23 ديسمبر، 2024 11:27 ص

ومن الحب .. ما قتل!!

ومن الحب .. ما قتل!!

أبلغ عزيزًا فى ثنايا القلب منزله أني وإن كنت لا ألقاه ألقاه

وإن طرفي موصول برؤيته وإن تباعد عن سكناي سكناه

يا ليته يعلم أني لست أذكره وكيف أذكره إذ لست أنساه

يا من توهم أني لست أذكره والله يعلم أني لست أنساه

إن غاب عني فالروح مسكنه من يسكن الروح كيف القلب ينساه”

هذه الأبيات قالها الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي، يوم لم تكن هناك وزارة للثقافة ولا اتحاد للادباء او نقابة للصحفيين ، بل كان الشاعر هو لسان حال القبيلة أو الإمارة والناطق بإسمها ، وكان المتنبي يحلم بأن يضمه سيف الدولة الحمداني الى (كابينته الوزارية) ، بل تعدت طموحاته بعدها ، وحلم بتولي الامارة ، وهو الذي عانى من الصراع المحتدم مع منافسيه من بقية الشعراء ، وباقي رجالات السلطة وقادة الكتل السياسية حيث بقي (مستقلا) وهو الذي كان يحلم بإقامة (دولة مدنية)، ولم ينضم المتنبي في وقتها الى أي (تحالف سياسي) ، ووجد فيها الشعراء والحساد فرصتهم للانتقام منه كلما سنحت لهم الفرصة عند سيف الدولة الحمداني ، وهو المعروف عنه بأنه تبنى (النبوة) وهو القائل : أنا الذي نظر الأعمى الى أدبي ..وأسمعت كلماتي من به صمم ..أنام ملء جفوني عن شواردها.. وينبري الخلق جراها ويختصم……وكان المتنبي يخشى أن يقيله سيف الدولة نفسه من منصبه كونه (المقرب منه) ، وربما يحيله الى (المحكمة الجنائية الخاصة) بتهمة (الخيانة العظمى) أو الانضمام الى احدى التنظيمات الارهابية !!

وكان الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي قد هام في غرام (خولة) وهي شقيقة سيف الدولة الحمداني ،وهي من بنات الشام المعروفات بفاتنات الجمال (الحارق الخارق) ، وكأنهن (فرط الرمان) كما يقال ، من حيث حمرة الخدود ، وكمال أجسامهن ، وما أضفى الباري عليهن من سحر خلاب يصرع القلوب والافئدة ويحيلها الى أشلاء ممزقة ،لاقوام لمن يقع في غرامهن ، أن يكون بمقدوره الوقوف على قدميه، ، ووصل ولع المتنبي بحب (خولة) حد الجنون ، الا أن سفره الى ايران ووفاته الغامضة هناك حال دون أن يحقق أمله بالظفر بمعشوقته (خولة) ، ولا يعرف محللو ذلك الزمان إن كانت وفاته (موتا طبيعيا) ، أم أنه تعرض الى المصير الذي تعرض له المعارض السعودي (جمال خاشقجي) في قنصلية بلاده في إسطنبول، الا ان (جثة) المتنبي قد تم جلبها الى مدينة الكوت، كما يبدو ، وله فيها قبر هناك ، في وقت كان مصير أغلب عشاق العرب قد فارقوا أقدارهم على تلك الشاكلة المأساوية ، وبقيت قصصهم محل اهتمام صفحات التاريخ ،ولم تتحقق أمنياتهم بان يظفروا بحبيباتهم ، كما أن أمانيهم بتولي كرسي الامارة أو السلطة قد بقي على مر الأزمان ، في خبر كان !!