على حين غرة وخلافا للتوقعات، إختارت الكتل السياسية السيد عادل عبد المهدي عريسا تزفه على رئاسة الوزراء، وتكلفه بإختيار حكومة تختلف عن سابقاتها من الحكومات العراقية.
بعد شهر من تكليفه بتشكيل الكابينة الحكومية عرض بضاعته أمام البرلمان العراقي الذي تفاجأ بالأسماء المطروحة لتولي الحقائب الوزارية، فكان نتيجة ذلك أن حصل 14 وزيرا على الثقة، من أصل 22 شخصية إعتلت مسرح البرلمان.
مهمات صعبة؛ يجب على حكومة عبد المهدي القيام بها في المرحلة المقبلة، إذا ما حاولت الإستمرار بإدارة دفة الحكم، تحت ضغط الجماهير التي أرهقتها الوعود الكاذبة، والصيف القادم سيحدد ما إذا كانت الحكومة تستمر أم لا.
ملف الخدمات يجب أن يحتل الصدارة في أولويات الحكومة الجديدة، فالبنى التحتية لجميع المدن العراقية شبه كمنهارة، أما بفعل العمليات العسكرية ضد داعش في السنوات السابقة، أو بفعل الإهمال الذي طالها بسبب نقص التخصيصات، ومما يثير الضحك أننا في دولة مثل العراق بإمكاناتها المادية الكبيرة، يخرج العراقيون مطالبين بتوفير الكهرباء والماء الصالح للشرب !.
لا شك إن من تسبب بتعطيل الخدمات وإنهيار البنى التحتية، هو إستشراء الفساد المالي والإداري في مفاصل الدولة، وعدم محاربة كبار الفاسدين الذين أسسوا دولة عميقة، صارت تمسك بمفاصل الدولة المالية والإدارية وشل حركة الجهاز الإداري، فإذا ما أرادت حكومة عبد المهدي النجاح، يجب أن تضرب بيد من حديد على رؤوس المفسدين، وتغير هرم المنظومة الإدارية التي تسيطر على مؤسسات الدولة.
نتيجة لما دار على الأراضي العراقية من صراعات إقليمية وطائفية، دخل داعش الى العراق ووصل الى أطراف بغداد، مما أدى الى إنفجار الأوضاع الأمنية، وتشكلت فصائل ومليشيات مسلحة، ما زال بعضها يرفض الانصياع الى إرادة الحكومة، سببت كثيرا من الأزمات الداخلية والإنفلات الأمني، ومثلت تهديدات حقيقية للسلم المجتمعي وسلطة القانون، وهو ما يمثل تحديا حقيقيا للحكومة الجديدة.
تداعيات ومشاكل إقتصادية هددت وحدة العراق، نتيجة غياب البرنامج الاقتصادي للحكومة، وتحوله الى صفقات مشبوهة في الغرف السرية، مما هدد وحدة العراق، فالصراع على الثروات النفطية مع الإقليم جعله يتخذ إجراءات وصلت الى الإنفصال، ومشاكل تقسيم الثروة مع المحافظات الشمالية أدخل الإرهاب الى العراق، وغياب التوزيع العادل للثروات في المحافظات الجنوبية، جعلها تثور الى الحد الذي كادت تحرق البلاد.
على الحكومة الجديدة أن تسرع بوضع برنامج إقتصادي وخدمي يراعي التوزيع العادل للثروة، ويوفر فرص العمل لشرائح العاطلين، ويصنع البسمة على جباه الفقراء المنتظرين أنتشالهم من مستنقع الفقر، ويضمن وحدة العراق التي تهتز عند مرور كل عاصفة سياسية سوداء.