عودة سيناريو الكيماوي من جديد .. “حلب” تحترق بسبب أطماع الأطراف المتحاربة !

عودة سيناريو الكيماوي من جديد .. “حلب” تحترق بسبب أطماع الأطراف المتحاربة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

عادت مدينة “حلب” السورية إلي الواجهة من جديد بعدما تم قصفها بالغاز السام وإصابة أكثر من 100 شخص بحالات تسمم، بالتزامن مع إعلان “تركيا” عن إشراف “محور آستانة” علي عملية نادرة لتبادل الأسرى في نفس المحافظة.

واتهمت “روسيا”، أمس، مقاتلي المعارضة السورية، بإطلاق قذائف بـ”غاز الكلور” على مدينة “حلب”.

وذكرت “وزارة الدفاع الروسية”، في بيان، أن مقاتلي المعارضة قصفوا “حلب” من منطقة خفض التصعيد في “إدلب”، التي يسيطر عليها مسلحو (جبهة النصرة)، وأنها تعتزم الحديث مع “تركيا” بشأن الواقعة بما أن “أنقرة” هي الضامن لإلتزام المعارضة المسلحة بوقف إطلاق النار.

وقال الميجر جنرال “إيغور كوناشينكوف”، في بيان: “تفيد معلوماتنا الأولية، التي أكدتها أعراض التسمم بين الضحايا، أن القذائف المستخدمة في قصف مناطق سكنية في حلب كانت معبئة بغاز الكلور”.

لافتًا إلى أنه وفقًا للمعلومات الواردة من “مركز التنسيق الروسي” في “حميميم”: “أطلقت من الضواحي الجنوبية الشرقية لقرية البريكيات الخاضعة لسيطرة إرهابيي، (جيش تحرير الشام)، قذائف هاون عيار 120 مم قد تحوي الكلور على حي الخالدية وشارع النيل بحلب”.

وأعاد المسؤول العسكري الروسي إلى الأذهان، ما سبق أن حذرت منه “موسكو” بشأن “محاولات إرهابيي، (الخوذ البيضاء)، تنفيذ استفزازات باستخدام المواد الكيماوية في المنطقة منزوعة السلاح، بشأن إدلب لاتهام الجيش السوري بشن هجمات بالأسلحة الكيماوية على السكان هناك”.

من جهتها؛ ذكرت وكالة الأنباء السورية، (سانا)، أن مستشفى “الرازي” ومستشفى “الجامعة” في “حلب” استقبلا 107 مدنيين مصابين بحالات إختناق متنوعة بين الخفيفة والمتوسطة، وبعضها احتاج للدخول إلى العناية المركزة.

وكانت المعارضة السورية المسلحة قد نفت، في وقت سابق، استخدامها لأي غازات سامة، مؤكدة أنها لا تملك بالأساس مثل تلك الأسلحة.

النظام يشتكي للأمم المتحدة ومجلس الأمن..

ومن جانبها؛ وجهت “وزارة الخارجية السورية” رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن حول “إعتداء التنظيمات الإرهابية بالغازات السامة على أحياء مدينة حلب”، مطالبة بإتخاذ “إجراءات رادعة”.

وذكرت الوزارة، في بيان، أن: “حكومة الجمهورية العربية السورية تطالب مجلس الأمن بالإدانة الفورية والشديدة لهذه الجرائم الإرهابية. عبر إتخاذ إجراءات رادعة وفورية وعقابية بحق الدول والأنظمة الداعمة والممولة للإرهاب”.

النظام يفتري للتغطية على جرائمه..

فيما نفت (الجبهة الوطنية للتحرير) اتهامات “موسكو” و”دمشق” للمعارضة بقصف مدينة “حلب” بغازات سامة، قائلاً الناطق الرسمي باسم الجبهة، النقيب “ناجي مصطفى”، في بيان، “إفتراءات النظام باتت مكشوفة، وتأتي للتغطية على جرائمه وآخرها استهداف مدرسة في بلدة جرجناز البارحة بقذائف مدفعية أسفرت عن مقتل عدد من الأطفال والنساء”.

وحذر القائد العسكري في الجبهة، “عبدالسلام عبدالرزاق”، فصائل، من استخدام القوات الحكومية السلاح الكيماوي في هجوم وشيك على مناطق غرب “حلب”، مشيرًا إلى “وصول معلومات أن النظام عمم على مقاتليه، بعد منتصف ليل السبت-الأحد، برفع الجاهزية وإرتداء الأقنعة الواقية، ودعا الأهالي إلى الإنتباه والحذر من قصف بالكيماوي”.

وتسيطر “قوات النظام” على مدينة “حلب” ومعظم أريافها. وتوجد فصائل معارضة، أبرزها (الجبهة الوطنية)، في أجزاء من محافظة “إدلب” المجاورة، التي تضم أيضًا مجموعات جهادية، أبرزها (جبهة النصرة) سابقًا.

وفي الأشهر الأخيرة اتهم النظام وحليفه الروسي، الفصائل المعارضة والجهادية في محافظة “إدلب”، بإمتلاك أسلحة كيماوية، محذرين من استخدامها ضد مناطق مأهولة بالسكان خاضعة لسيطرتها.

هجمات كيماوية سابقة..

وشهدت “سوريا”، خلال السنوات الماضية، هجمات عدة بـ”غازات سامة” تبادلت خلالها أطراف النزاع الاتهامات.

ووُجهت أصابع الاتهام لـ”قوات النظام” مرات عدة، بينها في آب/أغسطس العام 2013، حيث قُتل مئات الأشخاص في هجوم قرب “دمشق”، وفي نيسان/أبريل العام 2017، في مدينة “خان شيخون” في “إدلب” وقُتل فيه 83 مدنيًا، وأخيرًا، في 22 كانون ثان/يناير العام 2018، حيث قُتل أكثر من 40 شخصًا في مدينة “دوما” قرب “دمشق”.

وإثر هجومي “خان شيخون” و”دوما”، وجهت “واشنطن” ضربات صاروخية ضد مواقع عسكرية سورية.

واتهم محققون تابعون لـ”الأمم المتحدة”، قوات النظام، بتنفيذ عدة إعتداءات بأسلحة كيميائية بينها هجوم “خان شيخون” بغاز (السارين)، فضلاً عن هجومين بمادة (الكلور) في بلدتي “تلمنس”، (2014)، و”سرمين”، (2015)، في محافظة “إدلب”.

كما اتهم المحققون “تنظيم الدولة الإسلامية” باستخدام غاز (الخردل) في “مارع”، في محافظة “حلب”، في 2015.

وتشهد “سوريا” نزاعًا داميًا تسبب، منذ اندلاعه في منتصف آذار/مارس 2011، بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

تبادل أسرى بين النظام والمعارضة..

وقبل ساعات من قصف الكيماوي، أعلنت “وزارة الخارجية التركية” عن “تبادل للمحتجزين بشكل منسق، وفي وقت واحد” بين النظام وفصائل المعارضة المدعومة منها، في “خطوة أولى مهمة” لإشاعة جو من الثقة بين الطرفين، موضحة أن العملية جرت قرب مدينة “الباب” في محافظة “حلب” في إطار “مشروع تجريبي” يأتي في إطار مسار (آستانة)، برعاية “تركيا وروسيا وإيران”.

وأكد رئيس المركز الروسي في سورية، الفريق “سيرغي سولوماتين”، أنه “تم في مدينة تادف، (35 كم شمال شرق مدينة حلب)، تبادل 10 مواطنين سوريين احتجزتهم جماعات مسلحة غير شرعية، مقابل إطلاق سراح عشرة مسلحين من وحدات المعارضة المسلحة” بحضور الجانبين التركي والإيراني، وأيضًا “الهلال العربي السوري”.

وأكد المرصد أن تبادل المحتجزين جرى بين فصيل “السلطان مراد”، الموالي لـ”تركيا” و”قوات النظام”، مبينًا أنه “جرى إطلاق سراح 10 أشخاص من أسرى النظام والمسلحين الموالين لها ومخطوفين لدى الفصائل العاملة في حلب، مقابل الإفراج عن 10 معتقلين”.

فصائل لم تتقيد باتفاق “سوتشي”..

تعليقًا على الهجوم؛ قال الدكتور “علاء الأصفري”، الخبير الإستراتيجي السوري، إن: “هناك أكثر من مئة مصاب، نتيجة قصف (جبهة النصرة) الإرهابية للمدنيين بالغازات السامة، ومنها (الكلور)، حيث عملت خمس مستشفيات كبيرة طوال الليل على إنقاذ الضحايا المدنيين”.

وعن مصدر القصف الإرهابي، أوضح أن: “القصف كان مصدره غرب مدينة حلب، وتحديدًا حي الزهراء، لوجود عدد كبير من الفصائل الإرهابية هناك، لم تتقيد بـاتفاق (سوتشي) بين روسيا وتركيا، وبالتالي قرروا إرسال رسالة فحواها، أنهم موجودون ولا يخضعون حتى للفكر التركي”.

وحول رد الفعل المتوقع لـ”دمشق”، توقع الدكتور “علاء الأصفري”، الخبير الإستراتيجي السوري، أن “الجيش العربي السوري سيبدأ عملية عسكرية واسعة، خلال ساعات، لتحريرها من الإرهابيين وحماية الملايين من المدنيين السوريين، في هذه المنطقة”.

يعكس عدم قدرة الجانب التركي على الإلتزام بالاتفاق..

من جانبه؛ اعتبرالكاتب والباحث السياسي السوري، “ملاذ المقداد”، أن: “هجوم الإرهابيين على حلب، يعكس عدم قدرة الجانب التركي على الإلتزام بما تم الاتفاق عليه، في (آستانة) وكذلك سوتشي، حيث سمحت أنقرة بتوفير جانب مرن للإرهابيين، استطاعوا من خلاله الضغط على الشعب السوري، وإفشال محاولات تحقيق السلام والحل السياسي”.

معادلة لفرض الحضور على الجانب التركي..

وحول الهدف السياسي لـ (جبهة النصرة) من الهجوم، فسر الباحث السياسي السوري هذا الهجوم بأنه: “محاولة من الجماعات الإرهابية لجذب العالم إلى مسلسل الكيماوي المعتاد، حيث ذكرت بعض الوكالات العالمية أن الهجوم قامت به قوات رديفة للجيش السوري، كنوع من التضليل المعتاد، مما يعني أننا أمام معادلة تقوم بها (النصرة) لفرض حضورها على الجانب التركي”.

المايسترو واحد..

وعن تزامن هجوم (داعش) الإرهابي في “دير الزور” مع (النصرة) في “حلب”، بين “المقداد” أن “تزامن العمليات الإرهابية داخل سوريا، من فصائل إرهابية مختلفة، يؤكد أن المايسترو لكل هذه الجماعات واحد، وتعد الولايات المتحدة الأقرب للقيام بهذا الدور، حيث تعتمد على قاعدة أساسية، جوهرها إطالة أمد الحرب”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة