23 ديسمبر، 2024 9:19 م

خبر عاجل لازالَ الناس يتناقلون حديثه بشكل مستمر ومنذ أيام : أن غراباً أنيقاً منظره ناصعاً بياضه قاتماً سواده وقف على منارة إحدى مساجد المدينة وراح ينعب بشدة ملفتة للنظر ولكن لا أحد يهتم بهذا النعيب حتى وصل الحال بهذا الغراب أن صاح بأعلى صوته وبلغة أهل المدينة :
هل أصابكم الصمم ؟ أم جبلتم على اللامبالاة ألا تسمعون غيركم ؟ إنكم فرحون بأنفسكم تباً لكم يا متغطرسين .
هنا بهت الجميع وتوقفوا عن اعمالهم بالكامل وكأنهم شلوا تماماً عن الحركة وراح بعضم يقول لبعض :
اسمعوا هذا الغراب ، أنه يتكلم ويطلب منكم ان تسمعوه  فأسمعوه إنه يحتج على عدم سماعه من قبلكم، صاح احدهم:
تفضل … تكلم ايها الغراب … يا طالع السوء , يا جالب الأحزان والغربة.
ضحك الغراب بسخرية ثم قال : أنا طالع السوء؟ أنا جالب الأحزان والنحس ؟ اسألكم فأجيبوا من القاتل لأخيه ؟ ! من الحاسد ؟ ! من صاحب النميمة ؟ ! من المتحايل ؟ ! من السارق لقوت أخيه ؟ ! أنا أم انتم ؟ ! أليس هذه الصفات هي التي تجلب السوء والحزن والألم لكم ؟
فما علاقتي بآلامكم وأحزانكم ؟! هل يجيبني أحد منكم ؟
هنا صاح واحد من الناس : ايها الغراب … كفى … كفى… نحن لسنا من أطلق عليك صفات السوء وانما سمعنا هذا عن أجدادنا وسرنا على ما قالوا.
قال الغراب.. أليس أنتم نسل اجدادكم فانتم وهم نوع واحد مع فارق واحد هو ان اجدادكم كانوا أهدأ منكم مع أنهم يعيشون نفس تفكيركم.
صاح به الرجل : صه ياغراب البين انت الشؤم بعينه وأنت الحزن والألم. قال الغراب : هيهات .. هيهات .. أن تبدلوا طباعكم… وتغيروا تفكيركم لأنكم ومنذ جدكم قابيل جبلتم عليها فطبيعتكم ، القتل والظلم والدمارستستمرون على هذا حتى تأكلوا أنفسكم وغيركم إنكم مجانين مهووسون بالظلم وسفك الدماء … .
هنا إشتد غضب أهل المدينة وراحوا يرجمون الغراب بكل ما نالته أيديهم ويلعنونه ، وعلا بينهم اللغط والهرج وطلبوا قتل هذا الغراب المشؤوم … .
هنا صفق الغراب بجناحيه فرحاً معبراً عن إنتصاره عليهم قائلاً : ها انتم نسيتم أني احتمي بمرتفع  إحدى المواقع المقدسة عندكم نسيتم تقديسكم لها ورحتم ترجمونني وإياها بما تناله أيديكم وها انتم تتحرك فيكم وبسرعة غريزة القتل وتنادون بقتلي وها هو الجنون الإجرامي ينتابكم بسرعة مذهلة أنتم تمثلون على أنفسكم وعلى غيركم حينما تتظاهرون بايمانكم بالله وبمقدساته فظاهركم غير باطنكم يا بني الإنسان حاولوا أن تنظفوا قلوبكم وانفسكم من الأدران لكي تحيط بكم رحمة الخالق وإلا فالموت والدمار ضيفكم الدائم وستغرقكم أنهار الدماء …
بعدها طار الغراب وهو يعبر عن أسفه للفعل الشائن الذي اصبح ثوب الإنسان وهو يقول : تباً لكم ( إن اللهُ لايُغيرُ ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفُسِهم)

Faheem-dk [email protected]