31 يوليو، 2025 11:15 م

زيارة “بارزاني” لبغداد .. ما بين التحول الإيجابي في العلاقات .. وخطوة نحو بناء تحالف مقرب من “إيران” !

زيارة “بارزاني” لبغداد .. ما بين التحول الإيجابي في العلاقات .. وخطوة نحو بناء تحالف مقرب من “إيران” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعد أكثر من عامين من القطيعة مع العاصمة الاتحادية، “بغداد”، وبعد عام من أزمة الاستفتاء، وصل رئيس الحزب الديمقراطي الكُردستاني، “مسعود بارزاني”، الخميس الماضي، العاصمة العراقية، “بغداد”.

وحظي “بارزاني” باستقبال كبير في “مطار بغداد الدولي”، حيث استقبله رئيس البرلمان، “محمد الحلبوسي”، وزعيم تحالف الفتح، “هادي العامري”، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين، في إشارة رأت فيها، الأطراف المعارضة للزيارة، ملامح اتفاقات أو صفقة يمكن أن تكون على حسابهم.

وينظر المراقبين إلى هذه الزيارة على أنها خطوة جديدة في تحسن العلاقات بين “أربيل” و”بغداد”، بعدما شهدت تدهورًا في أعقاب إجراء الإقليم، الذي يتمتع بحكم ذاتي، استفتاء على الاستقلال، في أيلول/سبتمبر 2017.

وبعد وصوله إلى “بغداد” إلتقى، “بارزاني”، رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، وبحثا الملفات العالقة بين الطرفين التي زادتها أزمة “الاستفتاء الكُردي” خلال شهر أيلول/سبتمبر عام 2017 تعقيدًا، وأهمها المناطق المتنازع عليها؛ وفي مقدمتها “كركوك”، و”قوات البيشمركة” والموازنة المالية.

تعزيز العلاقات وحل المشكلات العالقة..

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع “عبدالمهدي”؛ جدد “مسعود بارزاني” دعمه للحكومة التي يرأسها “عادل عبدالمهدي”، قائلاً إن: “زيارتي إلى بغداد هي من أجل تهنئة أخي وصديق دولة رئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي”.

وأضاف: أننا “نلتزم بالاتفاق، ولكي نتسامى؛ فأنا أناديه بأبي هاشم وهو يناديني بأبي مسرور”.

وتابع “بارزاني” قائلاً: “كان لأبي هاشم دور كبير في صياغة الدستور، وبمواقف كبيرة أخرى”، مردفًا بالقول: “أستبشرنا خيرًا بتوليه منصب رئيس الحكومة العراقية”.

وأكد أيضًا: “على دعمنا الكامل للأخ، الدكتور عادل عبدالمهدي، وسنتواصل في سبيل تعزيز العلاقات والثقة التي كانت موجودة أصلاً، ولحل الإشكالات العالقة”.

مهندس بناء العلاقات..

ومن جانبه؛ وصف “عبدالمهدي”، بارزاني، بأنه: “مهندس كبير في عملية بناء العلاقات، ليس فقط في العراق والمنطقة بل في العالم، ونحن نحمل تاريخًا طويلاً ومشتركًا”.

وأضاف “عبدالمهدي”: “للرئيس برنامج حافل ومكثف للقاء جميع الشخصيات العراقية”، مبينًا أن: “اللقاءات سوف تتكرر في بغداد أو أربيل من أجل حل المشكلات العالقة بين الطرفين”.

مهمة لإستكمال تشكيل الحكومة..

ورأى رئيس تيار الحكمة، “عمار الحكيم”، أن زيارة “بارزاني” إلى “بغداد” مهمة لإستكمال تشكيل الحكومة.

وقال “الحكيم”، في مؤتمر صحافي مشترك مع “بارزاني”، عقب لقائهما بـ”بغداد”: “فخر لنا بإجراء هذه اللقاءات، وهي مهمة لدعم وإستكمال تشكيل الحكومة العراقية”.

فرصة لإيجاد شراكة حقيقية..

كما زار “النجف”، حيث التقى زعيم “التيار الصدري” وراعي كتلة (سائرون)، “مقتدى الصدر”.

وأفاد موقع (بارزاني)؛ بأن “الصدر” وصف، خلال اجتماعهما، زيارته إلى “بغداد” و”النجف”، بـ”المهمة والتاريخية”، مؤكدًا أنها “بداية مهمة وتوجه جديد وإيجابي للعملية السياسية في العراق، ومنع تكرار الأخطاء وبناء حكومة جديدة”.

وأضاف أن: “الجانبين أكدا، خلال الاجتماع، على أن هناك فرصة جديدة متاحة أمام العلاقات بين أربيل وبغداد، وعلى ضرورة العمل على بناء الثقة ومعالجة الخلافات و(إيجاد) شراكة حقيقية”.

من جانبه؛ أفاد “مكتب الصدر” بأن اللقاء “تناول بحث العملية السياسية والأمور التي تهم البلد، وضرورة العمل على تعزيز الاستقرار”.

تحذيرات من عقد صفقات سياسية..

فيما حذرت “الجبهة التُركمانية” من مغبة عقد صفقات سياسية خلال زيارة رئيس إقليم كُردستان، “مسعود بارزاني”، إلى “بغداد”، قائلاً نائب رئيس الجبهة وعضو البرلمان العراقي، “حسن توران”، إن: “موقفنا كتُركمان واضح دائمًا وأبدًا، حيث إن عقد أي صفقة سياسية على حساب مكونات كركوك لن يُكتب لها النجاح من دون إشراك تلك المكونات، وليس فقط التُركمان”، مبينًا أن: “الأطراف السياسية حاولت في الماضي عقد مثل هذه الصفقات، ولكنها فشلت، لأن حل قضية كركوك لا يمكن أن يكون إلا كركوكيًا خالصًا، وهو ما بينه الدستور في المادة 140، أيضًا لجهة أن أي تطبيق لهذه المادة يستند إلى معطيات لا يملك التعامل معها إلا أبناء كركوك من كل القوميات والعرقيات والإثنيات”.

وكشف “توران” عن “تسلم التُركمان رسائل إيجابية بهذا الشأن من قِبل رئيس الجمهورية، برهم صالح، من خلال دعمه الحل الكركوكي عبر الجلوس على مائدة حوار”.

تفتح أبواب جديدة..

تعليقًا على الزيارة؛ قال النائب عن الحزب الديمقراطي الكُردستاني، “بيار طاهر”، أن: “البارزاني زعيم كُردي عراقي؛ وزيارته إلى العاصمة ستفتح أبواب جديدة في العملية السياسية والعلاقات بين بغداد وأربيل”.

مشيرًا إلى أن “هناك قضايا تخص حقوق الكُرد؛ وتشكيل الحكومة؛ وحصة إقليم كُردستان في موازنة العام المقبل، وعندما يطالب البارزاني بها فهو يطالب بحقوق شريحة كبيرة من المجتمع العراقي”.

وبشأن حقيقة وجود اتفاق بين “البارزاني” والقيادات السياسية في “بغداد” بشأن التصويت على مرشحين محددين للكابينة الوزارية المتبقية، قال “طاهر”، إن: “هذه الأخبار غير صحيحة، وهناك من ينشرها لتعكير أجواء الزيارة”.

فرصة ذهبية لتصحيح أخطاء الماضي..

كما أكد عضو الحزب الديمقراطي الكُردستاني، “صالح عمر”، أن زيارة زعيم الحزب، “مسعود بارزاني”، جاءت من أجل دعم الحكومة العراقية، وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين “أربيل” و”بغداد”.

وقال “عمر” إن: “بارزاني ناقش مع القيادات العراقية جميع القضايا الخلافية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، وكان على رأسها ملف المناطق المتنازع عليها وحصة الإقليم من الموازنة”.

وأضاف: “لمسنا تغييرًا واضحًا؛ منذ قدوم عادل عبدالمهدي إلى رئاسة الوزراء، وهناك جدية لحل المشاكل والإشكاليات العالقة، ولكنه يحتاج إلى وقت، بسبب وجود كمية من المشاكل العالقة منذ عقود”.

وأشار إلى أن “هناك شعور بأن هذه الدورة الحالية هي الفرصة الذهبية لتصحيح أخطاء الماضي وتجاوز العقبات، وهذا كله يمكن تطبيقه من خلال الإستناد إلى الدستور”.

رغم وجود بوادر إيجابية.. توجد إشكاليات..

وأوضح عضو البرلمان العراقي السابق عن الحزب نفسه، “ماجد شنكالي”، أن زيارة “مسعود بارزاني” إلى “بغداد”، بأنها: “بداية جيدة لحل المشكلات العالقة، لا سيما أنها تأتي بعد آخر زيارة قام بها إلى بغداد عام 2016″، مبينًا أن: “الكُرد دائمًا يؤكدون ثوابت ثلاثة في تعاملهم مع بغداد، وهي التوازن والتوافق والشراكة الحقيقية في صناعة القرار، وهو ما لم يتوفر حتى الآن”.

وتابع “شنكالي”: “رغم وجود بوادر إيجابية بشأن الزيارة، لكن هناك مشكلات أساسية لا بد من معالجتها، أبرزها الموازنة المالية وقضية البيشمركة والمادة 140 من الدستور”.

نقطة تحول في العلاقة بين “أربيل” و”بغداد”..

وفي نفس السياق؛ أكد الدكتور “إحسان الشمري”، رئيس مركز التفكير السياسي، إن: “هذه الزيارة تمثل، في الواقع، نقطة تحول كبيرة في العلاقة بين أربيل وبغداد، وهي محاولة لدفع العقد والملفات العالقة نحو الحل”، مبينًا أن: “لدى البارزاني مشكلات داخل إقليم كردستان، بينما القوى العراقية في بغداد لا تزال ترى فيه زعيمًا وطنيًا كبيرًا لا يمكن التوصل إلى أي حل من دونه”.

وأشار “الشمري” إلى أن “العلاقة الجيدة بين بارزاني وعبدالمهدي سوف تسهم كثيرًا في تخطي كثير من العقبات”.

لبناء تحالف مقرب من “إيران” !

فيما ذكر تقرير صحافي، أن زيارة “بارزاني” إلى “بغداد”؛ جزء من حراك لبناء تحالف جديد مقرب من “إيران”.

ونقل التقرير عن مصادر سياسية، وصفها بـ”المطلعة”، إن: “أهداف زيارة بارزاني إلى بغداد في هذا الظرف، تتعدى اهتمامه بالحصة الكُردية من موازنة العراق المالية والكابينة الحكومية، إلى بناء تحالف جديد يجمع أطرافًا قريبة من إيران”، حسب ما نقلته صحيفة (العرب).

وبحسب تلك المصادر؛ ربما تحاول “إيران” إحتواء غضب “بارزاني” بسبب خسارة منصب الرئيس، من خلال إشراكه في تحالف سياسي واسع سيكون جاهزًا للإنقضاض على حكومة، “عادل عبدالمهدي”، في حال إستجابت للضغوط الأميركية بشأن إلتزام “العراق” بتنفيذ “عقوبات واشنطن” على “طهران”.

وتنظر “طهران” إلى “بارزاني” بوصفه شريكًا محتملاً في أي ترتيبات تسهم في الإلتفاف على “العقوبات الأميركية”، المفروضة عليها، بسبب نفوذه في “إقليم كُردستان”، الذي يرتبط بحدود طويلة مع “إيران”.

وتشير الطريقة التي اُستقبل بها “بارزاني” في المطار، إلى ما يمكن وصفه بالترتيبات الجديدة في سياق الإصطفاف السياسي في “العراق”..

إحداث تغيرات جوهرية في الخرائط السياسية..

ويشير أحد المراقبين لصحيفة (العرب)؛ إلى أنه في ظل موقف “عبدالمهدي” الرافض لضم “كركوك” إلى “إقليم كُردستان”، فإنه من المتوقع أن ينضم الزعيم الكُردي، “مسعود بارزاني”، إلى المعسكر الموالي لـ”إيران”، الذي بات بحكم الواقع في قبضة “هادي العامري”، الزعيم غير المتوج لـ”الحشد الشعبي”، ما يعني إحداث تغيرات جوهرية في الخرائط السياسية، ذلك أن “الحشد الشعبي” هو المنافس التقليدي للقوات الكُردية، “البيشمركة “، على “كركوك”، التي تُعد السيطرة عليها واحدة من أهم نقاط الخلاف بين “أربيل” و”بغداد”.

وتساءل المراقب: “هل سيضحي التيار الموالي لإيران، بكركوك، مقابل أن ينضم بارزاني إلى المعسكر المناويء للعقوبات الأميركية ؟”، محذرًا من أن التخلي عن “كركوك”، من قِبل بعض الأطراف الحزبية، يمكن أن يشكل سببًا لاندلاع خلافات مع أطراف أخرى؛ لا تزال تتمسك بتبعية تلك المدينة لـ”بغداد”، وهو ما يمكن أن يشكل عبئًا جديدًا على حكومة، “عادل عبدالمهدي”.

انخفاض التوتر مع ولاية “عبدالمهدي”..

وكان “بارزاني”، رئيسًا لإقليم كُردستان العراق، قبل أن يتنحى مع إنتهاء ولايته بعيد الاستفتاء، ويرأس اليوم “الحزب الديمقراطي الكُردستاني”، الذي فاز في أيلول/سبتمبر الماضي، في الانتخابات التشريعية بـ”الإقليم”. وبعد تصويت غالبية سكان “إقليم كُردستان” على الاستقلال، العام الماضي، اعتبرت “بغداد” العملية غير قانونية. وعلى الإثر، إتجهت المدرعات العراقية شمالاً لإستعادة مناطق متنازع عليها مع “أربيل”، لا سيما تلك الغنية بـ”النفط”، وفرضت عقوبات اقتصادية.

ومع تسمية، “عبدالمهدي”، رئيسًا للوزراء، في تشرين أول/أكتوبر 2018، بدا أن التوتر انخفض بين الطرفين. فبعد خسارة “فؤاد حسين”، مرشح “بارزاني” للانتخابات الرئاسية العراقية، عينه “عبدالمهدي” وزيرًا للمالية في حكومته.

وأعلن الجانبان التوصل إلى اتفاق، الأسبوع الماضي، لاستئناف صادرات “نفط كركوك” شمال “بغداد”. وقال “عبدالمهدي”، للصحافيين منذ يومين: “يهمنا جدًا أن تكون العلاقات بين أربيل وبغداد جيدة وسالكة، والحقيقة أننا فعلاً شاهدنا تحسنًا كبيرًا على الأصعد كافة”.

إنهاء الواقع العسكري..

وكان “بارزاني” قد أكد، قبل زيارته إلى “بغداد”، على ضرورة إنهاء الواقع العسكري في “مدينة كركوك”.

وجاءت تعليقات “بارزاني”، أثناء اجتماعه مع كتلة “الحزب الديمقراطي الكُردستاني” في الدورة الخامسة لبرلمان “كُردستان” في “أربيل”، مؤيدة لذلك.

وشدد “بارزاني” على ضرورة إنهاء الواقع العسكري المفروض في الوقت الحالي على “محافظة كركوك” والمناطق المتنازع عليها، واصفًا ذلك بالمرفوض وغير مقبول.

ووفقًا للمادة (140) من الدستور العراقي، الذي أُقر عام 2005، كان يفترض البت في مستقبل “كركوك”، والمناطق المتنازع عليها الأخرى، على ثلاث مراحل تبدأ بالتطبيع ثم الإحصاء، على أن يتبع ذلك استفتاء محلي بشأن عائداتها، إلا أن ذلك لم يُنفذ بسبب الخلافات السياسية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة