يعتبر العراقيون شارع المتنبي رمزاً للثقافه ومزاراً لطالبي الثقافه وتجمعاً للمثقفين في ايام الجمعه ولكن هل حقاً شارع المتنبي هو سوق عكاظ بغداد ومربد العاصمة ومدرسة ترفدنا بالثقافه ؟
المدخل الرئيس للشارع من جهة شارع الرشيد وهو المدخل الذي سلكه رئيس الجمهورية الحالي قبل ايام لايصال رسالة مفادها انه داعم للثقافه ونصير للمثقفين وكنت اتوقع منه ثورة ادارية وإجتماع طاريء مع امانة العاصمه وسلسلة اجراءات مشدده تعيد للشارع هيبته والقه التأريخي ! لماذا ؟ هذا ماستعرفه لاحقاً
المدخل المؤدي للشارع في غاية البؤس ابنية متهالكه وطريق مكسر ومياه صرف وسواقي تصريف حفرت في نهر الطريق ، محلات فقدت رونقها واكشاك وبسطات اكلت ثلثي الطريق ، صريخ مزعج وصياح الباعه وكأنك في مزاد لبيع المواشي ، تجوب الشارع وسط الزحام وسط امتزاج لروائح الكحول وبول السكارى الذي لا تكاد تخلو منه اي زاوية بل اي جدار .
تقف عند بسطات بيع الكتب فترى الاف الكتب التي تبث افكاراً مسمومة لن تجد لها سوقاً غير ارصفة المتنبي كونها ممنوعه التداول في اغلب الدول التي لها وزارات ثقافه تحرص على عدم تسميم الفكر والعقل لمجتمعاتها ، مجلات بانواعها ، سيديات خلف الزاوية في مدخل القيصرية ممنوعه ومخلة ، بسطات اختصت ببيع المناهج المدرسية وملازم مساعدة للطالب من الابتدائية للدكتوراه ، اطاريح دراسات عليا ، والاكثر غرابة دراسات وزارية يفترض ان تكون غير قابلة للنشر فلاغرابة ان تجد دراسة بغلاف وزاري لمشروع ماء الكرخ من اعداد لجنة وزارية !
تمشي لتبحث عن المثقفين لتجد تجمعات مختلفة ابطالها فنانين لفظتهم المسارح ولم يعد لهم قيمة لا ثقافة لهم الا اجترار الماضي ونقد الحكومة سابقاً وحاضراً ومستقبلاً ولا تعرف لهم بوصلة رضىً ، مطربون مغمورين لا يعرفوا من الطرب الا ادواته وبعض النصوص لاغاني البارات والسكارى يغنون بالسنة اثقلها المشروب وحبوب التخدير .
ثم تصادف مدعي الثقافة وهم لابسي البدلات في عز الصيف وصابغي الشعر والشوارب والذين يتكلمون العربية الفصحى بتصرف غريب في قواعد النحو فلا جار ولا مجرور ولا ناصب ولا مفعول هؤلاء يمتهنون السمسرة ويقتادون الزبائن الى محلات تعطيهم اتعاباً عن كل زبون مشتري تسد ثمن ربع عرق يشتريه قبل ان يغلق الشارع ابوابه .
شارع ثقافتنا يوصي زبائنه باخذ الحيطة من كثرة النشالين والنصابين وان كنت من مدمني الحبوب فلا تبالي ففي القيصرية الثانية على اليسار ستجد مطلبك عند بسطة تبيع الاقلام !
رائحة التدخين وقيء السكارى تجبرك على اغلاق انفك بكمامة ويعترضك بائع الناي ليعزف لك مقطوعه وحينما تشتري منه ناياً يجربه قبلك ليضعه في فم تساقط اسنانه من اثر العرگ وينفخ في نايك زفيراً مشبعاً برائحة الخمر ، عربات بيع اطعمه وعصائر غاية في القذارة وقمة في التلوث ، مكبرات صوت لموشحات ومقامات او قرايات حسينية تصدع الرؤوس .
ختاماً وددت ان أسال الشارع هل انتج لنا ثقافة ؟ هل عالج لنا رواده ازمة ؟ هل انتج لنا معرفة او فكر ؟ ام هو شارع يهدم الثقافة ويؤرقها ! عذراً يامتنبي فان اسمك لوثه شارع التفاهة في قلب بغداد.