لعل عنوان المقال فيه نوع من الغرابة كون رئيس وزراء إقليم كوردستان شخصية معروفة لدى القاصي والداني والإعداء قبل الأصدقاء وشخصية جذابة وقوية ويمتلك صفات القيادة الناجحة ومن أبرع ما أفرزته الساحة السياسية على مستوى الإقليم والعراق علماً يحظى بمقبولية كبيرة على مستوى المحافل الدولية , حيث تظهر معادن الرجال عند الشدائد وفي إدارة الأزمات والمواقف الصعبة خاصة عندما يوضعون على المحك في التعامل مع الأحداث الجسيمة شرط أن يكون النجاح حليفهم في نهاية المطاف .
في السنتين الأخريتين من ولاية السيد نيجيرفان البارزاني لرئاسة الحكومة تعرض الإقليم الى أزمة مالية حادة مما حدا به للمبادرة على إعلان الإستقلال الإقتصادي عام 2015 وإمكانية بيع النفط عن طريق ميناء جيهان التركي لتوفير السيولة النقدية وتأمين الرواتب نتيجة قطع الموازنة السنوية ورواتب البيشمركة والموظفين من قبل حكام بغداد وإحكام السيطرة على آبار النفط في كركوك بعد أحداث السادس عشر من أكتوبر وفرض الحصار الإقتصادي المفتعل وغلق المطارات والمنافذ الحدودية .
للدبلوماسية الهادئة والحكمة والحنكة والدهاء دور فاعل في العمل السياسي حيث تمكن من إفشال المخطط الخبيث لهيكلة الإقليم والتعامل مع المحافظات الشمالية والذي دعا اليه مجموعة من النواب الذين لا يريدون الخير للكورد وكوردستان وكانت الغاية من إستهداف الإقليم أيقاف عجلة التقدم والتطور بحجة إجراء الأستفتاء في الخامس والعشرين من أيلول 2017 , وكذلك كسب ثقة الشركات العالمية العاملة في الإقليم بعد محاولات حكومة العبادي وإعتراضها للعمل في كوردستان بحجة عدم دستورية العقود المبرمة في قطاع النفط دون الرجوع الى الحكومة المركزية , وتم توقيع أكبر عقد لإستثمار الغاز الطبيعي في كوردستان مع شركة روسنفت الروسية العملاقة , بالإضافة الى تعزيز الثقة لدى الشركات التركية والإوربية العاملة في القطاع النفطي .
ولا ينكر دور السيد نيجيرفان البارزاني في إدارة ملف النازحين وإستيعاب ما يقارب ملونين نازح ولاجىء من داخل وخارج العراق وتأمين ظروف العيش وتوفير الخدمات الضرورية مما أضاف عبأ ثقيلاً على كاهل حكومة كوردستان في ظل الأزمة المالية التي عصفت بالإقليم , بالإضافة الى إدامة زخم المعركة في سواترالعز والشرف دفاعاً عن الأرض والمكتسبات من خلال تواصل إمدادات الأسلحة والعتاد والمواد اللوجستية لقوات البيشمركة الأشاوس خلال السنوات الأربع الماضية لمواجهة أعتى منظمة إرهابية في تأريخ العراق المعاصر .
لابد من الإشارة الى المشروع الإصلاحي في المؤسسات الرسمية والحكومية والذي تبناه ودعا اليه السيد نيجيرفان البارزاني بدأً من العمل بمشروع النظام البايومتري لرواتب الموظفين لقطع الطريق على المتلاعبين بالمال العام وتبسيط الإجراءات في الدوائر الحكومية والتقليل من الروتين ومحاربة الفساد والقضاء على بؤر المفسدين من خلال إقرار مجموعة من القرارات الشجاعة والجريئة والتي تخص القطاع الصحي وقرار إنهاء الرواتب المدخرة لموظفي الإقليم بعد إنتعاش الوضع الإقتصادي والبدء بإكمال المشاريع الحيوية للبنى التحتية المتوفقة عن العمل وإفتتاح مجموعة من محطات توليد الطاقة الكهربائية .
هذا غيض من فيض مما قدمه السيد نيجيرفان البارزاني في السنوات التي خلت من عمر حكومته وكلنا أمل في برنامجه الإصلاحي في الكابينة الوزارية الجديدة بعد أن تمكن الحزب الديمقراطي الكوردستاني من الحصول على أعلى عدد من المقاعد في برلمان كوردستان في دورته الخامسة كونه القوة السياسية الأولى على مستوى العراق والأقليم وتشكيل الحكومة بأغلبية مريحة وإستلام رئاسة الوزراء وإستكمال المسيرة من حيث ما أنتهت فترة الحكومة السابقة خدمة للكورد وكوردستان .
منطقة المرفقات