17 نوفمبر، 2024 7:35 م
Search
Close this search box.

الوجود الإيراني الأمريكي في العراق بات مصدراً لإثارة الصراع

الوجود الإيراني الأمريكي في العراق بات مصدراً لإثارة الصراع

تأنيت كثيرا قبل إن اكتب هذا المقال بعد مرور ( 15 ) عاماً على احتلال العراق , وسير الوضع العام في هذا البلد . من سئ إلى الاسوء ولم يتحقق الجديد للعراقيين , غير الهم والانفلات الأمني وزيادة البطالة وعدم تحقيق أمنيات العراقيين , قليلون هم الذين توقفوا عند الأرقام الحقيقية المخيفة , حول عدد الشهداء في العراق الجديد , نتيجة للاحتلال الأمريكي عام ( 2003 ) بينما التزم الكثير من المثقفين و السياسيين العراقيين .
الذين أيدوا وساندوا الغزو الصمت المطبق وكأن هؤلاء الذين قتلوا, وفاق عددهم مليوني شخص ،
ليسوا من أبناء جلدتهم ناهيك عن كونهم بشراً عرباً ومسلمين , هذا الرقم مرعب بكل المقاييس ، لأنه يعني إن واحداً من كل ثلاثون عراقياٌ قد قتل ، إي ما يعادل ( 4.5 ) في المائة من أبناء العراق , وإذا قدرنا عدد ألجرحي بأربعة إضعاف هذا الرقم على اقل تقدير فان الصورة تبدو مأساوية , تخيلوا لو قتل ( 4.5 ) في المائة من الشعب الأمريكي إي ( 14.5 ) مليون شخص ، أو النسبة نفسها من الشعب البريطاني إي مليوني وربع المليون , ولعل ما هو اخطر من نتائج هذه الدراسة وأرقامها استمرار عمليات القتل بمعدلات يومية , تقترب من مئتي شخص , فقد أحصي أكثر من ( 4500 ) جثة في مشارح مستشفيات بغداد وحدها خلال عام ( 2006 ) ما يجري في العراق اليوم حرب إبادة تخوضها الحكومتان الأمريكية والإيرانية وبعض المتعاونين معهما من العراقيين لإفناء الشعب العراقي ، وتدمير بلاده بالكامل ، وتقطيع أوصالها ، حتى لا تقوم للعراق قائمة لعدة قرون قادمة , وحتى نقرب الصورة أكثر لفهم إبعادها ، نذكر بان عدد الشهداء من العراقيين من جراء هذا الغزو الأمريكي الوحشي يبلغ ضعفي نظرائهم اليابانيين الذين سقطوا ضحايا قنبلتي ناغازاكي وهيروشيما النوويتين في نهاية الحرب العالمية الثانية ، الفارق يكمن في تعاطف العالم مع الضحايا اليابانيين ، وغياب إي تعاطف مع الأشقاء العراقيين حتى من قبل بعض أبناء جلدتهم ، من العراقيين والعرب في الحكومة العراقية والحكومات العربية , الرئيس الأمريكي الاسبق جورج بوش الابن المسؤول الأول لهذه الحرب سارع إلى التشكيك بمثل هذه الأرقام ، ومصداقية المجموعة البحثية التي عكفت على إعدادها ، وخاطرت بأرواحها وسلامتها ، عندما زارت أكثر من إلفي أسرة عراقية في طول البلاد وعرضها ، وكأن هؤلاء ينتمون إلى جامعة عربية من الدرجة العاشرة ، وليس لجامعة جون هوبكنز الأمريكية المحترمة التي تعتبر واحدة من أهم عشر جامعات على مستوي العالم بأسره , فإذا كان الرئيس الأمريكي الاسبق بوش الابن يشكك بنتائج هذه الدراسة ، ويري مبالغة فيها ، ويتمسك برقم عدد من القتلى ، فليفسر لنا أسباب عدم إجراء حكومة بلاده إحصاءات دقيقة لعدد الشهداء العراقيين ، وهي التي توثق ، بدقة متناهية ، إعداد وأسماء القتلى والجرحى الأمريكيين بشكل دوري , نحن نعرف هذه الأسباب جيداً ، فالعراقيون ، وكل العرب والمسلمين الآخرين ، لا يعتبرون بشراً في نظر الإدارة الأمريكية الحالية ،وحتى إذا اعتبروا بشراً في نظرها ، فإنهم من درجة متدنية كثيراً بالمقارنة مع نظرائهم الأمريكيين والغربيين , لا احد يريد في هذه الإدارة ، أو المتواطئين مع عدوانها ، خاصة من العراقيين والعرب ، إن يعترف بالنتائج الكارثية التي تحدث حالياً في العراق ، حتى لا يقال إن العراق في زمن الرئيس العراقي صدام حسين كان أفضل كثيراً مما هو عليه الحال الآن , فهؤلاء على استعداد إن يذبح الشعب العراقي بأسره على أن يتم الاعتراف بهذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس , ومن المؤسف إن كل شخص ، خاصة من المعسكر العربي الرافض أساسا لهذه الحرب ، يحاول إن يصرخ مذكراً بالوضع الآمن والمستقر الذي كان عليه العراق قبل الغزو والاحتلال ، رغم الحصار ألتجويعي ، يتهم فوراً بأنه عميل للديكتاتورية ، ومساند للمقابر الجماعية ، وهي اتهامات إرهابية أخرست الكثيرين على مدى الأعوام الماضية , دلونا علي مقبرة جماعية واحدة مثل تلك المقبرة الجماعية التي ارتكبتها أمريكا وحلفاؤها في العراق وبلغ ضحاياها حتى الآن أكثر من مليوني إنسان عراقي بريء , أو المقبرة السابقة التي ضمت رفات مليون ونصف المليون عراقي سقطوا نتيجة الحصار الظالم وغير الإنساني والقانوني الذي فرض تحت أكذوبة كبري اسمها أسلحة الدمار الشامل ثبت بالأدلة القاطعة , وتقارير الكونغرس نفسه بطلانها , لقوات الأمريكية لم تعد قادرة على حماية سفارتها في العراق ، فكيف ستحمى الشعب العراقي الذي تعتبر حمايته ، وأمنه ، من مسؤوليتها بمقتضي اتفاقية جنيف الرابعة ! الوجود الإيراني الأمريكي في العراق بات مصدراً لإثارة الصراع ، ومنع إي أمل بالاستقرار وإذكاء نار الحرب الأهلية الطائفية , حسب أقوال 90% من العراقيين في استطلاع أجراه قسم العلوم السياسية في جامعة ميريلاند الأمريكية , ومع ذلك يصر الرئيس الأمريكي على استمرار بقاء عدد من القوات الأمريكية قرب السفارة الأمريكية , ويرى إن العراق والعالم باتا في أفضل حال وأكثر أمانا , الدراسة نفسها قالت إن 95% من العراقيين يريدون انسحاباً أمريكيا كاملا , العالم يقف حالياً كشاهد زور إمام حرب الإبادة التي تستهدف أبناء الشعب العراقي ، وربما يفعل الشيء نفسه إمام حرب أخرى مماثلة تستهدف إيران , فالأساطيل الحربية الأمريكية تتدفق إلى الخليج وبحر العرب ، والمناورات العسكرية بدأت ، والعد التنازلي لتدمير بلد آخر , وربما المنطقة بأسرها نتيجة له ، قد بدأ أيضا , فليس من قبيل الصدفة إن تشكل السيد وزير خارجية أمريكا تحالف المعتدلين من ست دول خليجية , علاوة على مصر والأردن , العرب والمسلمون يريدون الحرية فعلاً ، ولكن الحرية من أمريكا وتدخلاتها في شؤونهم بمثل هذه الطرق الدموية.

أحدث المقالات