يوجد مبحث في علم المنطق يدعى مباحث الالفاظ ، ومن درس علم المنطق او يمتلك معلومات بسيطة يستطيع ان يدرك معنى كلامي، او حتى من لم يدرسوا هذا العلم ، كون إن مباحث الالفاظ تتناول دلالة الالفاظ على معانيها، وبما ان الالفاظ عربية، فلا اعتقد ان هناك غموض او التباس في مقالتي التي سوف اعرض فيها دلالة الالفاظ على معانيها.
ولست هنا بصدد التعرض الى احد علوم ومباحث المنطق، بل اردت ان تكون مقدمتي كاشفة عن موضوع مدار البحث، أقول إن مباحث الالفاظ تتناول دلالة اللفظ على المعنى ، وفي اللغة العربية؛ وهذا ما يميز لغة القرآن الكريم؛ أقول في اللغة العربية يوجد ما اطلق عليه تعدد الالفاظ ووحدة المعنى ويقابله وحدة اللفظ وتعدد المعاني.
وعندما يطلق الفرد على احد المعاني لفظاً معينا فهو وبشكل عام يقصد المعنى الحقيقي وليس المجازي او النقلي، مثلا عندما نقول أن سين من الناس هو صادقا فأننا نقصد بذلك المعنى الحقيقي وهو الصدق ، وكذا بقية الالفاظ.
وعندما يطلق البعض شعارات او اهداف او تسميات على انفسهم فأنهم يقصدون المعاني الحقيقية من هذه المعانِ.
دولة القانون تسمية اطلقها رئيس حزب الدعوة نوري كامل المالكي او كما كان يطلق على نفسه جواد المالكي ، اطلق هذه التسمية (دولة القانون) على ائتلاف ضم عددا من الاحزاب والتيارات خلال انتخابات البرلمان عام 2010، حيث رفع شعار تطبيق القانون ، وأن القانون فوق الجميع ، أي إن القانون الوضعي هو فوق القانون الالهي وفوق القرآن الكريم الذي يعتبر دستور الاسلام الاول، وهذا المؤشر الاول على حزب ورئيس حزب يدعي انه اسلامي / شيعي، هذا الشعار جاء بعد ان قام القائد العام للقوات المسلحة وهو رئيس الوزراء بما اطلق عليه “صولة الفرسان”، وهي حملة استهداف بها وبشكل صريح القوى الشعبية المناهضة للاحتلال وبشكل خاص القوى الشيعية وتحديدا التيار الصدري.
وكان الهدف منها استمالة الشارع السني لصالح ائتلافه وكسب رضا الدول العربية وكسر للشوكة التي كانت تقف وبكل قوة امام مشروعه للسيطرة وبناء دكتاتورية جديدة .
ويوجد شعار يرفعه اتباع رئيس حزب الدعوة ويرفع ايضا فوق السيطرات الامنية الى جانب صورة “القائد الضرورة” ، الشعار هو “القانون فوق الكل” ، توجد عدة ملاحظات حول هذا الشعار وما يماثله ، واجد من المناسب مناقشته من جانبين؛
الجانب الاول (صحة هذا الشعار من الناحية الشرعية)
صواب وأحقية الشعار الانف الذكر، حيث ان الشعار يحمل معنى تقديم القانون الوضعي فوق جميع الاعراف والقوانين والتقاليد، ولا يوجد اي شي فوق القانون، حتى وإن كان هذا القانون يخضع للتعديلات والنسخ، فاذا كان فوق الكل، لماذا؟ … وكيف تدخل التعديلات عليه، ثم كيف يكون القانون المكتوب من قبل الانسان المحدود الفكر هو مقدم على القرآن الكريم ، يعني لو احتوى القانون فقرة ينقضها القرآن الكريم ، فان القانون يقدم على القرآن يا دولة القانون ، يا من تدعي الانتماء لحزب اسلامي / شيعي، الا يوجد وضمن النظام الداخلي في هذا الحزب فقرة تؤكد على حاكمية الاسلام والدين لجميع مفاصل الحياة، اذن كيف يكون القانون فوق الكل، وهذا القانون قد اباح فتح بارات الخمر، والمراقص واقامة الحفلات الماجنة ، هل هذا هو الحزب الاسلامي، الشيعي. الذي يقر بتقديم قانون يفتح بارات شرب الخمر يقدمه على القرآن الكريم.
الجانب الثاني (الالتزام بهذا الشعار)
لو فرضنا جدلاً ان هذه الشعارات هي شعارات لا تخرق الدين ولا تضرب مبادئ الاسلام، فعلى اقل تقدير ينبغي لمن يدعي ويرفع هذه الشعارات ويتشدق بها على منابر الدعاية الانتخابية.
وانا اسأل هنا؛ وكم من سأل عن امرا وهو به عليم؛ إن الذي يدعي انه يمثل القانون وان الذي يحمل شعار القانون فوق الجميع ينبغي إن يكون اول من يطبق هذا الشعار، وإن يكون مصداق لما يدعي به.
مثلا عندما يمر شخص مسؤول وبشكل خاص ينتمي الى ائتلاف من يدعي حملة لشعار دولة القانون، فمن الواجب إن يلتزم بالاشارات المرورية اولا وقواعد السير النظامية ثابتة وان يحترم من يشاركه في الشارع ثالثاً.
اروي لكم حادثة تؤكد هذا التحليل والرؤية، في المرات – وهي قليلة- خرجت بسيارتي ومررت بشارع السعدون، طبعا الشارع مزدحم وكالعادة السيارات متوقفة وعلى شكل طوابير، جاء رتل عجلات مصفحة والاتجاه المعاكس(رونك سايد) وبداء باطلاق الصفارات من اجل ان تبتعد السيارات الاخرى( سيارت الفقراء ) والطريف بالامر ان الشارع مزدحم الى اين تذهب السيارات، حيث هربت السيارات الى الطرق الاخرى الفرعية لتتقي شر هذا الرتل من سيارات مصفحة ، على العموم وقفت امام سياراتي (المكرودة) نزل من اولى سيارات الرتل الحكومي احد المسلحين، طبعا لابس مدني وموجهة البندقية نحوي، وهو يزمجر (حرك سياراتك لا احتجزك)، اسالكم بالله ، انا في طريق عمومي (ماشي حسب القانون) والشارع مزدحم (يعني وين اولي) وهذا ابو دولة القانون يهددني بالاحتجاز اذا لم اتحرك من الطريق وهو شاهر سلاحه بوجهي.
هل هذا القانون، وعندما سألت عنه ، قيل انه احد اعضاء البرلمان (الشريف) ومن ائتلاف دولة القانون ، كان ذاهبا الى فندق شيراتون.
ان الذي يحدث واقعا ، اعضاء دولة القانون لا يلتزمون بشعارهم اولا، انهم يخترقون السيطرات بدون تفتيش او خضوع لما يخضع له ابناء الشعب العراقي ، هل ان من ينتمي لحزب رئيس الوزراء هو فوق القانون، هل ان ابناء الشعب العراقي متهمون بالارهاب وتقوم السيطرات الامنية بايقافهم طوابير لساعات ومن ينتمي لحزب رئيس الوزراء شرفاء .
والخروقات كثيرة….والكلام له تتمة …اذا بقيت في الحياة