23 نوفمبر، 2024 10:50 ص
Search
Close this search box.

قراءة في أسباب وخلفيات تدهور العلاقة بين أهل الانبار والمالكي ..!!

قراءة في أسباب وخلفيات تدهور العلاقة بين أهل الانبار والمالكي ..!!

يستغرب الكثير من المحللين والمتابعين للشأن العراقي  (خسارة ) المالكي لـ ( رصيد ) كان يتمتع به بين أهل الانبار في عام الفين وإثني عشر وما قبلها بقليل، لكنه خسر آخر هذا الرصيد قبيل نهاية العام الماضي ، وإتسع نطاق ( خسارة الرصيد ) بداية  هذا العام ، وحدث ما يمكن ان نسميه في علم السياسة بـ ( معركة كسر العظم) التي إنتهت بـ ( الطلاق) بين المالكي وأهل الانبار، ومن ثم أمتدت هذه ( الخسارة ) الى محافظات صلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك واجزاء كبيرة من بغداد ومحافظات أخرى ، راحت تسحب تأييدها له ، ولم يتبق للمالكي من رصيد حتى داخل التحالف الوطني الذي ينتمي اليه، سوى ( بعض ) من أنصاره من دولة القانون وحزب الدعوة وقواته العسكرية.
كان أهل الانبار يعولون على أن شعار ( دولة القانون ) قد يكون معقولا وينتشل البلد من أزمته، وأقام رجالات وشيوخ عشائر الانبار علاقة متينة ورصينة مع المالكي علها توصلهم الى مبتغاهم في ان يتم انتشال العراق من ازماته الخانقة وقد وصلت أحوال البلد في اعوام الفين وستة وألفين وسبعة الى احوال لاتسر ، وراحت البلاد تسير نحو الفوضى والتدهور، ولكن ( الاجواء الايجابية ) بين أهل الانبار والمالكي لم تكد تنقضي عليها عام او أقل حتى حدثت التوترات في هذه العلاقة ، الى ان انتهت بالشكل ( التراجيدي ) الذي انتهت اليه، وتم قطع ( حبال الود )  بين الطرفين بعد ان خاض المالكي سلسلة ( تسقيطات ) لقادة سياسيين من أهل الانبار وراح يمعن في ايذاء ابنائهم ويعرضهم الى مختلف الإنتهاكات وإبعادهم عن واجهة الاحداث،بإختلاق مختلف التهم والتبريرات غير المنطقية وينكل بسياسييهم الواحد بعد الآخر في مسلسل استهداف رهيب ، وفتح ( ملفات )  كان قد أعدها لهم عبر أجهزته أو تم ( تضليله ) بـ ( فبركات ) و( إنتزاع اعترافات ) من قبل أجهزة وعن طريق أشخاص قريبين من رجالات سلطة في محاولة لتشويه سمعة كبار القيادات المحسوبة على أهل الانبار ، تم اعدادها من جهات معينة لاتريد لهذه العلاقة أن تستمر ، وأدرك اهل الانبار انه ليس بالامكان ابقاء العلاقة مع المالكي على هذه الشاكلة من الود ، مادام هو من بادر الى تخريب أسس هذه العلاقة وحطم جدرانها ، ولم تجد دعوات أهل الانبار وشيوخها أذانا صاغية لدى المالكي لإصلاح ذات البين بين الطرفين ، وانتهت بالشكل المأساوي الذي وصلت اليه ، وشن أهل الانبار ( حملة شعواء )  ضد المالكي أحرجته محليا وإقليميا ودوليا ، عبر تظاهرات واعتصامات واسعة، رددت شعارات معادية له ، ووقفت بوجه محاولاته لإستهداف مكون كبير له شأن لايستهان به في أية سلطة للدولة ، وخسر بالتالي من رصيده الكثير ، وراح يمعن في تقليل رصيده بأن فتح معركة مع الاكراد إنتهت هي الاخرى بأزمات ونكسات سياسية انقلبت وبالا على العراق وعلى المالكي نفسه ، وحتى العلاقة مع التحالف الوطني وصلت الى أسوأ عهودها، وهو ما لم يكن يتمناه أهل الانبار للمالكي ، فحتى من يقف ضدهم، يعملون على ( إعادة حبال الوصل ) إن كان في الإمكان إصلاح الحال، ولا يدري العراقيون الحال الذي ستبلغه الأحوال في العراق اذا ما إستمرت الاوضاع على هذه الشاكلة من التدهور بين المالكي وشعبه، وبخاصة انه ما زال يحلم بـ ( ولاية ثالثة) كان يمكن ان يحصل عليها لو أصلح خيوط العلاقة مع أهل الانبار وكبار رجالها وشيوخها المخضرمين، ولكن هذا لم يحدث.
كان أكبر رصيد حصل عليه المالكي يوم وقف ضد محاولات إستهداف كركوك، أو إستقطاع أجزاء من أرض العراق لإقليم كردستان العراق،ووقف معه كل أهل الانبار ونينوى ومحافظات أخرى كانت تناصبه العداء او لنقل حالة من عدم الثقة والتجافي والابتعاد ، وساندت المالكي  في خطوته هذه ، ولكن أوج هذا الـتأييد كان يوم شن المالكي حملته ضد الميليشيات ، ما عدها أهل الانبار في وقتها ( مبادرة ) تستحق التأييد لان احياء أهاليهم في بغداد تعرضت لتهديد خطير من ميليشيات مسلحة اضطرت الالاف منهن الى ترك احيائهم وقتل الكثيرون في مواجهات طائفية، وحدث الذي حدث بعد استهداف الامامين علي الهادي وحسن العسكري عليهما السلام ، من حرب طائفية شعواء، تحولت فيها بغداد الى مكان للموت وللجريمة وتحولت شوارعها الى أشباح ، وراح يسرح فيها كل ما هو خارج عن القانون ويتعارض مع الاخلاق والضمير الانساني، وتعرضت احياء في بغداد الى انتهاك كرامة ابنائها وهدر لدماء الالاف منهم واعتداء على مساجدهم ودورهم ، في مواجهات طائفية ، حولت الحياة في احيائهم الى جحيم لايطاق.
وقد شجع تدهور العلاقة بين أهل الانبار والمالكي كما ذكرنا سلسلة استهدافات لشخصيات بارزة من اهل الانبار ، كانوا يشاركون المالكي قيادة البلد ، وكان هذا الاستهداف دونما مسوغ قانوني، كان المالكي يريد ان يبقى هو ( المنازع الوحيد ) في الساحة يصفي الشركاء وخصومه الواحد بعد الاخر، ممن اعترضوا على بعض سياساته أو إختلفوا معه على المنهج، ولكن المعركة اشتد وطيسها وتوسع نطاق الاستهداف ضد رموز الانبار التي تشاركه الحكم وبقية المحافظات ، وكانت ( ثورة ) اهل الانبار في تظاهراتهم واعتصاماتهم المعروفة قد حاولت إيقاف حملة إستهداف المالكي لرجالات الانبار، وسعت  لوضع حد لتطاوله على رجالاتهم ومطارتهم الواحد بعد الاخر، في مسلسل لايوجد له مبرر لاختلاق عداوات من هذا النوع، وربما كانت قضية رافع العيساوي (القشة التي قصمت ظهر البعير ) ووضعت ( نهاية ) العلاقة بين الانبار والمالكي ، ووصلت احوال هذه العلاقة الى أسوا ايامها ولياليها ، وكان قد شن حملة اعتقالات واعدامات ، طالت الكثير من اهل الانبار وبقية المحافظات وإستمر في حرمان عشرات الالاف من رجال الدولة السابقين عشر سنوات من حقوقهم الوظيفية دونما مبرر منطقي ، وحتى بعد اعلان إحالتهم على التقاعد فلم يحصل احد منهم لحد الان على أية حقوق تقاعدية ، ويبدو أنها ( حيلة ) أراد من خلالها ( خداع ) أهل الانبار بأنه استجاب لطلباتهم ، ولكن اكتشف الكثيرون ان ( الاحالة على التقاعد ) هي تفريغ لشحنات المتظاهرين ليس إلا، لأنه لم  تتم أحالة أي واحد من عشرات الالاف الذين اعلن عنهم حتى الان على التقاعد الفعلي ، وبقيت أضابيرهم في رفوف النسيان في دائرة التقاعد ببغداد، دونما انجاز حقيقي لمعاملاتهم ، ما يعني ان ( الإعلان ) عن منحهم حقوقهم التقاعدية ( تسويف ) للمطالب ، وخسر المالكي بقية رصيده السياسي، عندما اوصل العلاقة مع اهل الانبار والاكراد معا الى مستوى لايحسد عليه، وهو الان في أسوأ مراحل العلاقة مع قطاعات عراقية خسرها المالكي دونما مبرر، حتى انه من المستبعد اصلاح بعض جوانبها او ترقيع الانهيارات التي حصلت او ايقاف مسلسل تدهورها، ما شكل انتكاسة ليس لاهل الانبار وبقية المحافظات بل للماكي نفسه الذي وجد نفسه الان في ( عزلة ) سياسية لايحسد عليها.
وهناك حقيقة ينبغي أن يدركها كل سياسي يتقلد منصبا رفيعا في قيادة الدولة والمجتمع في العراق، أن من لايقيم علاقة ودية مع أهل الانبار فلن يكون له مستقبلا سياسيا، ويخسر تأييد الآخرين ممن يقتربون مع أهالي الانبار في النظرة والتوجه والانتماء، ومن يريد أن يخسر سمعته السياسية، يقطع ( حبال الود ) مع أهل الانبار فهم ( بيضة الميزان ) التي تعيد التوازن الى المعادلة العراقية وبدونهم لايستقيم العدل أو تقام ( دولة المواطنة ) فلديهم من الخبرات والامكانات والقوة المعنوية وعظم المكانة ما يعطي لهم هذه الأرجحية، ومن يتجاهل كل هذه الاعتبارات  أو يحاول القفز عليهم، فلن يكون لديه ( حظوة ) عندهم، وكان أهالي الانبار يتمنون لو ان المالكي حسن علاقته بهم، قبل هذه الأزمة أو تدراكها قبل أن تنفلت ، وأحسن التعامل معهم، ولم يكن لديهم ( خصومة ) مع المالكي رغم بعض حالات التعامل غير الودية معهم ، ومع قياديين وموظفي دولة محسوبين على أهل الانبار ، ورغم انهم يعرفون ان فرض المالكي رئيسا للوزراء ، هو شرط أميركي ، ضمن الشروط التي فرضتها الولايات المتحدة لمن يتقلد هذا المنصب،  أن يكون من هذا المكون ، الا انه لم تكن لديها الرغبة في مناصبة المالكي العداء، فهم يتمنون أن يتولاه أي عراقي شرط ان يكون عادلا ، ولا يفرق بين ابناء شعبه، ولو أحسن التعامل مع رجالات الانبار وشيوخها ، وأستجاب لطلبات اهلها ، لكانت العلاقة ليست على هذا الشكل من التدهور، ولكن الوقت مضى ، ولم يعد بإمكان المالكي ( ترقيع  الفتق ) الذي احدثه في شرخ العلاقة، ما يحول دون إصلاح الأحوال بينه وبين أهل الانبار، حتى لو عبد طريقهم من ذهب، وفرش لهم الطريق بالورود، لأن ( ثقة ) أهل الانبار في المالكي ( إهتزت ) تماما، وذهبت ( أيام الوصل ) وقد تقطعت آخر خيوطها، ولم يعد بالإمكان إصلاح ما أفسده الدهر، وأصبح كل حديث عن إحتمال عودة أواصر ( علاقة ) من نوع ما مع المالكي ، من قبيل المستحيلات!

أحدث المقالات

أحدث المقالات