فكرة جاءت متأخرة، أوحتها إليّ مشاهدتي لبرنامج تلفزيوني يتناول رؤى الأديان المختلفة حول الموت والمعاد والحياة الأخرى والجزاء، وإلى غير ذلك، وجدت أن يكون مكان إدراجها هنا.
لاهوت التنزيه، عقيدة التنزيه، فلسفة التنزيه، والتي أسميها بالألمانية بـ „Vertadellosungstheologie“، تلتقي على ثمة مساحة مشتركة، مع كلّ أو لا أقل مع جُلّ ما يغايره، سواء المغايَرة على نحو التضادّ، أو المناوأة، أو التناغم، على نحو البعد النسبي، أو على نحو القرب النسبي، من الفلسفات، واللاهوتات، والعقائد. فلطالما أكتشف، غالبا عن طريق الصدفة ثمة مساحة مشتركة. نعم، هناك مساحة مشتركة حتى بين لاهوت التنزيه وبين الإسلام، بوصفه المصداق الأبرز للدين الذي يتنزه الله عنه، حسب لاهوت التنزيه، أو لنقل بينه وبين بعض صور الاجتهاد والفهم والتأويل للإسلام، وهكذا هو الحال فيما يتعلق الأمر ما بينه وبين المسيحية، ما بينه وبين التصوف، ما بينه وبين عقيدة المعتزلة، ما بينه وبين معتقدات إخوان الصفا، ما بينه وبين البهائية، وحتى أو من قبيل الأولى ما بينه وبين الإلحاد أو اللاأدرية، ما بينه وبين فلسفات العديد من الفلاسفة، سواء تلك الفلسفات التي اطلعت عليها بوصفي صاحب لاهوت التنزيه، أو تلك التي لم أعرف عنها شيئا، ولم أطلع حتى على ما اطلعت عليه، إلا بمقدار اللمم الضئيل المتناثر. إذ وجدت مشتركات مع المعتزلة، مع إخوان الصفا، مع سپينوزا، مع كانْت*. لكن يبقى الذي يميز لاهوت التنزيه، أنه لا يدعي اكتشاف الحقيقة المطلقة النهائية، لكن مع اكتشاف ما لا يمثل الحقيقة.
*: الذي يكتبونه (كانط)، ولا أدري أين وجدوا الطاء في الألمانية وفي بقية اللغات الأورپية، وأين وجدوا الصاد، عندما ينقلون كلمات إلى الحروف العربية.