نعم هذا هو عراق الحروب والحصارات والعقد القومية والطائفية والفساد والمراهقة السياسية. فقد إنتشرت فيه الأوبئة والأمراض القاتلة، بينما قادته يتنازعون المناصب والمكاسب، ويسرقون ويفجرون، ولايحركون ساكنا لمعالجة الفوضى وآثار الخراب.
لم أجد ابلغ من الرسالة التي كتبها الدكتور هاتف الركابي المستشار في البرلمان العراق ناشد فيها الحكومة فعل شيء لوقف عجلة الموت وهذا نصها.
عقد مؤتمر دولي في استوكهولم ، تناول فداحة الأمر المخيف والمرعب في البيئة العراقية نتيجة التلوث الحاصل مابعد ٢٠٠٣. . فقد إنتابني شعور مؤلم لما طرح من حقائق وبيانات جعلني أبحث في ذلك ، فبدأت في وزارة الصحة ، وإلتقيت الدكتورة سعاد المهداوي في مدينة الطب ، أكدت لي حقيقة مخيفة بأن المخلفات الصحية من الأدوية ومواد معالجة الأمراض السرطانية والأطراف من الأذرع والسيقان المبتورة والمصابة ترمى في مياه نهر دجلة لعدم توفر مطامر صحية مختصة، وإن هناك مخلفات ونفايات وأدوية تحرق في محارق فتسبب إنتشار مادة ( الدايوكسين ) المسرطنة في الهواء. إنتقلت الى الدائرة الفنية في هيأة البيئة وإلتقيت بالمدير العام ومعاونه وأكدا حجم الكارثة البيئية مقابل سكوت الدولة ، وأشارا الى أن السلطات الكويتية تعمدت عن طريق سماسرتها في العراق بيع الأسرة ذات الحميات السرطانية بدلا من طمرها في أراضيها ، ثم بيعت في جنوب العراق وإنهم تدخلوا بعد مناشدة الحكومة المحلية في محافظة ذي قار ، إلا إن الأخيرة كانت غير آبهة بمنع السماسرة ما أدى الى إنتشار الأمراض السرطانية وسرطان الثدي لدى النساء في ذي قار تحديدا ما كنت مضطرا الى السفر الى الناصرية فالتقيت مدير الصحة الذي أكد كل الحديث ،، بعدها انتقلت الى أمانة بغداد ، وإلتقيت الوكيل الذي بدا لي غير مكترث للأمر ، فالتقيت الدكتورة ثورة الجميلي مدير عام دائرة البيئة في الأمانة التي تكلمت بحزن كبير عن حجم المأساة وأشارت الى إن مياه نهر دجلة أصبحت مسرطنة وحتى الأسماك تحتوي على أمراض سرطانية ، وإن المطعم التركي في السنك والمبنى المجاور لوزارة التخطيط مايزالان مليئان باليورانيوم المنضب ، وهناك بنايات أخرى ضربت باليورانيوم فتم نقل الحديد الى كردستان، وتمت إعادة تصنيعه الى حديد تسليح بناء ما سبب أمراضا سرطانية وتشوهات خلقية وذات رئة وإسقاطات وإجهاض عند النساء وقلة الإنجاب والعقم ، ثم طلبت مني مرافقتها للإطلاع على مأساة طمر النفايات في شرق العاصمة ، ثم انتقلت الى وزارة العلوم والتكنولوجيا وإلتقيت البروفيسور ( منجد النائب ) الذي تكلم وسالت دموعه ، من تجاهل سلطات الدولة رغم مناشداته المتكررة، وأكد بأن مدن العراق لاسيما الجنوب قد ضربت باليورانيوم مرات عديدة، ولم تتم معالجتها ، وإن الأمريكان قد طمروا مخلفاتهم الخطرة والفتاكة في صحراء العراق والتي ستبعث السرطان في المستقبل ، وحذر من عدم الاقتراب منها فإن بقيت لايمكن ان يولد طفل بشكل كامل، وأكد ان الاعتدة التي صنعت من اليورانيوم المنضب ( du ) التي إلقيت على العراق عام ٢٠٠٣ كانت بمقدار ١٧٥٠ طن بما يعادل ٤٠٠٠ قنبلة نووية مشابهة للقنبلة التي ألقيت على ولاية ناكازاكي اليابانية،، ثم إلتقيت الخبير في الأمم المتحدة ( هاري شارما ) الذي أكد صحة الكلام مشيرا الى إن مخلفات اليورانيوم ستختلط مع التربة والمياة الجوفية وتنتقل الى النباتات ومياه الشرب.
الدراسة قدمتها الى السلطتين التشريعية والتنفيذية وطالبت بمقاضاة الولايات المتحدة وحلفاؤها دوليا بازالة المخلفات ومقاضاة الكويت بما فعلوه ، ولكن لم أجد صوتا، او مجيبا، وكنت مضطرا لإرسال الدراسة الى منظمة ويستمنستر الدولية، ثم طلبوا مني رفع دعوى أمام محكمة لاهاي ، والآن أنا بصدد إعداد لائحة الدعوى.