معضلة الفساد الإداري في دوائر الدولة تعلن عن نفسها بمجرد أن تدخل دائرة لإنجاز معاملة ما, والحلول ضئيلة أن لم تكن معدومة على الرغم من أنها معلومة ومتاحة الا ان الهيمنة الحزبية تلقي بظلالها على الدوائر, فلكل وزير مجموعة مدراء ولكل حزب حصة وهكذا تدار الأمور في الزوايا المظلمة.
بعض المدراء في دوائر الدولة لم تصل اليهم أذرع التغيير والإصلاحات فهم في أماكنهم من اكثر من عشر سنوات, وكل مدير له حاشية وسماسرة والدوائر تحولت الى أسواق (شكد تدفع وامشي معاملتك), بل أن بعضهم ذهب لأكثر من ذلك لا يكتفي بمبلغ ولا يقف عند حد, بل يعتمد المماطلة والتسويف وكل توقيع له ثمن معين (بزود السيد المدير المخضرم) الذي يقدم الأتاوة لحزبه ثمنا لبقائه في منصبه.
هكذا تحولت بعض الدوائر الى مسالخ بعلم الدولة, نزولا عند رغبة الاحزاب, بناءً على حصص معلومة, وتبقى مافيات الدوائر الرسمية خارج طائلة التغيير والحكومة عاجزة تتفرج عن مكافحة تلك الأمراض المستعصية التي تفتك بالعراق.
يبدو إن الجذور الحزبية لتلك المافيات قد نمت بشكل متسارع, وأصبح الحديث عن تغيير المدير تهديد لوجود حزب, وتحدي لكتلة فأي رئيس وزراء يقدم على مبادرة التغيير يجد نفسه امام استجواب, وسين وجيم ولهذا يبقى الوضع على ما هو عليه, ويبقى هؤلاء تحت مسمى كفاءة ومدير نزيه أفضل من الدخول لعش الدبابير ومواجهة من يقف وراء المدير!
كل تغيير يبقى منقوصا ما تحل أزمة المسالخ الحكومية, التي تسمى دوائر والتي أجهز مدرائها على مقدرات وكرامة المواطن, وهم يعيثون في اروقة الدولة فسادا, تحت مسمى مدير كفوء في العلن بينما الخفاء يتحدث عن حرب إرادات للأحزاب فيها اليد الطولى, ليبقى المواطن تحت رحمة المدير وحاشية المدير المنهمك بجمع الغلة, ويرفع شعارا خارج نطاق التغيير!