محاصرة وحرمان لملايين العراقيين من حق الحياة ومن المشاركة في بناء دولتهم والاسهام في أنشطتها، رغم امتلاكهم خبرات كبيرة يشهد لها العالم كله، بأنهم هم الذين كانوا بناة الحضارة ومعالم التقدم والشموخ والمحافظة على مكانة بلدهم من ان تصل الى مرحلة الانهيار .
ولو ألقينا نظرة متأنية على طبيعة ما يطرحه المعتصمون والمتظاهرون في ساحات الاعتصام، من مطالب ، نجد ان طريقة عرض المطالب تعاني حالات من الضعف والوهن ، بالرغم من ان المطالب مشروعة وهي ممكنة التطبيق، لو تم تأطيرها ضمن لائحة مبرمجة ومقننة ومحددة وواضحة، وفي طريقة تناولها، ، ما يترتب على المهتمين بهكذا أنشطة ان يضعوا القائمين على هذه المهمة أمام مسؤوليتهم ، وأن يتم تنبيه من يود التفاوض مع حالات كهذه ان يكون أسلوب طرحه مقنعا، وان لايستخدم السباب والشتيمة والاسفاف في التهجم، لكي لا تخرج المطالب عن ( مشرعيتها) ويترك فرصة للطرف الآخر لأن يسفه هذه المطالب أو لايتعامل معها بطريقة متحضرة وانسانية، إن سارت الاطراف التي تشترك في لغة الخطاب بإتجاهات لاتستطيع ان تدرك مخاطر ما تتفوه به او تعرضه من مطالب.
وتجد أحيانا أن صاحب الحق يضيع حقه بنفسه، لأنه يفتقر الى إسلوب إقناعي يستطيع من خلاله ، جعل الآخر يتفهم قضيته، ما يضع العراقيل أمام اية محاولة لان يحصل المتظاهرون على مطالبهم بعضها أو كلها أو لنقل القسم الأغلب منها، لو أتقن المتحدثون لغة الخطابة ولم يخرجوا عن السياقات المعروفة ، في عرض اهداف نبيلة بطريقة، لا ترتقي الى مكانة الشخصيات التي تقود عملية الخطابة او توجهها بالاتجاهات التي تخدم أغراضها ، ما أضاع أكثر من مرة التوصل الى إقناع الطرف الآخر بأن يستجيب للمطالب المعروضة، ان كان فيها جانب كبير من العقلانية، ويعرف كيف يوصل رسالته، بسهولة ويسر، وبلغة خطاب عالية المستوى وراقية الاسلوب ترغم الطرف الآخر على الاضطرار لأن ينصاع لعرض المطالب أو الحقوق المشروعة، بدل ان يخلق الحواجز مقدما أو يرغم الطرف الاخر على ان لايسمع خطابه ورسائله الموجهة له، وبالتالي قد ينفر منها ، ولا يضع لها أي اعتبار، حتى وان خسر من سمعته كثيرا، فهو قد يرى فيها جوانب ( ابتزاز ) لا اكثر، ونعطي له المبرر لان يتحايل ويعاند ويسلك طرق ملتوية، طالما اننا سلكنا في طريقنا لغة خطاب غير عقلانية وغير ودية، وتمعن في اظهار مفاسد الآخر ومساوئه، التي لم يصل من خلالها الى نتيجة.
إن إدارة الأزمات تحتاج الى إدارات متمرسة ولديها الخبرة والإلمام الكافي بطبيعة التفاوض وأساليبه، وأن تتقن اللغة التي تجيد بها فن التفاوض مع الآخرين، وتعرض مطالبها بطريقة مقبولة وممكنة التنفيذ من قبل الطرف الآخر، وتعتمد على شخصيات مؤهلة ولديها من الامكانات الشخصية، ما يمكن ان تلفت الانظار الى عدالة مطالبها، أذا ما أحسنت أدواتها واللغة التي تستخدم في المخاطبة، دون الدخول في ( مهاترات ) أو ( عمليات تراشق كلامي ) ربما تخرج عن حدود  اللياقة ، ما يؤدي أحيانا الى فشل المهمة برمتها،  إن لم يتم اختيار الأسلوب الأمثل لجعل الطرف الآخر يقبل أو لايرفض المطالب جملة وتفصيلا.
وقد تابعت بإهتمام ما تم عرضه في ساحات الاعتصام في كل محافظات العراق، رغم اننا بعيدون عنهم، ولم نكن معهم، الااننا كنا معهم بكتاباتنا وملاحظاتنا ووقفتنا الروحية معهم، كونهم أصحاب قضية عادلة ، وقف العالم كله مذهولا لطريقة التعبير وبهذا الحجم الكبير من الحشد الجماهيري المنضبط ، الا ما ندر وفي حالات محدودة، لم تؤثر على مستوى الحدث الكبير، والذي لم تالفه ساحات العراق، ربما منذ ان بزغ العراق على هذه المعمورة قبل الاف السنين، وهي ممارسة ديمقراطية واعية، ولها جمهور عريض في أغلب محافظات العراق، وقد عبرت عن مطالبها بكل وعي وصلابة ، بلا كلل أو ملل ، وقد نالت اعجاب كل العراقيين من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، رغم كل ما تعرضت له الى حملات ظالمة، من جهات عديدة، الا انها بقيت متاججة ومتنورة ، وقد وجدت ان هناك جملة ملاحظات يمكن ان نضعها امام المهتمين في هذا الجانب، علهم يستفيدون منها عند عرض المطالب أو توضح قضية عدالة المطالب المشروعة ، ولكنها فقط تحتاج الى وسائل وأدوات اكثر قدرة على التأثير يمكن أن نلخصها في الجوانب التالية:
1      .  ان نحسن لغة الخطابة، وان نعتمد على شخصيات مؤثرة وذات لغة خطابية عالية المستوى، كالعلامة أحمد حسن الطه ومن يرتي الى مرتبته القيمة من العلماء الذين يزخر بهم هذا البلد وهم كثر بعون الله، ويشكلون مفخرة لملايين الطامحين الى الحرية والعدالة ويتبعون إسلوبا راقيا في الخطابة وفي توجيه النقد وطريقة عرض المطالب بطريقة أثارت الاعجاب ، وأرغمت الطرف الآخر لان ينصاع لإسلوب الخطابة وطريقة عرض المطالب بكل فصاحة اللغة وعدالة ومشروعية المطالب، وقد نالت استحسان ملايين العراقيين، الذين يرون في اللغة الراقية ، والإسلوب الهاديء المبسط، الذي لايستخدم ( الضجيج ) عالي المستوى ، بل يجيد التلاعب بمفرادات اللغة المؤدبة في احلى مفرداتها وأعظمها قدرة على الـتاثير والفصاحة، ولو كان من يلقي الخطب بهذا المستوى الراقي، لكان بالامكان ان لايخسر المتظاهرون الكثير من الوقت والجهد للوصول الى مبتغاهم وعدم اعطاء الطرف الآخر الفرصة بأن يستغل بعض الثغرات لتوجيه شتى الاتهامات التي ما أنزل الله بها من سلطان، مستغلين حالات الاثارة الكلامية المسرفة في الموغالة في التهجم وتسفيه الآخر، ما يضعف الموقف ، ويخرج الحقوق عن مشروعيتها، أو نعرض قضية المتظاهرين لأن يخسروا من رصيدهم الكثير.
2      . يمعن ( البعض ) ممن يلقون خطب الجمعة في استخدام مصلحات يفهم منها انها ( طائفية ) ، تعرض الطرف الآخر الى مزيد من الاتهام وتضعه في دائرة اثارة الاحقاد، وكان الاحرى بمن يتولى مسؤولية قيادة الجمهور ان يكون على مستوى عال من الفصاحة والخلق الرفيع، بدل النزول الى مستويات يفقد فيها بعض الخطباء السيطرة على انفسهم، وبالتالي تخرج منهم كلمات منفعلة وربما هي غير مقصودة لكنها وبسبب استخدامها التعابير غير الموفقة هي التي أوصلت الطريق المطلوب الى مزيد من عدم الاهتمام وربما يستغله الطرف الاخر للايقاع به وتفنيد اداعاءاته ومطالبه، لانها تنزل الى مستويات لاترقى الى مستوى الحدث الجلل والمصاب الكبير الذي يمر به العراق، في تحد فريد من نوعه وفي حجم الأذى الكبير الذي لحق بالعراقيين شعبا ومكونات، في وقت كان المفروض عرض المطالب بطرق منطقية، ترغم الطرف الآخر على ان تجعله يستحي من نفسه، دون ان يخسر شيئا، بل يربح كسب المزيد من المؤيدين له او المتعطفين معه لو أحسن الخطابة وطريقة عرض المطالب وفقا لاهميته، لا بتكرار ممل دون ان يكون هناك اولويات، وترتيب منطقي وبأساليب معقولة ، تجعل من الاهداف مقبولة ويمكن تنفيذ المطالب بطريقة أسهل وأسرع مما يتم عرضه بهذه الطريقة التي يتم عرضه على مسامع الرأي العام والحكومة، التي أخطأت هي الاخرى في طريقة وصف المتظاهرين وفي إلصاق مختلف التهم برجالات التظاهرات وهم بريئون من أية تهمة وحاشى لرجال بهذا المستوى من الخلق العربي ان يورطوا أنفسهم بما لايليق بسمعهتم، ولكن فاقدي الضمير هم من يبحثون بين ثنايا الرذيلة عن اي عمل ينسب لهؤلاء أو يفبركون تهما ما انزل الله بها من سلطان دون مخافة الله الذي لابد وان يقتص من هؤلاء الذين ما تركوا مناسبة الا وأوغلوا في الاجرام وفي الحاق الأذى بالآخرين لمجرد أنهم من الطائفة الأخرى، أو لأنهم يخالفونهم الرؤية والمنهج في قيادة الدولة والمجتمع، وفي إتهامات( مضحكة ) لكنها ( مبكية) لأن حال البعض ممن أعطاهم الله السلطة وصلوا الى هذا المستوى من التردي الأخلاقي والقيمي.
3      . ان مضي وقت طويل دون تشكيل وفد رفبع المستوى للتفاوض، وبقاء المطالب ضمن دائرة العرض في الخطب والتصريحات، واختلاف طريقة عرض المطالب وعدم تقديم الأولويات، هو الذي جعل الطرف الآخر يستفيد من كثرة الاصوات ومن تعدد المنابر التي لاتضع خطة موحدة لادارة هكذا أزمة، تحتاج الى رجال متمرسين، ولديهم القدرة على ان يفاوضوا ويعرفوا كيف يحصلون على المطالب والحقوق، بأن يلتقوا اكثر من طرف، وان يحددوا شروطهم مقدمة واضحة ولا تقبل التأويل والتهويل واللبس، ما أضاع على المتظاهرين تحقيق مطالبهم بزمن قياسي ما ماكان ليبقوا كل هذه الفترة لو كان هناك رجال يتقنون ( إدارة الازمات ) بطرق أكثر حضارية .
4      . ان القائمين بعملية التفاوض ينبغي ان يدركوا انهم في مواجهة حكومة لديها من الامكانات وقدرات المراوغة والتضليل ما يمكن ان يقلل من فرص الحصول على المكاسب المتوخاة، ان لم يكن لدى الجانب المفاوض معرفة بأصول التفاوض وعمليات المخادعة والتضليل التي تستهدف ارباك حركة الطرف الآخر المفاوض من خلال القيام بعض مجموعة مبررات تحاول قدر امكانها اظهار عدم قدرتها على تطبيق بعض الشروط او المطالب تحت مبررات شتى، لكن على الطرف الاخر ان يدرك ان الوصول الى اهدافه ينبغي ان لايظهر تراجعا منذ الوهلة الاولى وان يكون لديه من البدائل ما يمكن ان يخرج نفسه من أي مأزق أو موقف محرج يتعرض له، أثناء عملية التفاوض حتى لايقع تحت مبررات قانونية يضعها أمامه بعض ممن كانت لديهم خبرات في التحايل والمراوغة، تحت طائلة تطبيق القانون والدستور، لأن فرض المطالب ينبغي ان تكون لديها ( مبررات مشروعة ) ومقنعة وقابلة للتطبيق، وان لايضع لها سقوغا زمنية طويلة نكسب الطرف الاخر القدرة على المخادعة وكسب الوقت لتسويف ما تعهد امام لجنة التفاوض ، والحكومة لديها من القدرات الكبيرة في هذا الجانب يعرقها اقطاب كبار في العملية السياسية أنفسهم، وقد وقعوا ضحية تعهدات سابقة واذا بكل هذه التعهدات تضرب عرض الحائط تحت مبررات شتى.
5      . بالرغم من كل حالات الضعف والوهن في ادارة التظاهرات التي ذكرناها، فقد أظهرت بعض قيادات التظاهرات حنكة في ان لديها من القدرات ما يظهر عدالة المطالب التي عرضتها بإسلوب مقنع ومؤثر وبوضوح، وحددت معالمها واسسها وما مطلوب من الحكومة ان تنفذه، لكن مطالب أخرى بقيت غامضة ومطاطية وتقبل التأويل، والحكومة تجد نفسها ان لديها من القدرات ما يمكن ان يتم تسويف المطالب، وحاولت الاستجابة لبعضها من تلك التي تجد لها عملية تصريف للازمة، بعد ان تمسك بزمام الامور وتجد لها المبررات للتنصل عنها.
6      . لقد طغت الخطابات ذات الطابع الديني على ساحات التظاهر ، ولم تسمح لقيادات مدنية لديها خبرات ومهارات ان تظهر هي الاخرى لتؤكد الطابع المدني الديمقراطي لأن يتبوأ المثقفون وأصحاب الشهادات العليا وذوي الخبرة العملية مكانة في سلم قيادة زمام عملية ادارة الازمات، وتم تسليم القدرات لرجال الدين الذين لايحسن بعضم لغة السياسة التي تحتاج الى حنكة في لغة الخطاب والبحث عن عرض المطالب المشروعة بطريقة مقنعة ومحكمة ومحددة وفي أطر مترابطة ومنسجمة مع المطالب نفسها، وكانت أغلب الخطب انشائية تميل الى الشحن الجمعي، وأحينا تكون بعض الشخصيات من مستويات تعليمية متدنية، رغم ضخامة عدد الشخصيات التي تحتضنها محافظة الانبار ، وتضيع على الملايين الذين ينتظرون فرصة ان يتم عرض المطالب بطريقة مقنعة لا ان تبقى الخطابات المطولة هي السائدة دون ان تخرج بنتيجة او فائدة متوخاة، وربما نجح أسلوب الخطابة في سامراء والموصل أكثر مما نجح في الأنبار.
7      . يفترض بمن يلقي خطب الجمعة ان يعرف ان خطبته هي سياسية وليست دينية، لان أمامه مهمة عسيرة ان يرغم الطرف الاخر الى الخضوع لارادته في فرض المطالب، وان استغلال الوقت لتوضيح الموقف بقوة بلاغية يكون هو المطلوب ، لا أن تبقى الخطبة لساعات ولا تجد الا دقائق معدودة منها وقد تم فيها عرض المظالم والمطالب او الرؤى والتوجهات، ولم يجد أغلب ممن ركبوا موجة التظاهرات استغلال الساحة امامهم والجماهير الغفيرة لاقناعها بان المطالب تحتاج الى رجال يقفون وراءها بكل قوة واقتدار، وان يتم توحيد الخطاب لا تشتيتها نحو توجهات متفرقة تضيع الهدف الاساس في طريقة بلورة موقف قوي وحازم يظهر الامكانية على فرض الشروط بطريقة يمكن ان تقنع الطرف الاخر بعدالة مطالبه ومشروعيتها.
8      . ان أفضل ما يمكن أن يتحقق للشعب العراقي من مطالب عادلة هو في ايجاد فرص لالاف العراقيين العاطلين وبخاصة الخريجين ومن هم حرموا من ممارسة دورهم الوظيفي، إضافة الى ايجاد فرص للعمالة للمستويات التعليمية دون الإعدادية والمتوسطة، لأن الحصول على وظائف عسكرية ( شرطي ) أو ( جندي في الجيش) أو حتى ( ضابط ) لايحل المشكلة، بل ان واحدا من اخطاء العسكرة هو تخريب قيم الحياة المدنية، والتركيز على مطالب بناء جامعات ومستشفيات ومدارس متقدمة وسكن عمراني وخدمات، واعادة الحقوق لموظفي الدولة السابقين، وتعويضهم عما أصابهم من ضرر للسنوات العشر الماضية، فما بدر حتى الان لم يسفر عن نتيجة ملموسة ، وهو خطر كبير ان تم تعريض الاجيال العراقية من محافظات بعينها وحرمانها من أن تتبوأ مواقع في السلطة والمجتمع المدني ما حرمها من فرصة إثبات الوجود، وفي ان يكون لها ثقل مؤثر في مسارات السلطة وعموم مؤسسات الدولة التي بقيت محتكرة على مكونات دون أخرى، ما أثر بشكل كبير على اختلالات الدولة وعرضها لمخاطر كبيرة.
9      . النقاط المهمة في التفاوض: ان تكون المطالب موحدة وبلغة متقنة وبطريقة عرض مناسبة ووفق نقاط محددة، إضافة الى براعة القائمين في لفت الانظار اليهم وفي التأثير على الطرف الآخر ومعرفة نقاط ضعفه ونقاط قوته ، ومن أين يتم الدخول معهم وكيف، وكيف يتم فرض الشروط والمطالب، على ان يتم التركيز على المهم ثم الأقل أهمية، أي حسب الأولويات، وان يكون هندامهم في أرقى درجات اللياقة وحسن المعشر، وممن يجيدون فن التفاوض،وان يبتعد المفاوض عن العصبية أو الخروج عن حالة الهدوء ان تعرض لإثارة الطرف الآخر، لأن الطرف الآخر يسعى لاستفزاز المفاوض، احيانا بهدف إفشال المهمة والقاء تبعاتها عليه ، وان تكون أساليب المخاطبة في أعلى درجات اللياقة والانضباط، وفي ان يعرف من طبيعة الوجوه، هل هي متسامحة ويمكن التفاهم معها، أم متشددة، ولا يمكن ان تتعاون للوصول الى الهدف المنشود ، وتريد إضعاف الطرف الآخر أو أفشال مهمته، وعليهم ان يكونوا حذرين من ان يتعرضوا للتضليل والمخادعة، وان ينتبهوا الى كل كلمة يطلقونها من انها كانت في مكانها، لضمان إنجاح المهمة بالطريقة المشرفة، وفي حال التأكد من ان الطرف الآخر جاد في التفاوض ويستجيب للملاحظات القيمة، ولديه صلاحيات ويحترم تنفيذ وعوده، فان نجاح المهمة يكون بطريقة أفضل وأكثر يسرا وبالعكس.
هذه ملاحظات يمكن ان يستفيد منها ممن سيدخلون في لجان التفاوض، علها تعينهم في مهمتهم، وهي كبيرة، وعليهم ان يدركوا ان الحدث لن يتكرر في وقت لاحق، وان هذه هي أفضل فرصة لفرض المطالب واستعادة الحقوق، كما بأمكان القائمين على التظاهرات ان يأخذوا بالملاحظات الواردة لكي يتم معالجة حالات الضعف والوهن في قيادة التظاهرات وبخاصة ايام الجمع، إذ لم يشهد العراق وقفة جماهيرية بهذا الحجم الضخم والواسع، من قبل، ومن الصعوبة ان تحصل هكذا في المستقبل، ولهذا فان دراسة أفضل السبل للتفاوض، هي من تساعد في انجاح هذه المهمة ودعوات كل الخيرين من أبناء العراق في كل محافظاته لهم في ان يوفقهم الله في هذه المهمة بأن تتكلل بالنجاح ، ويعلق العراقيون الآمال على أهل الانبار ورجالاتها الأشاوس الغر الميامين ، لكي ينتشلوا أهلهم وشعبهم من هذا الانهيار الكبير قبل فوات الأوان، ويعيدوا للعراق إبتسامة أهله وأن يحققوا الأمن والامان  اذا ما تم الاستجابة للمطالب بأقصى سرعة وتم الوصول الى الهدف الكبير وهو احترام حقوق الانسان في هذا البلد وحفظ كرامته، وصون حرياته المدنية ، بعد ان تعرضت لإمتهان كبيرلم يشهد له تأريخ العراق مثيلا.. والله من وراء القصد.

أحدث المقالات